مثلث ماسبيرو والزرايب وعزبة الهجانة.. أبرز بؤر العشوائيات تعتبر مشكلة المساكن العشوائية في مصر من القضايا الأساسية، التي تواجه أي نظام سياسي، نظرًا لما تتمتع به القضية من تأثير على الأمن القومي للدولة؛ فهي ليست فقط مشكلة اجتماعية بل اقتصادية وعمرانية أيضًا، وتؤثر سلبًا على عمران المنطقة وسكانها والمناطق المحيطة بها. وتزايدت في الفترات الأخيرة المناطق العشوائية، وكان من أكبر أسباب ظهور ونمو مناطق الإسكان العشوائي في مصر الهجرة من الريف إلى المدينة والزيادة السكانية، إضافة إلى قوانين ونظم التمليك للوحدات السكنية، كما أن هناك الكثير من الإجراءات لم تتخذ في مواجهة ظهور وانتشار مناطق الإسكان العشوائي إضافة إلى عدم وضع المخططات الهيكلية والتفصيلية للمدن الكبرى أو أحكام الرقابة على تنفيذها وعدم اتخاذ الحكومة إجراءات رادعة نحو نمو ظاهرة السكن العشوائي منذ بدايتها لوقفها. وتبلغ عدد العشوائيات في مصر منذ نشأتها وحتى بداية التطوير عام 1993 بلغ عدد 1221 منطقة عشوائية, منها 20 منطقة تقرر إزالتها لأنها لا تقبل التطوير, 1130 منطقة قابلة للتطوير. وأوضح تقرير حديث للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أنَّ 12 مليون مصري يعيشون في المقابر والعشش والجراجات والمساجد وتحت السلالم، ف1.5 مليون مصري يعيشون بالقاهرة في مقابر البساتين والتونسي والإمام الشافعي وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثي وجبانات عين شمس ومدينة نصر ومصر الجديدة، كما تنتشر المناطق العشوائية في عزبة القرود وعزبة الهجانة ورملة بولاق ومثلث ماسبيرو. ونظرًا لما للعشوائيات من أهمية كبرى، فقد أمر الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاحه 32 مشروعًا جديدًا في مدينة بدر بداية الشهر الحالي، من وزارة الإسكان والقوات المسلحة إنهاء ظاهرة العشوائيات في مصر خلال عامين فقط، مؤكدًا أن هناك ضرورة للقضاء على المناطق غير الآمنة وتحويلها إلى مناطق تليق بمصر والمصريين بتكلفة 14 مليار جنيه مقسمة على عامين. وقال السيسي: "الإسكان والقوات المسلحة مسئولين أمامي بالقضاء على العشوائيات والمناطق الخطرة خلال عامين، مليش دعوة إزاي". وفي إطار ذلك، ترصد "المصريون" آراء الخبراء حول استطاعة الرئيس عبدالفتاح السيسي بالقضاء على مشكلة العشوائيات خلال عامين. غياب العدل عن "العشوائيات" يجعلهم قنبلة موقوتة في البداية، يقول الدكتور عبدالخبير عطا، أستاذ العلوم السياسية جامعة أسيوط، إن العشوائيات مشكلة تراكمية خطيرة بدأت منذ نزوح البعض من المواطنين عن محافظتهم بحثًا عن لقمة العيش في العاصمة، موضحًا أن التقارير الدولية أكدت أن العشوائيات قضية يترتب عليها خلل في منظومة الأمن القومي لما تمثله من خطورة سياسية على أي نظام حاكم، لشعور أهالي هذه المناطق الدائم بالتهميش، وعدم توفير أي وسائل دعم لهم في ظل طبقة غنية تسيطر على مقدرات البلاد بل وتشاركهم في الدعم الذي يتحصلون عليه من الدولة. ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن النظام الحاكم يتحيز للأغنياء فقط، في الوقت الذي يتوقع أن يخرج فيه الفقراء من المناطق العشوائية ضد الطبقة الرأسمالية، والنظام نفسه، مع تزايد شعورهم المتواصل بفقدان الهوية والانتماء، والذي يعززه غياب دولة العدل في القوانين الخاصة بكل صور الدعم أو الضرائب. وعن رصد الرئيس عبدالفتاح السيسى، مليارات الجنيهات للقضاء على العشوائيات، لفت عطا إلى أن المشكلة أكبر من أن يتم التعاطي معها بهذا الشكل، لأن المسكنات لن تفيد في مثل هذه الموضوعات الخطيرة، مشيرًا إلى ضرورة حل أساس المشكلة والمتمثل في الاهتمام بمحافظات الوجه القبلي والعمل على رفع كفاءة الخدمات وتوفير مشروعات إنتاجية تستوعب البطالة التي تشهدها هذه المحافظات للحد من الهجرة منها. وشدد عطا على ضرورة إعادة النظر في توزيع ميزانية الدولة، والتي تلتهم بعض الوزارات معظمها، في الوقت الذي تتحصل فيه وزارات أخرى على حصص قليلة، لا تمكنها من القيام بالدور المطلوب منها في رفع كفاءة البنيات التحتية، وتوفير الخدمات بمستوى يليق بالمواطن ويشعره بآدميته. أرقام "العشوائيات" ليست دقيقة من جانبها، قالت نجوى عباس، مسئولة المحليات بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن مشروع تطوير العشوائيات الذي طرحه الرئيس، به الكثير من النقاط الواجب مراجعتها منها العدد المغلوط الذي طرحه بأن عدد من يسكنون العشوائيات هم مليون شخص، لافتة إلى أن الرقم