كشف البحث الميداني بمحافظة الإسكندرية الذي يدور حول ظاهرة العنف ضد المرأة في المجتمع المصري وأقيم بالتعاون مع مؤسسة فورد الأمريكية أن المجتمع المصري يتصف بثقافة خاصة تظهر في عاداته وتقاليده المتوارثة منذ سنوات طويلة وتتوارث بين الأجيال تتخذ تلك التقاليد أشكال العنف التي تكمن في أعماق مجتمعات معينة دون أية معارضة وضحايا أشكال العنف من الأميين وغير المتعلمين ولما كانت النساء والبنات هن أضعف أعضاء المجتمعات التقليدية فإن الفرص المتاحة لرجوعهن للقانون أو حصولهن علي الدعم القانوني تكون محدودة. أكد الدكتور حسن سلام مدير مركز سوزان مبارك لصحة وتنمية المرأة بالإسكندرية أن المرأة تتعرض للعنف من المجتمع وخاصة من الرجال سواء من أقاربها أو أسرتها وأن المنزل المفترض أن يكون آمنا يكون مكانا للعنف الأسري لذلك يهتم المركز بتلك الظاهرة في محاولة لإيجاد الحلول لها بعد أن أكدت الإحصائيات أن عام 2005 تعرض 33% من السيدات لعنف جسدي وتتزايد تلك الظاهرة سنويا حيث نظم المركز 11 دورة تدريبية اشترك فيها نحو 500 من هيئات التمريض والأطباء وجميع المهتمين بقضايا المرأة في محاضرات وورش عمل للحد من تلك الظاهرة وكان آخرها البحث الميداني الذي أكد أن أسباب العنف التنشئة الاجتماعية والتفريق بين الجنسين في معاملة الأبناء وفي التعليم تتفاوت الفرص بين الأنثي والذكر حسب مستوي الأسرة التعليمي. ويعد العنف المنزلي من أكثر أشكال العنف انتشارا في مصر حيث إنه يسييء استغلال الخصوصية التي يمنحها المجتمع والدولة للعلاقات الأسرية ويضر بأكثر أعضاء الأسرة وهن النساء. أكدت الدكتورة نعيمة القصير ممثلة منظمة الصحة العالمية بالقاهرة أنه لابد من استعراض القيم المجتمعية التي تقود المجتمع المصري وتطهيرها مع حث المواطن علي التسامح والمحبة فيما بينهم. طالب بالتركيز علي فئة الشباب التي هي أمل المستقبل في كل دولة وأن تنظم المؤسسات والهيئات برامج توعية الشباب لأنهم فرصة المجتمع في التغيير نحو الأفضل وأن الشباب يقبل علي العمل التطوعي بجدية ونشاط ولديهم الاستعداد للتعرف علي مشاكل مجتمعهم وإيجاد الحلول بل ومشاركتهم في تلك الحلول من أجل غد أفضل ومستقبل مشرق لأبنائهم. أضافت أن أهم المشكلات التي تواجه التصدي لظاهرة العنف هي قلة الموارد بالإضافة لعدم تحديد أنواع العنف والذي يتمثل في عدة سياسات لابد من وضعها موضع الاعتبار. وقالت الدكتورة هدي رشاد أستاذ ورئيس مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية إنه لابد من زيادة مستوي تعليم المرأة واحترام أفكارها والنهوض بمستواها الاقتصادي لأن كل تلك الخطوات من شأنها حد العنف ضد النساء. أكدت أنه حاليا يتم تنفيذ مشروع "مدينة آمنة" خالية من العنف ضد المرأة وتلك مبادرة دولية تنفذ بالقاهرة وتهدف لرصد حالات العنف ومشاركة المجتمع المحلي في تحديد مصادر الخطر والتدخلات بالإضافة لضرورة مشاركة الجهات التنفيذية في تحديد المسئوليات ومتابعة تنفيذها بدقة وأيضا طالبت بضرورة أن يتم النظر إلي قضية العنف ضد المرأة علي أنها قضية قومية وليست قضية خاصة حتي توضع في السياسات العامة وتهتم الدولة بها وتجرمها وبالتالي يتم التصدي لها. أكدت نتائج البحث الميداني أن 75% من السيدات تعرضن للعنف وأن أكثر أنواع العنف شيوعا هو من الأزواج وأظهرت النتائج أن منطقة غرب الإسكندرية تتميز بأعلي معدلات العنف سواء الجسدي أو الحسي بينما تمثل منطقة المنتزه أعلي معدلات العنف النفسي والمادي وأن درجة تعلم كل من المرأة والرجل ووضعهما الوظيفي والاجتماعي يؤثران علي درجة العنف الواقع علي السيدات. قالت نتائج البحث إن 41% من السيدات تعرضن لعنف جسدي من أشخاص غير الأزواج وأن الأب يأتي في مقدمة من يمارسون العنف وبعده الأم ثم الأخ والمعلم. أشارت نتائج البحث إلي أن 86% من السيدات المشاركات تم ختانهن وتلك نسبة كبيرة نظرا لوضع الختان كعملية عنف ضد المرأة. أكد المشاركون في ورشة العمل التي يرأسها الدكتور حسن سلام وتديرها الدكتورة هناء إسماعيل مدير إدارة الأبحاث أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في زيادة معدلات العنف ضد المرأة وفي مقدمتها العوامل الدينية التي تمثل في التفسير الخاطيء لبعض آيات القرآن الكريم بالإضافة إلي العوامل الثقافية التي تتعلق بمفاهيم حول شرف البنات والزواج للسترة وعدم أهمية التعليم للفتيات والنظرة الدونية للمرأة منذ صغرها وتدني المستوي الثقافي بين الزوجين وعدم الطاعة والاختلاف بين الأزواج والخيانة الزوجية كذلك سوء الحالة الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة بين المتزوجين والتي تبرز ملامحها في عدم الاتفاق مع الأسرة والاستيلاء علي ممتلكات الزوجة دون وجه حق. اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر من كل عام يوما دوليا للقضاء علي العنف ضد المرأة ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلي تنظيم أنشطة في ذلك اليوم بهدف زيادة الوعي العام بتلك الظاهرة لأنها تعتبر وصمة عار في سجل المدينة الإنسانية.. واسفرت ورشة العمل عن أن المرأة لها دور أساسي وفعال في الحد من العنف الذي يمارس ضدها إذا وجدت قوانين تنفذ بأمانة بالإضافة لتوعيتها بحقوقها عندها ستصبح قادرة علي الحد من هذا السلوك.