* يقول سلامة رجب "مزارع" مازلنا نزرع بمياه الصرف الصحي رغم أن وزارة الزراعة ألزمتنا بالري عن طريق الآبار الارتوازية ولكن للأسف عددا من يلتزم بذلك قليل.. مؤكداً أن الأرض في هذه المنطقة وهي بجوار المنطقة الصناعية بالخانكة أراض رملية ولذلك فهي تحتاج كميات كبيرة من المياه. أضاف ان المياه في الآبار الارتوازية ضعيفة وقليلة ولا تكفي احتياجاتنا ولذلك فليس أمامنا إلا مياه الصرف الصحي هذا بخلاف أن تكلفة الآبار الارتوازية مرتفعة ولا تتناسب مع أحوالنا ا لمادية الضعيفة. يتساءل عبدالعزيز مصطفي "مزارع": ماذا نفعل وليس أمامنا حلول أخري؟ ياليت المسئولين يستمعون لنا ويقومون بمد ترعة نستطيع أن نروي أراضينا العطشي من مياهها. مؤكداً أن مياه الصرف الصحي تعطي محاصيل أفضل من حيث الشكل والطعم لأنها مغذية ولا يهمنا إذا كانت هناك أضرار أو خطورة من أكل هذه المحاصيل من عدمه لأننا أول من يأكل من هذه المحاصيل.. وربنا الستار!! أضاف: نزرع الخضروات بجميع أنواعها والتي تخرج لنا أفضل الإنتاج عكس الحال إذا روينا الأرض بمياه الآبار الأرتوازية حيث يأتي النبات ضعيفاً ولا يعطي النتيجة المرجوة. ويشاركه في الرأي محمود عبدالرحمن "مزارع" الذي يؤكد أنهم يزرعون من الآبار الارتوازية وعندما تكون المياه ضعيفة يلجأون لمياه الصرف الصحي خوفاً علي المحاصيل من العطش. * يقول المهندس منصور بدوي رئيس مجلس إدارة شركة الصرف الصحي بالقاهرة الكبري: نقوم بمعالجة مياه الصرف الصحي ونلقي بها في المصارف وليس الترع وهذا متفق عليه مع وزارتي الزراعية والري وأيضا تتم الاستعانة بالمياه المعالجة في محطة البركة بالسلام - وقد قامت "المساء" بزيارتها - في ري المسطحات الخضراء وأشجار الزينة في القاهرةالجديدة ومدينة الشروق.. أضاف ان الشركة لديها نوعان من المعالجة الأول معالجة ثنائية وهي مرحلتان ابتدائي ونهائي.. والثاني معالجة ثلاثية "ابتدائي ونهائي وترشيح" مشيراً الي استخدام هذه المياه في زراعة الغابات الشجرية فقط طبقا للكود المصري. أشار بدوي إلي أن الاتحاد الأوروبي درس هذا الموضوع في حوار "سيداري" الخاص بالتخطيط لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج في نهاية الشهر الماضي تحت رعاية وزارة الموارد المائية والري وشارك فيه وزارات الزراعة والصحة والبيئة والصناعة. وأننا موجودون بصفتنا مسئولين عن معالجة مياه الصرف الصحي. وقد طالب هذا الحوار بتغيير الكود المصري لتوسيع استخدام مياه الصرف الصحي المعالج في الزراعة. يشير المهندس محمد سعد وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية إلي أن من يقوم باستخدام مياه المصارف ولديه ماسورة ارتوازية يجب أن يحاكم لأنه يضر بنفسه وبكل أفراد الشعب المصري. أضاف:: نقوم بتحرير مخالفات لأي مزارع يروي من مياه الصرف ثم نحولها للري لأنها هي المختصة بتوفير المياه للأراضي سواء بتوصيل المياه عن طريق شق ترع جديدة أو عن طريق تطهير الترع حتي تصل المياه إلي الأراضي