الحقيقي هو 12 مليونًا وربما يصل إلى 20 مليونًا. وأوضحت عباس أن العشوائيات تنقسم إلى عدة مناطق أولها ما تعتبرها الحكومة تمثل خطورة داهمة والمتواجدين في حواف جبل المقطم، والذي يوجد به العديد من "العشش"، وهناك مناطق خطيرة مثل عزبة الهجانة والتي بها الكثير من العشش غير المسقوفة والمبنية تحت خطوط الضغط العالي، قد تسبب سرطانًا لأهالي هذه المناطق والتي تصنفها على أنها شديدة الخطورة في ظل دولة تعاني من انهيار اقتصادها وغير قادرة على علاجهم، فضلاً عن المناطق غير المخططة عمرانيًا والتي يمكن الحياة بها وتتطلب إدخال بعض المرافق بها وتنميتها وتوفير الأمن بها والذي ينعدم في الكثير من هذه المناطق. وعن خطة الرئيس للقضاء على العشوائيات خلال عامين، قالت عباس إن المشكلة لا يمكن أن تحل خلال هذه المدة؛ لأن عدد ساكني هذه المناطق كبير، وينبغي خضوع المشروع لرقابة البرلمان والمؤسسات الشعبية، حتى لا يكون مصير الأموال المدفوعة كما حدث في مشروع المساكن التي بنيت لسكان الدويقة. أما مجدي حمدان، عضو جبهة الإنقاذ السابق، فيقول إن عدد سكان العشوائيات يزيد على 2 مليون نسمة معظمها في القاهرة، وفي كل محافظة في مصر يوجد عشوائيات لكن لا يوجد تعداد أو حصر فعلي لها وأتحدى أي وزارة أن يكون لديها تعداد حقيقي لهذه العشوائيات. وأضاف حمدان أن أهم المناطق العشوائية في مصر هي زرزارة وغيط العنب وعزبة القرود وعزبة الهجانة ورملة بولاق ومثلث ماسبيرو. وتساءل حمدان أين صندوق العشوائيات الذي تبناه الفنان محمد صبحي وهذا الصندوق به مبالغ بالمليارات وساهم في تطوير منطقة واحدة ثم اختفى وهناك صندوق آخر للعشوائيات به صفوة من المجتمع في مجلس إدارته. وأوضح حمدان أن النقطة الأهم هي هل سيتم تهجير أهالي تلك العشوائيات والاستيلاء على المناطق التي تصل قيمة المتر فيها بالآلاف لبيعها لأشخاص وشركات، أم أن التطوير سيكون بنقل المواطنين وإعادتهم مرة أخرى بعد بناء مساكن لهم كما فعل مبارك مع سكان الدويقة من قبل. عدد سكان العشوائيات 15 مليون مواطن من جانبه، يقول الدكتور يوسف محمد، الخبير الاقتصادي، إن العشوائيات في مصر أصبحت ظاهرة خطيرة وخاصة بعد ثورة يناير وإن كانت تصريحات وتقرير الحكومة تقول إنها أكثر من 350 منطقة وعدد سكانها حوالي 15مليونًا، لكنه للأسف العشوائية اليوم طغت ودخلت إلى كل حي كان منظمًا وراقيًا واليوم يعج بالفوضى والعشوائية. وأوضح محمد أن الأمر يتفاقم وينفلت الزمام من يد الحكومة التي لا تحرك ساكنًا للمعتدين على المباني والشوارع والمرافق وتدمير الاقتصاد ولا تأبى إلا بالربح السريع دون رادع وأن الاهتمام بالعشوائيات القديمة ورصد، 14 مليارًا لها وتخصيص تمويل جديد بعيد عن ميزانية الدولة يجب أنا يتم في الاتجاه الصحيح. فالدولة تبنى وتعمر وتحارب للتطوير، ولكن هناك أيادي خبيثة معتدية تخرب وتنهب وتستغل الظروف لتعثوا في الأرض فسادًا بمساندة بعض العاملين في الدولة غير الشرفاء والذين يغضون الطرف عن المخالفات ولا يقومون بإزالتها مقابل حفنة من الجنيهات. 1221 منطقة عشوائية من جانبه، يقول الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن عدد العشوائيات في مصر بلغ 1221 منطقة، منها 20 منطقة تقرر إزالتها لأنها لا تقبل التطوير، بالإضافة ل1130 منطقة قابلة للتطوير. وأضاف عامر أن تقريرًا حديثًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قال إنَّ 12 مليون مصري يعيشون في المقابر والعشش والجراجاتِ والمساجد وتحت السلالم، ف1.5 مليون مصري يعيشون بالقاهرة في مقابر البساتين والتونسي والإمام الشافعي وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثي وجبانات عين شمس ومدينة نصر ومصر الجديدة. وأشار عامر إلى أن أهم الحلول للقضاء على العشوائيات، هو أن نقوم بإصلاح حال القرية المصرية وتحويلها إلى مجتمع منتج مدعوم بمستوى إنساني مقبول من الخدمات.. فلا حل لهذه المشكلة إلاّ بالقضاء على أسباب "الطرد" الناشبة في القرية المصرية من "فقر" و"اختناق".. و"انعدام للخدمات".. مع توفير فرص وإمكانيات حقيقية للتنمية والإنتاج ووصله بالمدينة للتسويق. وأكد رئيس مركز المصريين أن مشكلة العشوائيات من المعضلات الضخمة في مصر ومن أكثر القضايا إلحاحًا، نظرًا لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية تهدد أمن واستقرار المجتمع وقد حاولت الحكومات المتعاقبة على مدى عقود حلها ولكن دون جدوى وتوالي بناء العشوائيات بعد فشل السلطات المتعاقبة في وقف نمو الظاهرة.