السودان احد البقاع الساحرة في القارة الافريقية.. تعودت وعودت قارئ "المساء" عندما سافر إلي أي بلد من بلاد العالم أن أعيش معه كأنه مسافر معي استدرجه بعيدا عن السياسة وهمومها والأدب وفلسفته أغوص في أعماق البلد الذي أزوره ولأن السودان جزء منا ونحن جزء منه فعاداته وتقاليده تكون أكثر تشابها منا فنحن وهم نشرب من ماء واحد فتجد الدم واحدا وان اختلف اللون بحكم الظروف المناخية. السودانيون لهم طبيعة خاصة رغم اننا من عرق واحد وديانة واحدة نتكلم العربية الفصحي ويجمعنا بهم المذهب السني يحبون الاختلاط والعشرة.. النساء محتشمات بالطبيعة ويحترمون القانون متدينون بطبعهم يحفظون القرآن ويواظبون علي الصلوات في أوقاتها منتشرون في الأسواق.. يحبون قيادتهم وان اختلفوا معها لا يتحدثون في السياسة نزلت من الطائرة الثالثة قبل الفجر وجدنا المسئولين في انتظارنا نصف ساعة وكانت الاجراءات قد تمت في يسر وسلاسة وحفاوة وكرم في الضيافة لمدة أيام.. وخلدنا للنوم وقمنا بزيارة لمدينة الخرطوم مدينة بسيطة مثل أهلها بسطاء كرماء.. زرنا المسجد الكبير وأدينا صلاة الظهر.. المسجد تحفة معمارية يقولون ان المهندس الذي قام بتصميمه نال عنه درجة الماجستير في العمارة بدرجة ممتاز.. المسجد عبارة عن قبة واحدة يتسع لأكثر من ألفي شخص مرصع بالأحجار الكريمة مقام علي النيل الأزرق في الخرطوم ودورات المياه أسفل البنيان هناك سبيل للمياه المبردة خارج المسجد يجمع ما بين 20 إلي 30 صنبورا تخرج منها المياه المبردة به حديقة وموقف للسيارات تسع لأكثر من ألف سيارة نعم تحفة معمارية نادرة.. وتخيل معي النيل الأزرق علي شمالك والأبيض علي يمينك. الأزرق له لون أسمر والأبيض نهر علي مسمي بينهما جسر وجزيرة عرضها ما بين 400 إلي 500 متر علي ضفاف النيلين تجد النساء بين كل كيلومتر تقوم بعمل نصبة شاي بجوارها كراسي كثيرة يجلس عليها الجميع للاستمتاع بالنيل وشرب الشاي .. الشيشة ممنوعة منعا باتا بناء علي قرار سيادي من الحكومة.. تري وسط كل هذا مبني عظيما هو مبني البنك الأهلي أعلي بناء في الخرطوم وكان قد افتتحه منذ شهور د. هشام قنديل رئيس الوزراء.. والسودان اتخذ خطوة غير مسبوقة وهي منع المقاهي وشرب الشيشة وتطبق غرامة الغلق والحبس والغرامة نصف مليون جنيه سوداني والذي تصادف أن يشربها يغرم مائة ألف جنيه.. تطرقت للسؤال لماذا هذه القسوة.. أكدوا ان شباب الجامعات والشابات انصرفوا عن الدراسة وبدأوا في التسرب من المدارس فكان القرار فقامت الحكومة بسن هذا القانون والتزم به الجميع عن طيب خاطر.. والمحلات تغلق أبوابها السابعة مساء ما عدا المأكولات والصيدليات والبقالة وتفتح بعد صلاة الفجر السادسة من الصباح والناس راضون.. والسودانيون يحترمون القانون اشارات المرور لم تقطع ولم يخالف احد الاشارات رغم انه لا يوجد شرطي ينظمها بل كلها الكترونية الانضباط.. وقندهار ليست مدينة في افغانستان فقط بل هي ايضا تطلق علي حي في الخرطوم اطلق عليه هذا الاسم نظرا لطبيعته الجبلية النائبة وهو عشش من الخوص عبارة عن مطاعم أمامها اللحوم المذبوحة لتوها من عجول وخراف وجمال ويطلبها الزائرون من اللحوم وأمام تلك العشش سيدات يقمن بشي اللحوم نظير أجر الشواء يأكل بيده ويجلس علي الأرض وأمامه الصواني النحاسية المعد عليها الأكل المشوي من جميع الأنواع.. بعدها يقدمون مشروبا مهضما للأكل وهو عبارة عن لبن مخلوط بالسفن أب وبعدها يقدمون الشاي والقهوة. النسوة هناك متحشمات لا تري أيا منهن سوي فقط اللاتي يقمن بالبيع والشراء واللاتي يقدمن الشاي والقهوة أو العاملات في الفنادق وتجدهن محجبات لم أر واحدة منهن سافرة.. ويقول السودانيون ان الدين الاسلامي يبيح أربع زوجات لكننا نكتفي بواحدة فقط والقليل لدينا هو الذي يتزوج أكثر من واحدة ويعيش السودانيون اخوانا متحابين رغم اختلاف الأديان والعقائد.. وذهبنا في اليوم التالي لمنطقة الجزيرة علي بعد 177 كيلو مترا جنوبالخرطوم الأرض منبسطة كلما مررنا بقرية استوقفونا وقاموا بتقديم البلح والفول السوداني.. تحدثت مع مرافقي وسألت كم من الأفدنة تمتلك قال أنا رجل فقير أمتلك ألف فدان فقط و4 بقرات و400 رأس من الغنم قلت انت فقير فعلا وضحكت. * كم سعر الفدان 200 جنيه فقط نحن لدينا 51 مليون فدان قابلة للزراعة في السودان والجزيرة وحدها تزرع 6.5 مليون فدان كما نشاهد. استجبنا لدعوته للغداء في احد قصور الأثرياء السودانيين بهيئة الاتحاد الزراعي السوداني قصر مساحته مائة فدان مشيد علي النيل الابيض به اسود وحيوانات وأشجار المانجو تغطي القصر من كل نوع مقر القصر تحفة معمارية علي شاطئ النهر حديقة مباشرة علي الشاطئ مصفوف بها الكراسي والطاولات وهناك سياج من السلك علي حافة النهر.. والعشاء من جميع أنواع المأكولات من الاسماك واللحوم والدواجن مطهاة علي أعلي مستوي.. دخلنا الصالون به من الداخل أكثر من 20 صالونا يتسع لحوالي 300 فرد في آن واحد قدموا لنا المشروبات.