في الماضي كان يطلق علي مجند الشرطة "عسكري الدرك" وكان هذا المسمي له تقدير كبير في نفوس السامعين لان هذا العسكري كان يجوب الشوارع في الظلام والبرد القارس في الشتاء من أجل حراسة المنازل ومطاردة اللصوص والحفاظ علي ممتلكات المواطنين. الكل كان يحترم "عسكري الدرك" سواء جهة عمله او المواطنين وكانت له هيبته وتقديره المعنوي والمادي وخصصت له وزارة الداخلية وسيلة تنقل تساعده علي اداء عمله دون تحمله المشاق وهي "الخيل" وتم انشاء إدارة خاصة سميت "الخيالة" وكان هذا العسكري في نظر قادته هو العامل الرئيسي في منع الجرائم والسد المنيع الذي يواجه الكوارث والعنف في المشاجرات والشغب بالاضافة الي انه يتعرض لمخاطر جسيمة في الشوارع. ومع تطور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي دخلت جهاز الشرطة وجدنا "العسكري" في نظر الناس أنه من الدرجة الثالثة وفي نظر قادته انه خادم مطيع لا احترام له ولا كيان واصبح "عسكري الدرك" لا يشعر بأي اهتمام ودوره مجرد تحصيل حاصل فمثلا عسكري المرور نجده يقف ينظم السيارات في الشارع بالساعات ولا يملك اي وسائل تعينه علي اداء واجبه حتي انه محروم من الوجبات الغذائية التي تعينه علي استكمال ورديته وليس لديه مياه للشرب ولا يستطيع أن يترك مكانه ليروي ظمأه. لقد شاهدت بنفسي بعض هؤلاء تتسولون في المقابر في عيد الأضحي وحزنت حزنا شديدا علي ماهم عليه لقد ضاعت هيبة عسكري المرور وفقد إحساسه بالمسئولية لانه لم يلق أي إهتمام من قياداته ولم يشعر بآدميته حتي أن هذا العسكري لم يجد وسيلة مواصلات تنقله الي معسكره بعد انتهاء ورديته في الشارع مما يضطره الي التسول من أصحاب السيارات الملاكي حتي يصل الي معسكره. كل هذه الاهانات التي يواجهها عسكري المرور جزء من مشاكله التي يواجهها يوميا فانه يتعرض للسخرية من اولاد الذوات والمستهترين وناهيك عن حوادث السيارات. الاغرب من ذلك أن جندي مرور بالإسكندرية تعرض للضرب المبرح أمس من المواطنين عندما رفض سير جنازة عكس الإتجاه علي الكورنيش ومزقوا ملابسه الرسمية فهل هذا هو جزاؤه عندما طبق القانون؟! وماذا فعل مدير الأمن لهذا الجندي المغلوب علي أمره؟! وهل بعد هذه الواقعة يكون الجندي لديه الحماس لتنفيذ القانون أو اتباع تعليمات مرءوسيه الذين لم يستطيعوا أن يحصلوا علي حقوق هذا العسكري. علي كل حال ان الأمل في وزير الداخلية الحالي اللواء احمد جمال الدين في اعادة هيبة جندي المرور وغيره من الجنود الذين يحتكون بالمواطنين في الشارع واقسام الشرطة وأن يتم توفير جميع وسائل الراحة التي تعينهم علي أداء عملهم وان يتم صرف وجبات لهم في أماكنهم مع وسيلة لنقلهم الي معسكراتهم عقب إنتهاء وردياتهم بدلا من تسوله في الشوارع والمقابر وهذا يجعل المجند محتقرا وذليلا بين أفراد المجتمع ولن تصبح له قيمة أو هيبة بعد اليوم بين المواطنين وحتي لا يصبح دوره في الشارع مجرد اثبات وجود.