أكد مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين ان النقابة تعد لمؤتمر وطني يجمع رموز الأديان علي رأسهم فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الازهر والبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية وكبارالمثقفين والمفكرين وعقلاء الامة لاعادة صياغة الوحدة الوطنية. اشار في حواره مع "المساء" إلي أنه حان الوقت لاغلاق ملف الفتنة في الداخل كي نسد الثغرات ضد المتربصين بنا في الخارج. قال إنه من الصعب تعليق كل النتائج علي شماعة الإعلام.. وأن الصحافة أدت دورها تجاه القضايا الشائكة بشكل ايجابي رغم وجود بعض الاخطاء والتجاوزات.. لكن علينا ان نستثمر الحالة الايجابية للحفاظ علي أمن واستقرار الوطن. أضاف أن لقاءه امس بالنائب العام وأعضاء المجلس الأعلي للقضاء كان ايجابيا وقد طالب فيه النائب العام وسائل الاعلام بعدم التسرع في اصدار الاحكام.. فحتي الآن لم تنته نتائج التحقيقات واتفق الجميع علي ان العدالة الناجزة تطفئ غضب القلوب وان التأخير في اصدار الاحكام الخاصة بقضية نجع حمادي يرجع إلي عمل المحامين ومطالبهم. * سألناه: التقيت مع النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وبعض اعضاء المجلس الاعلي للقضاء.. فماذا عن هذا اللقاء؟ ** قال مكرم محمد أحمد: انتقد النائب العام بعض العناوين التي صدرت في بعض الصحف امس حول حادثة الإسكندرية التي تشير إلي ان المتهم ليس من بين المصابين.. وأوضح ان هذه النتيجة متعجلة وقد تكون غير صحيحة. أكد أن الثابت من التحقيقات ان الحادث لم ينتج عن تفجير سيارة وكذلك لا يمكن ان ينتج عن القاء أو ترك قنبلة علي الارض كما ان استجوابات المصابين وشهادتهم كلها تتعلق بلحظة وقوع الانفجار. وحول تأخر الأحكام في حادث نجع حمادي اكد النائب العام ان التحقيقات لم تستغرق سوي عشرة ايام وان التأخير الذي حدث يعود لاجراءات المحاماة ومطالبهم. أضاف أن أعضاء المجلس الاعلي للقضاء أكدوا خلال اللقاء ان اسباب تأخير اصدار الحكم في قضية نجع حمادي كان بسبب طلبات المحامين وأوضحوا انه خلال الاجتماعات الدورية لرؤساء المحاكم طالبوا بضرورة سرعة انجاز هذه القضايا لأن القضاة حريصيون علي تحقيق العدالة الناجزة التي تطفئ غضب القلوب. ملف الفتنة * كيف يمكن إغلاق ملف الفتنة الطائفية في مصر؟ ** أقصر الطرق نحو هذا الملف هو انهاء المشاكل المعلقة سواء فيما يتعلق منها بعملية بناء الكنائس وتجديدها في اطار قانون بسيط واضح يعطي الحق لكل تجمعات الاقباط في القري والمدن في بناء كنائسهم بما يتناسب مع عدد السكان وحجم ومساحة القرية دون ان تضطر الكنيسة إلي مخالفة اللوائح وسياسة فرض الأمر الواقع ثم الصدام مع الجهات المسئولة. أما فيما يتعلق بصور التمييز وتطبيق حقوق المواطنة.. فلابد من تطبيق كافة حقوق المواطنة علي جميع المصريين دون تمييز في الجنس أو العقيدة واعتبار أي صورة من صور التمييز خاصة في الوظائف جريمة يعاقب عليها القانون. الكفاءات من الطرفين يجب ان تأخذ مكانها اري انه من الضرورة ان نسن تشريعا بأن كل من يقع عليه اي تمييز بسبب الجنس أو العرق أو الدين ينبغي ان يكون له الحق في طلب التعويض ويعاقب من يحرص علي هذا التمييز. * هل المناخ حاليا يسمح بحل هذه المشاكل واغلاق ملفاتها حتي لا يتكرر ما حدث؟ ** أعتقد ان المناخ مهيأ للمضي نحو تحقيق هذه المطالب فلابد ان تلتزم الحكومة بمراجعة اللوائح والاجراءات وهناك أمورمن الممكن اتخاذ اجراءات سريعة نحوها مثل اعادة ترميم الكنائس بدون تعقيدات فهذا لا يحتاج إلي سلطات عليا ويكفي المحليات لمراجعة الامر.. وايضا تطبيق القوانين علي الجميع بما في ذلك مؤسسات الدولة وعدم خلط الدين بالسياسة. الدولة المدنية حقيقية لا تقوم بالشعارات بل الافعال. هناك حقيقة لا يجب ان ينكرها احد وهي ان الرئيس مبارك ساعد في انهاء التمييز ضد الاقباط ومنح تسهيلات ضخمة في بناء الكنائس لكننا نسعي الآن جاهدين لاغلاق الملف في الداخل كي لا نسمح لأحد باستثماره.. فالمتربصون بنا في الخارج يريدون استثمار هذه المشاكل وفي نفس الوقت يجعل من الصعب تكرار حادث الاسكندرية مرة اخري ونتلافي اثاره الجانبية. وأيضا.. لا يخفي علي احد مخططات تنظيم القاعدة الذي يضع ضمن أهدافه اثارة الفتنة والصدام بين المسلمين والمسيحيين بمنطقة الشرق الاوسط كما فعل في العراق. قانون موحد * هناك مطالب بقانون موحد لدور العبادة فهل يحل المشكلة؟ ** أري أن ذلك يعقد المشكلة ولن يحلها.. الحل قانون واضح بسيط كما ذكرت يمكن الاقباط من تلبية حاجاتهم في بناء الكنائس فنحن في النهاية نبني بيتاً لله.. ونقضي علي التعصب الذي لم نكن نعرفه علي الاطلاق في مصر والذي بدأ مع نشأة حركة الاخوان المسلمين. ايضا علينا ان نعي ان جزءاً من أقباط المهجر يغالي في مطالبه وربما تحركهم مصالح خاصة.. وفي النهاية علينا ان نعالج ذيول الفتنة الطائفية امام كل من يريد التآمر علي وحدة مصر الوطنية. * هل من الممكن ان تقوم القاعدة بتكرار هذه الحوادث مرة اخري؟ ** هذا احتمال لا يمكن اهماله لأن قادة تنظيم القاعدة يعتبرون ان تقويض استقرار مصر وضرب وحدتها الوطنية شرط لنجاح مخططاتهم في المنطقة والواضح من مجمل ظروف الحادث ان التخطيط كان من قبل تنظيم القاعدة خاصة انه وجه انذارا في نوفمبر الماضي يشير إلي استهدافه للكنائس المصرية كما ان الحادث يحمل كل صفات العمليات الارهابية التي ترتكبها القاعدة وهي اثارة الفزع وسقوط الضحايا لذلك أؤكد علي ضرورة ان نغلق الطريق ونسد الثغرات امام كل المؤمرات التي يخطط لها القاعدة. شماعة الإعلام * يشير البعض إلي أنه خلال العام اتسمت المعالجات الاعلامية في الصحف والفضائيات بعدم الحيادية تجاه القضايا الخاصة بالعلاقات بين المسلمين والمسيحيين وكانت الصورة اكثر وضوحا في الاعلام الخاص.. فما رأيكم؟ ** من الصعب ان نعلق النتائج علي شماعة الاعلام ونقول: "الصحافة وحدها هي المسئولة" فهي لا تجامل أو تخلق شيئاً من لا شيء. هناك مشكلة وقضايا منذ زمن وقد تعرضت لها الصحف ولكن قد يكون هناك تباطؤ في مخاطبتها وطرحها بشكل يؤكد للاقباط اننا جادون في الحل. لكن التأكيد علي ان الاعلام ساعد علي تغذية الفتنة غير صحيح لكن هناك بعض الاخطاء والتجاوزات التي حدثت ومعظمها يتعلق بعدم احترام رموز الاديان وهو خطأ جسيم ربما لعدم وجود علاقة جيدة. ولكن اري ان رموز المؤسستين لابد ان يحظو باحترام كامل وان كان هذا لا يتعارض مع انتقادها وحرية التعبير.. فالانتقاد شيء وتحميلهم مالا يمكن احتماله شيء أخر. القضايا الشائكة * هناك مطالب بتوحيد الاجندة الاعلامية خلال العام الحالي لمعالجة القضايا الشائكة؟ ** الاعلام كما ذكرت ليس كل المشكلة وانما جزء بسيط منها واعتقد ان الصحوة التي حدثت في توحد الجميع مسلمين وأقباطاً واللغة التي استخدمتها الصحافة المصرية وخطابها بضرورة التلاحم الوطني ومناقشة المشاكل بواقعية والمطالبة بالحلول العملية اري انه خطاب صحيح لكن مشكلتنا اننا نعاني من النفس القصير فعند حدوث مشكلة ما تصحو الضمائر ونطالب بالتصحيح وعندما تنتهي الازمة يفتر كل شيء. لابد ان تستمر المعالجات والاساليب الصحيحة وبالتالي يصبح الاعلام جزءاً من منظومة متكاملة تعمل علي الحفاظ علي الوحدة الوطنية وتقويتها. علينا ان ننتبه جميعا إلي خطورة المرحلة القادمة فلابد ان تقف كل القوي الوطنية من مثقفي مصر وكتابها ورموز المجتمع المدني وفنانيها ضد كل من يضرب أمن مصر ووحدتها. ومن الضروري اعادة النظر في مناهج تدريس الأديان في المدارس خاصة المرحلة الابتدائية فليس من المصلحة في هذه السن المبكرة الفصل فيما بينهم في حصة الدين لان هناك الكثير المشترك في قيم التسامح والعدالة والحوار والاحترام وينبغي ان ندعمها ونركز عليها. تجاوزات الصحف * يقال إن الصحف الخاصة لديها اجندة ومصالح مختلفة.. فكيف يمكن التصدي لتجاوزاتها؟ ** لدينا ميثاق شرف صحفي ولجان تأديب تعمل وتلاحظ قد يكون هناك بطء خاصة فيما يتعلق بقانون الصحافة ولابد ان يتم تغييره ليساعدنا في اتخاذ خطوات سريعة ضد اي تجاوزات مهنية تنتهك ميثاق الشرف الصحفي.. لكن بصفة عامة اري ان الاعلام كان ايجابيا وأري ان تلك الحالة لابد أن تستمر. * البعض يري إغلاق القنوات المتطرفة ضد الحرية.. فما رأيكم؟ ** أفضل ألا يكون ذلك قراراً إدارياً من رئيس الوزراء او وزير الاعلام.. الفضائيات لابد ان تضع مدونة سلوك وميثاق شرف تلتزم به خاصة تجاه الاديان تتضمن عدم الاساءة للرموز الدينية والوطنية ويتم النقد بشكل سليم وموضوعي ولا تفضيل لدين علي آخر.. لابد من قواعد ومعايير للتعامل مع المشكلات لان السلطة التنفيذية إذا تدخلت يؤدي في النهاية إلي سوء فهم يواجه بمعارضة شديدة يندرج تحت تقييد الحريات. * ما هو دور النقابة في المرحلة القادمة لتأكيد الوحدة الوطنية؟ ** منذ 6 أشهر عقدنا واحداً من أهم المؤتمرات هو مؤتمر الوحدة الوطنية ونتج عنه مجموعة من التوصيات لو أن الدولة أخذت بها لتم حل المشكلة وقد شهد حضورا من الجانبين المسلم والمسيحي وتم طرح القضايا والمشاكل بصراحة. في هذه المرحلة نعمل علي تجديد اللقاء وقد تحدثت مع البابا شنودة خلال الايام الماضية ودعوته للحضور فوافق علي ان يتم ذلك بعد عودته من رحلة العلاج وايضا سوف أنقل اقتراحي لشيخ الازهر د. أحمد الطيب.. ونسعي من خلال النقابة للدعوة إلي صحوة وطنية تعيد للضمير المصري الشعار الراسخ الدين لله والوطن للجميع. * انتشرت المظاهرات الغاضبة في الايام الماضية فهل يمكن ان تهدد الأمن المصري؟ ** هذه المظاهرات التي قادها بعض الشباب القبطي كانت السمة الغالبة علي الجميع فيها حالة الحزن والغضب لكن تعاطف الشعب المصري بكل اطيافه واحساسه بأن مصر تتعرض لعدوان من الخارج يهدد امنها وكذلك تصرف كل مؤسسات الدولة علي نحو مسئول قطع الطريق علي المزايدين ودعاة الفتنة. واضاف اننا بحاجة إلي تضافر كل المؤسسات في منظومة متكاملة تعمل علي الاعتصام بوحدة الوطن حفاظا علي تماسكه.