أحياناً عندما تكون المشكلة مستعصية الحل ولا نملك منفذاً لاقتحامها نتركها لعامل الوقت ونقول: "بكرة الزمن يحلها" ثم نهملها ولا نعطي لها أي اهتمام.. وننصرف عنها لشئون أخري علي أمل أن ييأس أصحاب المشكلة ويسلموا أمرهم لله. ونحن لا شك أمام مشكلة صعبة هي مشكلة إحدي محافظات مصر ال 26 وهي محافظة بورسعيد التي أعلنت العصيان المدني وتوقفت مظاهر الحياة فيها.. فلا مدارس ولا جامعات.. ولا مصانع ولا شركات.. ولا مصالح حكومية ولا مرافق عامة ولا تجارة ولا محلات. وكلنا نذكر أنه كان لنظام الرئيس السابق حسني مبارك موقف معاد من بورسعيد بعدما نشر عن محاولة الاعتداء عليه.. وظلت المدينة تمثل عقدة لنظام مبارك.. فهل امتد كره النظام السابق لبورسعيد إلي النظام الحالي وأصبحت المدينة محل عدم رضا منه؟! مؤسسة الرئاسة- في محاولة لإرضاء المدينة الثائرة- أعلنت عودة بورسعيد لتكون مدينة حرة. وأقر مجلس الشوري ذلك.. كما أن الرئاسة قررت اعتماد 400 مليون جنيه من إيرادات قناة السويس للمساهمة في تنمية محافظات القناة الثلاث بورسعيد والسويس والاسماعيلية. أهالي بورسعيد لم يرتضوا بهذه الهبة. وقرروا الاستمرار في عصيانهم حتي تجاب مطالبهم وفي مقدمتها القصاص ل 41 من شهدائهم في الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينتهم. فهل ستستجيب الدولة لمطالبهم لإنهاء هذه المشكلة ووضع حد لها وتقدم المتسببين في قتل الشهداء إلي المحاكمة ليتم القصاص منهم أم ستتغاضي عن هذا المطلب بالذات. وتترك المشكلة للزمن ولمرور الوقت لعل أهل بورسيعد يصيبهم اليأس ويعودون إلي حياتهم الطبيعية؟! الأنباء حتي من الصحف القومية تشير إلي أن الأزمة تتصاعد بشكل ينبئ بعواقب سيئة.. فعنوان صحيفة الأهرام يقول: الإضرابات ترفع بورسعيد من الخدمة.. توقف المصانع والمدارس.. والمدينة تطلب اعتذار الرئاسة. وعنوان الجمهورية: عصيان بورسعيد.. دخل مرحلة الخطر.. الفوضي تهدد قرض الصندوق. وعنوان المساء: بورسعيد.. علي فوهة بركان.. العصيان المدني يخيم علي كل المرافق والمصالح الحكومية. وعنوان الأخبار: بورسعيد مغلقة حتي اشعار آخر.. ندب قاض للتحقيق في الأحداث. مرة أخري.. ماذا ستفعل الدولة بالنسبة لمشكلة بورسعيد؟ هل هناك رؤية لديها لحل المشكلة أم ستتركها للزمن وللنسيان حتي يدب اليأس في النفوس؟! وهل تستطيع الدولة تحمل خروج محافظة بكاملها من الخدمة اقتصادياً وأمنياً وإنتاجياً.. وهل ستضحي الدولة بمواطني المحافظة حتي لا تنحني أمام مطالبهم. الأنباء تقول أيضاً إن هناك 8 محافظات أخري في طريقها للعصيان.. فهل ستنفع معها سياسة الإهمال واللامبالاة؟ أم سيكون هناك رد فعل إيجابي لاحتواء هذه المواقف؟!