وجه د. محمد مرسي رئيس الجمهورية بياناً للأمة الليلة الماضية بمناسبة الانتهاء من اقرار الدستور الجديد.. أكد د. مرسي أن مصر تمتلك لأول مرة في التاريخ دستوراً حراً ليس منحة من ملك ولا فرضاً من رئيس ولا املاء من مستعمر.. دستور صنعه الشعب. أضاف الرئيس إنه بإقرار هذا الدستور انتقل التشريع الي ممثلي الشعب في مجلس الشوري حتي اتمام بناء السلطة التشريعية بانتخاب مجلس للنواب وبدأ يكتمل نظامنا الديمقراطي. مؤكداً أنه لا عودة للوراء ولا عودة إلي عصر الرأي الواحد والاغلبيات الزائفة المصنوعة. شدد الرئيس علي أنه لن يسمح بأن يتحمل المواطنون الأقل دخلا مزيداً من المعاناة مشيراً إلي أنه سيقوم بكل التغييرات الضرورية لدفع الاقتصاد وزيادة النمو والتنمية الشاملة وأن الايام القادمة ستشهد انطلاق مشاريع جديدة في مجال الخدمات والانتاج وحزمة من التسهيلات للمستثمرين لدعم السوق المصري واقتصاده. وفيما يلي نص كلمة الرئيس محمد مرسي إلي الأمة نقف اليوم لنحتفي ونحتفل بدستورنا الجديد. إنه يوم تاريخي مشهود. لقد أصبح لمصر وللمصريين دستور حر ليس منحة. من ملك ولا فرضًا من رئيس ولا إملاء من مستعمر. ولكنه دستور اختاره شعب مصر بإرادته الحرة الواعية ومنحه لنفسه. واستطاع هذا الشعب العظيم أن يثبت للعالم أجمع أن حضارته الضاربة في أعماق التاريخ مازالت حية في واقعه. فقد تم الاستفتاء في شفافية كاملة وبإشراف قضائي كامل ومراقبة من الإعلام ومنظمات المجتمع المدني. وفي ظل إقبال المواطنين وتعاونهم وحماية من جيش الشعب وشرطته. فتحية للشعب الذي خرج ليقول كلمته وتحية للجنة العليا للانتخابات وهي لجنة قضائية. ولرجال القضاء الشرفاء الذين كانوا حريصين علي أن يعبر الشعب عن إرادته. وتحية لقواتنا المسلحة الباسلة التي تحمي الحدود ولا تتخلف عن داعي الوطن والشعب إذا دعاها. وتحية للشرطة المصرية التي ستظل أمينة علي واجبها. تحمي الأمن وتصون الحقوق وتلتزم بالقانون. مرحلة جديدة ومن هنا فإنني أتوجه بالشكر والتقدير إلي هؤلاء وإلي كل من شارك في إدارة هذا العمل الوطني الكبير من الرجال والنساء العاملين المدنيين أمناء اللجان ومعاونيهم من أجل أن ننهي هذه المرحلة إلي مرحلة جديدة من عمر الوطن.. مرحلة أكثر أمنًا لأبنائه وبناته. لقد عشنا جميعًا أياما وأسابيع من الترقب والقلق حرصت فيها بحكم مسئوليتي أن ينتقل الوطن إلي بر الأمان. وأن ننهي فترة انتقالية طالت لمدة ما يقرب من سنتين. تكلف فيها اقتصاد الوطن وأمنه الكثير. شهدت تلك المرحلة جدلا سياسيا كبيرا حول عملية صياغة الدستور في مراحلها المختلفة. واتخذت القوي السياسية مواقف مختلفة وهو أمر طبيعي في ظل مجتمع يتحرك نحو الديمقراطية والتنوع في الرأي. وهذه ظاهرة صحية. تستفيد منها المجتمعات الحرة. حيث تتعدد الأفكار والآراء ويختار الشعب منها ما يراه معبرا عن طموحاته ومصالحه وللأسف فإن البعض لم يدرك الفارق بين حق التعبير السلمي عن الرأي وهو حق أصيل أكدته ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة. وبين