إلي أي مدي يمكن أن يتصاعد المد العدائي للسلطة القضائية؟ جماعة الإخوان نظمت مظاهرة حاشدة أمام دار القضاء العالي رافعة شعار "تطهير القضاء" ويتم الإشارة إلي أن هناك بعض القضاة الفاسدين.. وهو اتهام مرسل لا يقوم علي أساس إلا أن المتظاهرين لا تعجبهم أحكام البراءة التي تصدر لرموز النظام السابق وللمتهمين بقتل الثوار. والمتظاهرون وهم يقفون هذه الوقفات الاحتجاجية لا يغيب عن خاطرهم الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب. والذي يمكن أن ينسحب علي مجلس الشوري الذي يملك سلطة التشريع والرقابة الآن.. ولا يغيب عنهم حكم الإفراج عن الرئيس السابق حسني مبارك علي خلفية انتهاء المدة المقررة قانونا لحبسه احتياطيا علي ذمة قضية قتل المتظاهرين.. وغير ذلك من الأحكام التي لا ترضيهم.. بل تثير حنقهم. ولكن السؤال: هل القضاة يتعمدون إصدار هذه الأحكام بالبراءة بالمخالفة للقانون؟ بمعني أنهم يعرفون أن هؤلاء الأشخاص مدانون ولديهم الدليل علي ذلك ثم يخالفون ضمائرهم ويتجاهلون القانون ويصدرون هذه الأحكام بالبراءة؟! العقل والمنطق وتاريخ القضاء المشرف والنزيه في مصر يبرئ القضاة من هذه التهم.. القاضي عندما يجلس علي المنصة مثله كمثل من يدخل حجرة معقمة فيكون الله نصب عينيه دائمًا ويكون ضميره هو المحرك لفكره فيأتي حكمه علي هذا النحو العادل. صحيح قد يخطئ بعض القضاة.. وليس ذلك بأمر غريب أو بأمر مستهجن لأن القاضي بشر يخطئ ويصيب.. وخطؤه قابل للإصلاح من خلال المحاكم الأعلي.. الاستئناف والنقض. نعود للسؤال: إلي أي مدي يمكن أن يتصاعد المد العدائي للسلطة القضائية؟! هل هذه المظاهرات والوقفات أمام دار القضاء سوف يترتب عليها إجراءات تمس هذه السلطة.. خاصة أن هؤلاء المتظاهرين طالبوا بمحاكمة النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود ورئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند.. فهل ستتم محاكمتهما بالفعل؟ وما هي التهم المواجهة إلي كل منهما؟ بل ان التظاهرات طالت وزير العدل نفسه المستشار أحمد مكي وطالب المتظاهرون بإقالته. لأنه استنكر عملية التظاهر ضد القضاة وقال إن هذا أمر مرفوض.. كما أنه أعلن أنه سيقدم استقالته إذا صدر تشريع بخفض سن التقاعد للقضاة. المتظاهرون لم يعجبهم ذلك رغم أن الرجل ينتسب إلي القضاة قبل أن يكون مسئولا تنفيذيا يشغل منصب وزير العدل. سؤال آخر: ماذا سيترتب علي صدور قانون جديد أو تعديل قانون السلطة القضائية إذا لم يحز هذا التعديل الرضا والقبول من القضاة؟! لا شك أن الخلاف سيستحكم أكثر. ويصل التوتر إلي ذروته.. وعندئذ سيكون للقضاة موقف متشدد مقابل موقف السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. القضاة هددوا بتعليق العمل في المحاكم.. وهددوا بتدويل قضيتهم.. فهل هذا هو المطلوب في الوقت الذي ندعو فيه إلي التوافق واستقرار الأوضاع للانطلاق إلي المستقبل؟!