الإنسانية في خطر، لأن شعور بعض المنظمات الدولية بالفوقية والنظر إلى العالم بعين التجبر والتزمت والتعنت يشيع جواً إنسانياً تشوبه الأتربة الأخلاقية والغبار القيمي ويحيط بالعلاقات بين الدول بسياج صدئ قميء شائه، ويجعل من التواصل بين الشعوب أمراً مستحيلاً، وإن تم فإنه يتم بعلاقات مريضة مرتابة وثجعة عصية على الثقة والتوافق.. منظمات دولية تلاعبت بمفاهيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وفصلتها بمقاسات تلائم الأهواء الذاتية لمن يريدون هذه المنظمات، الأمر الذي يجعلها كيانات أشبه بالسرطان لا بد من مقاومتها، وذلك بدحض أكاذيبها بالأدلة دون الخشية من ارتداداتها الانفعالية. منظمات دولية نصبت نفسها حَكَماً وقاضياً يصدر الأحكام جزافاً ورعافاً وإسفافاً وتعسفاً دون مراعاة لضمير أو مداراة لأخلاق إنسانية، كان يجب أن تكون هي الفاصل والفيصل والمفصل، ما جعل هذه المنظمات تصول وتجول وتبسط نفوذها اللاأخلاقي على قيم الناس، فتقرب هذا الشعب وتقصي ذاك وتمتدح هذه الدولة وتذم تلك، مسمية الأشياء من دون أسمائها، وملونة المشهد الإنساني بألوان المزاج الأخلاقي الذي تنتمي إليه وتخرج من شرنقته.. وبواسطة الإعلام الكوني والفضاءات المفتوحة أصبحت الشتائم والسباب والانتقادات كوابل يلقى على رؤوس الأبرياء، ليس لذنب اقترفوا بل إن هذه المنظمة أو تلك تريد أن تشوه لغرض التشويه ولأهداف عدوانية مقيتة تكمن في نفوس أصحابها. في الزمن الغائب عن الحضور الأخلاقي، وفي الراهن الذي يعاني مأزق المفاهيم، صار الحضور الشاهق لمنظمات وهيئات دولية مأجورة، يفرض نفسه على العقل الإنساني ويقلبه ويقلقه ويغلقه ويسرقه ويغرقه في أوحال وأحوال وأهوال، ويشيح به نحو متاهات الصدمية والعبثية. هذه الأخلاق الفوضوية تجعل مصير الإنسانية في خطر جسيم لغياب المعايير الأخلاقية والمقاييس الثقافية التي تجعل من الحقائق أشباهاً حقيقية، وتجعل من الزيف واقعاً تعيش عليه هذه المنظمات وتنمو وتتفشى وتنتشر وتفرض سيطرتها على الجهات الأربع، جاعلة مشاعر البشرية في مهب التقلبات الفكرية لهذه المنظمات التي تأسست على مبدأ اضرب واهرب واصنع فعلتك الشنيعة، ثم اختف خلف وسائط إعلامية بغيضة وكريهة لا يصدق أكاذيبها إلا السذج والسطحيون من الناس.