فجر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم مفاجأة من العيار الثقيل عندما أعلن عن منح المواطنين الضبطية القضائية مطالباً إياهم بإلقاء القبض علي من يقوم بقطع الطرق أو تخريب المنشآت أو منع الموظفين من القيام بأعمالهم كما يحدث في "العصيان المدني" أو غلق مجمع التحرير علي سبيل المثال. ورغم أن الجميع لا يوافق علي إجبار المواطنين علي العصيان. أو قطع الطرق أو تخريب المنشآت. إلا أن دعوة النائب العام للمواطنين بالقبض علي فصيل من الشعب من دون الشرطة وهي الجهة الوحيدة صاحبة الاختصاص من شأنها أن تكرس لمزيد من الفوضي مما يزيد مناخ الاستثمار سوءاً ومن شأنها أيضاً أن تؤدي إلي الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد. فمن يضمن علي سبيل المثال ألا يتم استغلال هذه الدعوة في تصفية حسابات مع البعض وإلقاء القبض علي متظاهرين سلميين بدعوي أنهم مخربون. ويصبح من المألوف أن نسمع عبارة "امسك مخرب أو امسك متظاهر" بدلاً من عبارة "امسك حرامي". هذه الدعوة قد تؤدي إلي خلق ميليشيات مسلحة تستطيع القيام بأعباء الضبطية القضائية الشعبية من إلقاء القبض علي الآخرين لأنه بطبيعة الحال لن يستطيع أحد القبض علي مخرب بالضربة القاضية. وبذلك تضفي هذه "الدعوة" الشرعية علي ما أعلنت عنه جماعات إسلامية هنا وهناك عن قيامها بحماية الأمن في الشارع بديلاً للشرطة التي أضرب قطاع منها عن العمل. بالفعل رحبت جماعات إسلامية بالضبطية القضائية للمواطنين وخرج علينا "عاصم عبدالماجد" عضو مجلس شوري الجماعة ليؤكد أن قرار النيابة هذا تأخر كثيراً وأنه سيساعد في خفض معدلات التخريب لأن الشرطة "مغلولة الأيدي" ولا تستطيع مواجهة المخربين وحدها كما أصدر "مراد علي" المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين بياناً يؤكد فيه أن التيارات الإسلامية تبدي استعدادها لملء الفراغ الأمني. وقد لا يكون هذا الترحيب الإسلامي بقرار النائب العام من باب الصدفة وربما كان يعكس تنسيقاً بين الجانبين. "دعوة النائب العام" قد تفهم من البعض علي أنها غطاء شرعي لحماسبة المتهمين بالبلطجة مثلما حدث في بعض المحافظات من قتل بلطجية والتمثيل بجثثهم من جانب المواطنين. صحيح الدعوة طلبت إلقاء القبض فقط وتسليم المتهمين للشرطة أو الجيش لكن من يضمن عدم تطور الأمر وحدوث معارك قد تصل إلي حد القتل أو الإصابة. لاشك أن هذه الدعوة الغريبة والتي لم نسمع بها من قبل سوف تؤثر بالسلب علي مناخ الاستثمار وتقضي علي البقية الباقية من الاستثمارات الأجنبية في مصر وربما أدت إلي هروب الاستثمارات المحلية أيضاً خاصة بعد أن يتحول المواطن إلي شرطي سري يحمل ضبطية قضائية بقرار من النائب العام.