اللجوء للعنف ومحاولة فرض الرأي عن طريق تعطيل المؤسسات العامة وترويع المواطنين. وإذا كنا جميعا نرحب بالاختلاف في الرأي. فإننا جميعاً نرفض العنف والخروج عن القانون. ونؤكد أن ثورة الخامس والعشرين من يناير ضربت مثلا للعالم كله علي سلمية العمل الثوري والسياسي والتزامه بمستوي رفيع من الخلق والتحضر. ومهما كانت مصاعب المرحلة السابقة فإنني أراها بمثابة آلام ولادة فجر جديد. فقد أثبت الشعب المصري مرة أخري قدرته علي تجاوز الصعاب والتقدم إلي الأمان. علي طريق استكمال بناء مؤسساته الديمقراطية. مصلحة الوطن نعم.. كان هناك خلال هذه الفترة المؤقتة أخطاء وعثرات من هنا وهناك. وأتحمل معكم المسئولية في هذه الفترة. ويعلم الله أنني لا اتخذ قرارًا ولا أمضي في إجراء إلا لوجه الله ومن أجل مصلحة الوطن فلست من عشاق السلطة ولا من الحريصين علي الاستحواذ عليها.. كل ما أتمناه هو نهضة بلدي والانتقال به إلي مرحلة جديدة نبدأ فيها معًا ملحمة بناء وانتاج. مرحلة جديدة هي كما قلت قبل ذلك العبور الثالث الذي تحتاجه مصر بعد الثورة العظيمة. ثورة الخامس والعشرين من يناير .2011 ولقد صممت علي إنفاذ إرادة الشعب في أن يكون لمصر دستور تستقر به الأوضاع وتقوم عليه المؤسسات ويفتح الباب أمام التنمية والتقدم والعدالة الاجتماعية وفي سبيل ذلك تحملت مسئولية اتخاذ الكثير من القرارات الصعبة. إيمانا مني بضرورة أن يكون هذا الدستور ميثاقًا ثابتًا نرجع إليه جميعا ونحتكم إليه وهو دستور يجعل رئيس الجمهورية خادماً للشعب محدد الصلاحيات وليس سيدا مطلقاً. ولا حاكما مستبداً. والحمد لله.. بإقرار هذا الدستور انتقل التشريع إلي ممثلي الشعب في مجلس الشوري حتي اتمام بناء السلطة التشريعية بانتخاب مجلس للنواب. وبذا يكتمل نظامنا الديمقراطي رئيس منتخب وبرلمان قوي يشرع ويراقب وسلطة قضائية مستقلة. وحكومة لا تعين إلا برضا ممثلي الشعب في البرلمان. وأود هنا أن أنوه بالموقف الوطني النبيل للمستشار محمود مكي ابن القضاء.. نائب رئيس الجمهورية الذي أدي دوره بكل قوة واخلاص من أجل اقرار دستور مصر الثورة وهو يعلم أن هذا الدستور لا ينص علي وجود نائب للرئيس. إن الدستور الذي أقره الشعب جاء معبرا عن روح ثورة 25 يناير المجيدة. فقد قام علي حق المواطنة حيث يستوي الجميع بغير تفرقة ولا تمييز. دستور يعلي كرامة الانسان ويصون حرياته. ويؤكد أن كرامة الفرد من كرامة الوطن. وانه لا كرامة لوطن لا تكرم فيه المرأة. دستور يضمن لقمة العيش للكادحين ويجعل العمل والسكن والتعليم والصحة حقوقاً تكفلها الدولة ويضمنها القانون. دستور يكفل حرية الفكر والرأي والابداع ويرسخ لقيم الاعتدال والوسطية ويجعل من سيادة القانون اساسا لحرية الفرد ولمشروعية السلطة دستور يجعل من الوحدة الوطنية فريضة وركيزة لبناء الدولة. دستور يحمي حقوق العمال والفلاحين ويحافظ علي الملكية فلا مصادرة لحقوق أحد. دستور يسمح بتكوين الاحزاب واصدار الصحف بمجرد الاخطار. دستور يحافظ علي هوية مصر