ليس شيئاً مريحاً أن يكثر الحديث عن الفساد في السلطة القضائية هذه الأيام.. هناك سلسلة حلقات يتصل بعضها ببعض كلها تصب في اتجاه واحد هو ضرب السلطة القضائية بقوة حتي لا تكون هناك مؤسسة في مصر تحفظ لها حيادها وترسخ مبدأ العدل وسيادة القانون. بدأت هذه السلسلة منذ أكثر من عام عندما أعلن المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشعب الذي تم حله بحكم من المحكمة الدستورية العليا أن هناك 300 قاض فاسدون وأحدثت هذه المقولة ضجة آنذاك ورد فعل غاضباً لدي السلطة القضائية. وقبل ما يقرب من أسبوعين خرج علينا المرشد العام السابق لجماعة الإخوان السيد مهدي عاكف بتصريح قال فيه إن السبب وراء حل مجلس الشعب أنه كان سيصدر تشريعاً يخفض سن التقاعد للقضاة ليتم بموجبه إخراج 3500 قاض من الخدمة. وبالأمس نشرت صحيفة "الأخبار" علي لسان مسئول بوزارة العدل لم تحدد اسمه أن هناك عملية تطهير للقضاء تتم بأسرع وقت وبصفة مستمرة وأن هناك جهتين للتحقيق في البلاغات المقدمة ضد القضاة. وهما التفتيش القضائي بالوزارة ودائرة شكاوي المواطنين ضد القضاة وتتبع مكتب وزير العدل مباشرة.. وأن هناك أكثر من ألف شكوي ضد عدد من القضاة. وفي السياق نفسه أعلن المستشار هشام رؤوف مساعد وزير العدل أنه بالفعل هناك حركة تطهير كبيرة للقضاء لكنها تتم في سرية تامة بعيداً عن وسائل الإعلام نظراً لما يتمتع به القضاء من حصانة!! والسؤال هنا: أين هي هذه السرية بعد أن تم تشويه صورة القضاء بصورة متعمدة.. وأذعتم أن الفساد منتشر فيه.. لقد تم هز صورة القضاة بل تشويه هذه الصورة بأيدي وبتعمد من بعض رجال القضاء أنفسهم لأغراض وأهداف معروفة لا تخفي علي ذوي الألباب. ولم تنس المصادر المسئولة بوزارة العدل أن تعرج علي موضوع المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة وتقول إن واقعة تقدم النيابة بطلب إلي مجلس القضاء الأعلي لرفع الحصانة عنه تمهيداً للتحقيق معه في قضايا تتعلق باستغلال النفوذ.. هذه الواقعة صحيحة. وآخر الحلقات في هذه السلسلة حتي الآن هي المليونية التي دعت إليها التيارات الإسلامية اليوم لتطهير القضاء. إلي أين تقودنا هذه الدلالات نحو السلطة القضائية؟ وهل هناك ضوء أخضر من السلطة التنفيذية للمضي قدماً في هذا التوجه؟ وهل قانون السلطة القضائية الذي من المفترض أن يناقشه ويصدره مجلس الشوري سوف يصب في تهدئة الأوضاع السياسية ويجعل هذه السلطة تستكين وترضي بما هو مقسوم؟! مصر مازالت في مرحلة مخاض بعد الثورة فإما أن يترتب علي هذا المخاض مولود سليم صحيح البنية وإما أن يولد ميتاً وهذا يعتمد علي مهارة الطبيب المشرف علي العملية.