المزروعة. موضحاً أن المزارع المصري ينقصه الوعي ومعرفة أخطار ما يقوم به. يؤكد المهندس أحمد حسين "وكيل وزارة الري السابق بالقليوبية" أن ما يحدث في الخانكة يدمر الصحة ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام مياه المصارف والمشكلة أن بعض القري ليس بها شبكة صرف صحي الي الآن وبالتالي يلقون بمخلفاتهم في هذه المصارف. أضاف: المزارع لا يهمه شيء سوي أن يري ما يزرعه ينبت ويكبر وفي النهاية يحصد ويجني ثمار ما زرعه ولا يهمه مصدر المياه التي يروي بها ولذلك علي المواطن قبل أن يروي أرضه عليه أخذ عينة من مصدر تلك المياه لتحليلها حتي يتأكد من مدي صلاحيتها. أشار حسين إلي أن ما يزرعه المواطن يأكل منه هو أولاً وأسرته وباقي أهله وبالتالي فلابد أن يكون أكثر حرصاً علي الاهتمام بما يزرعه وبالمياه التي يروي بها. أما المهندس جمال الكومي "مدير الإدارة الزراعية بأبوزعبل" فيقول: ألزمنا من يذرع 10 أفدنة فأكثر بتركيب ماسورة ارتوازية من باطن الأرض حتي لا يلجأ إلي مياه المصارف والممنوع الري بها تماماً. أضاف: أما بالنسبة لمزرعة الجبل الأصفر فهي تابعة لهيئة الصرف الصحي وقامت بايجارها لأهالي الخانكة لزراعتها ومن يتجاوز ويزرع بمياه الصرف نحرر مخالفات له في الحال لخطورته الكبيرة علي صحته فيما بعد والمزارعون لا يهمهم إلا رؤية محاصيلهم تنتج ونحاول بدورنا أن نوضح لهم خطورة تناول المحاصيل التي يتم ريها بهذه المياه لكنهم لا يهمهم سوي أنفسهم. يوضح د. محمد السعيد الزميتي أستاذ المبيدات بجامعة عين شمس أن ري الخضروات بمياه الصرف الصحي مشكلة كبيرة جداً لأن هذه المياه بها عناصر ثقيلة مثل الرصاص مؤكداً أن هذه المياه غير صالحة علي الإطلاق حتي ولو تم خلطها بمياه من نهر النيل لأن النبات لديه قدرة علي امتصاص كميات كبيرة من العناصر الضارة. أضاف أن هناك ثلاثة أنوع من المعالجة "أولي وثنائي وثلاثي" ولكي تكون المياه صالحة فلابد أن تكون معالجة ثنائياً علي الأقل وأن يتم تخصيصها للغابات الشجرية وليس المثمرة منوهاً إلي خطورة ري الخضروات الطازجة بهذه المياه مثل الخيار والخس والطماطم والفراولة لانها تؤكل دون طهو أو إعداد وهذا يرفع نسبة الخطورة. أشار د. الزميتي إلي أن الخطورة تزداد اكثر علي الأطفال غير البالغين لعدة أسباب أبرزها أن أجهزة الأطفال تكون غير مكتملة النمو وأهمها علي الإطلاق أجهزة المناعة الأمر الذي يعرضهم للإصابة بأمراض كثيرة حيث تختلف طبيعة أنشطة الأطفال عن البالغين.. محذرا من العناصر الثقيلة مثل الرصاص والكدمنيوم والنيترات لأن المستويات العليا لهذه المواد ذات خطورة كبيرة جداً. أوضح أن تناول مثل هذه الخضروات قد يسبب نوعين من التسمم الأول: التسمم الشديد ومعروف باسم تسمم حاد ويتميز بالظهور السريع للأعراض ويمكن تداركه ومن أعراضه وجع البطن والحرقان والغليان والقيء والارتعاش.. أما النوع الثاني فهو الأخطر لأن أعراضه تظهر علي المدي الطويل وهو معروف باسم "التسمم المزمن" وسببه تكرار