العربية والإسلامية ويؤكد ريادتها الفكرية والثقافية ويؤسس لدورها الحضاري الانساني في العالم كله. نضج ثقافي وديمقراطي لقد أقر الشعب الدستور بأغلبية قاربت الثلثين. ولكني أقرر ان قطاعا محترما من شعبنا قد اختار ان يقول لا. وهذا حقهم لان مصر الثورة لن تضيق أبداً بالمعارضة الوطنية الفاعلة.. فلمن قال لا ولمن قال نعم. أتوجه بالشكر. لأننا لا نريد أن نعود الي عصر الرأي الواحد أو الاغلبيات الزائفة المصنوعة. نتيجة الاستفتاء تدل علي نضج ثقافي وديمقراطي حقيقي. يبشر بأن مصر قد مضت في طريق الديمقراطية بغير عودة الي الوراء من أجل بناء الوطن.. لابد أن تتكاتف الجهود. ولذا أصبح الحوار ضرورة لا بديل عنها. نسعي جميعا في إطاره الي التكامل والتوافق حول قضايا المرحلة القادمة.. من هنا فإنني أجدد الدعوة لكل الاحزاب والقوي السياسية للمشاركة في جلسات الحوار الوطني الذي أرعاه بنفسي والذي تبدأ جولته الخامسة برئاسة الجمهورية "اليوم الاربعاء" "أمس" من أجل استكمال خريطة الطريق لهذه المرحلة وسأكون دائما كما عاهدت شعب مصر العظيم خادما لهذا الشعب لا أدخر جهدا في العمل مع كل ابنائه لصالح مصر والمصريين. السيدات والسادة.. ان الأيام القادمة أيام عمل وجهد من الجميع.. وسوف أبذل كل جهدي معكم من أجل دفع الاقتصاد المصري الذي يواجه تحديات ضخمة وايضا يمتلك فرصا كبيرة للنمو.. وسوف أقوم بكل التغييرات الضرورية التي تحتاجها هذه المهمة من أجل نجاح مصر ووضع مسار التنمية الشاملة في بؤرة اهتمام الجميع وفي هذا الإطار أود أن أوضح أن الحكومة الحالية التي بدأت عملها منذ الثاني من أغسطس الماضي تؤدي دورها قدر المستطاع في ظروف صعبة نعم هناك مشاكل ونحتاج الي المزيد من الجهد والعمل.. وقد كلفت الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة واتشاور معه لعمل التعديلات الوزارية اللازمة التي تناسب هذه المرحلة لمواجهة كل المشاكل الصغيرة والكبيرة والمسئوليات ذلك حتي تكوين مجلس النواب الجديد طبقا للدستور. قال انني أشعر بالمواطنين الأقل دخلا في المجتمع المصري وأحس بما يعانوه في هذه الأيام. ولن أسمح رغم التحديات التي نواجهها والتي ورثناها جميعا من العقود السابقة أقول لن أسمح بأن يتحملوا مزيدا من المعاناة. وسأعمل مع الحكومة وكافة مؤسسات الدولة علي تقديم أفضل ما يتحمله الاقتصاد المصري من دعم لهم.. وستشهد الايام القادمة انطلاق مشاريع جديدة في مجال الخدمات والانتاج وحزمة من التسهيلات للمستثمرين لدعم السوق المصري واقتصاده. السيدات والسادة.. ونحن نبدأ هذه المرحلة من التحول والانتقال من الجمهورية الأولي إلي الجمهورية الثانية.. الجمهورية التي نرسي أساسها القوي بهذا الدستور الذي منحتموه لانفسكم.. أجدد العهد والقسم أمامكم بأن احترم القانون والدستور.. وأن أرعي مصالح الشعب رعاية كاملة.. وأحافظ علي الوطن وسلامة أراضيه. حمي الله وطننا الغالي مصر.. ووقي الله الشعب من كل مكروه وسوء.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.