هل باتت الوحدة العربية والإسلامية أضغاث أحلام وهدفا بعيد المنال بعدما طغت القضايا الجهوية والأهداف القطرية والهموم المحلية ..أو بعد تفشي الروح الأنانية والنظرة الآنية ..هل اتفق العرب والمسلمون أخيرا على أن لا يتفقوا وأبرموا عقد الطلاق البائن بينونة كبرى وبلا رجعة..ما الذي جعل التفكك والاختلاف وعدم التوافق ورقة طريق وحيدة بين القادة العرب وكأنهم أمة متفرقة لم يجمعها دين ولا هوية ولا تاريخ ولا مصير مشترك ولا عدو واحد ..هل أفلحت الخطط الغربية والصهيونية في جعل المسلمين بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ...أم أنّ العبقرية العربية والمسلمة لم تفلح سوى في ابتكار القضايا الخلافية المشتتة القاتلة المؤدية إلى مزيد من الشروخات والتناقضات والتناحرات المهلكة ..أليس عيبا ومنقصة أن تسعى أوروبا العجوز المتعددة المختلفة دينا وتاريخا ولغة وتَلُمَ شملها وتنسى خلافاتها وأحقادها وتسعى لأهدافها وخططها الكبرى وتوحد عملتها واقتصادها وعلمها ، بينما تسعى وتجتهد أنظمتنا العربية في زراعة التفكك والكراهية والطائفية والجهوية والعرقية والخلافات البينية . كل أمم الأرض تتكتل ..لأن العمود محمي بحزمته ضعيف حين ينفرد ويد الله مع الجماعة وفي الأمة من الأسس والدعائم والأهداف ما يجمع أكثر ما يفرق ..وما اجتمعت أمة إلا وشكلت قوة ومناعة ..وبداية الوحدة والتوافق هو تناسي الخلافات والمناكفات والصراعات وعدم الغرق في التفاصيل.. لأن العصر يقتضي تعدد الرؤى والأفكار والمواقف أيضا.. ولكن هذا لا يلغي الاتفاق على الحد الأدنى من الأهداف الكبرى حتى وإن كانت خمسة أسطر بسيطة تُكتب وتُعلق في كل مدرسة من المحيط إلى الخليج .