أرجوكم طهروا كل الإعلام.. يا أيها الثوار، يا أيها النواب الجالسون تحت القبة، يا أيها المارون فى الشارع أو المعتصمون أمام ماسبيرو.. أرجوكم وأشد على أياديكم، طهروا الإعلام كله، ماسبيرو وأكتوبر، ولكن كيف يكون التطهير؟ التطهير يكون بتحرير الإعلام، بمعنى عودة الحق لأصحابه، وهو أنتم، أنت فى كل مكان يا دافع الضرائب. لعقود تبع الإعلام كل حاكم، من أول عبد الناصر وحتى الثوار والمجلس العسكري، لم يكن هذا المبنى يومًا ملكا لأصحابه الحقيقيين إلا فى ساعات محدودة خلال الفترة الأخيرة.. ولابد من نظرة للتاريخ. فى الستينيات تجمعت كل أجهزة الدولة لحرب ضروس ضد الإخوان المسلمين، وقيل عنهم كل ما تعرفون من إرهاب وخيانة وعمالة، بل كان الإخوان هم أعداء ثورة يوليو- بحسب منطق إعلام يوليوم- ووقتها تم ضبط تنظيم للإخوان، وسيق الذين قيل للناس إنهم متآمرون إلى شاشة التليفزيون بعد تسويتهم فى سلخانة صلاح نصر، وذهب مذيع صغير– هو بالمناسبة أحد رموز الثورة الحالية- ذهب أستاذنا، وحاور المتهمين المظلومين، وحصل منهم على اعترافات مسجلة أذيعت فى التليفزيون وشاهدها الملايين، الذين لم يدرك أغلبهم أن ذلك المذيع موظف حكومى ينفذ تحابيش تعاليم تدابير الضباط الأحرار. المهم استمر الوضع حتى وفاة ناصر وتولى السادات، الذى قام بتطهير الإعلام، وأقصى رموزا إذاعية ضمت الرائع بهاء طاهر، وآخرين، اعتبرهم السادات فلولا ضد ثورة التصحيح، لكن الإعلام لم يتطهر، واستمر مهرولا وراء الرئيس الجديد بطل الحرب والسلام، وتم منع الأغانى الناصرية، وحل مكانها(عاش اللى قال)، حتى مات- ذلك الذى قال- على الهواء فى عيد النصر، وتولى مبارك، فذهب معه الإعلام حيث ذهب، وحنط التليفزيون أغانى السادات، وأبدلها بروائع الأبنودى وعمار الشريعى وغيرهم وما (اخترناه وبايعناه)منا ببعيد. ومنذ أواخر التسعينيات بدأ تهيئة المسرح الإعلامى للاعب الجديد الموعود جمال مبارك، وذهب الإعلام معه كل مكان، لكن فى هذه اللحظة وفدت قنوات جديدة مستقلة ومملوكة لرجال أعمال إلى منظومة الإعلام المصري، وراح الجميع يؤدى دوره، حتى القنوات الخليجية المعروفة بموقفها من مبارك، فكانت جولاته تضم مذيعى التليفزيون والإذاعة الحكوميين، كما تضم مراسلى ومذيعى قنوات خاصة وخليجية. وقامت الثورة، فانقسمت كائنات الفضاء فريقين، فريق يغازل السيد الجديد الممثل فى المجلس العسكري، وفريق يغازل الثوار والائتلافات، وكلا الفريقين عمل ولا يزال على حساب المالك الحقيقى للإعلام. من هذا السياق السريع، أقول إن الخطوة المهمة هى تحرير الإعلام، الإعلام كله ماسبيرو وإخوانه فى أكتوبر من خلال رؤى جديدة وهيئة مستقلة، تحرير العبيد.. أو إعادة الاعتبار للأحرار ولمصر، بعون المعين والفضل له، وبه أستعين للحديث عن تحرير الإعلام فأعينونى بالنصيحة. [email protected]