تناول هذه الأغذية علي المدي الطويل مما يحدث تراكماً وبالتالي تظهر أمراض خطيرة مثل أمراض الكبد والكلي. ولمعرفة وجود الرصاص في جسم الإنسان أكد د. الزميتي أن ذلك يمكن دون تحليل وذلك بظهور خط أزرق في اللثة وهذا يدل علي وجود كميات كبيرة من الرصاص سواء تناولها الإنسان في الغذاء أو استنشقها من الهواء. منوها إلي تأثير الرصاص علي القدرات العقلية والذهنية للإنسان بشكل سلبي. أشار د. الزميتي إلي أنه من الصعب معرفة أن هذه الخضروات تم ريها بمياه صرف صحي من عدمه بمجرد المعاينة الشكلية لأنها امتصت عناصر ثقيلة تحتاج تحليلاً معملياً عكس المبيدات التي يمكن معرفة رشها للنبات بسهولة وذلك من طريق الرؤية أو اللمس أو الطعم أو الرائحة. حذر د. الزميتي من توزيع مسئولية الغذاء علي أكثر من جهة في مصر فالأفضل أن تكون جهة واحدة حتي يمكن محاسبتها وأن يكون لهذه الجهة برنامجاً قومياً لأخذ عينات من هذه الاغذية سواء من الحقول أو من الأسواق وتحليلها بشكل دوري وأن يتوفر لهذه الجهة الإمكانيات والمعامل المعتمدة التي تمكنها من أداء دورها علي أكمل وجه.. منوها إلي دور المواطنين في الاستجابة لكل الرسائل الموجهة لهم سواء عن طريق الإعلام أو المتخصصين وضرورة الابتعاد عن أي أغذية بها خطورة علي صحتهم فوراً لأن الوقاية خير من العلاج. أكد د. مدحت محفوظ "استشاري زراعي" أن مياه الصرف الصحي لو كانت مقصورة علي إخراج الإنسان فقط من مياه وبراز لأصبحت الاستفادة منها شيئاً مهماً ومفيداً لأنها في هذه الحالة سوف تستخدم كسماد عضوي مفيد للأرضي الزراعية مشيراً إلي أن المشكلة الكبري هي مخلفات المنظفات الصناعية لأن بها مواد سامة ضارة علي حياة الإنسان. أضاف ان هذه العناصر السامة لا تتكسر في التربة مع مرور الزمن ولو وصلت إلي النبات عن طريق الري فسوف تترسب داخله وبالتالي سوف تصل إلي الانسان عن طريق الطعام ولو وصلت إلي الانسان سوف تترسب داخل الكبد والكلي لأنها مواد ثقيلة وينتج عنها أمراض خطيرة. أشار د. محفوظ إلي أهمية معالجة مياه الصرف الصحي قبل استخدامها في ري أي محاصيل يتناولها الإنسان خاصة لو اشتملت علي عناصر سامة مثل الرصاص. ولهذا يتم استخدام المياه المعالجة في محطات الصرف الصحي في ري الغابات الشجرية للانتفاع بأخشابها بعيداً عن المحاصيل التي يستخدمها الإنسان. يقول د. محمد عبدالهادي قنديل "أستاذ المبيدات بجامعة القاهرة" إن مياه الصرف الصحي بها معادن ثقيلة مثل الرصاص وهي تمثل خطورة كبيرة علي صحة الإنسان لو زادت عن النسب المسموح بها ولهذا فاستخدام مياه الصرف الصحي في ري محاصيل يتناولها الانسان تمثل كارثة كبيرة. أضاف ان المياه التي تم معالجتها في محطات الصرف الصحي يتم استخدامها في ري الغابات الشجرية ليس أكثر متوها إلي عدم وجود شبكات صرف صحي بالقري وبالتالي تلقي هذه القري مخلفاتها في الترع والمصارف ولذلك فلابد من حل المشكلة من المنبع بتوصيل شبكات الصرف الصحي إلي كل مكان حتي نقضي علي هذه الظاهرة الخطيرة.