أكد حازم حسنى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة, أن هناك تخبطًا فى تصريحات الدكتورة هدى عبد الناصر ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والتي قد تداخلت مع الإعلامية لميس الحديدى منذ أيام لتنفى عن عبد الناصر أنه كان يتحدث بالمجاز عن مصرية تيران، حين تحدث عنها فى مؤتمره الصحفى العالمى قبيل حرب 1967، وهو ما كان قد ادعاه المتحدث الرسمى للخارجية المصرية ضمن حملة تجريد الجزيرتين من جنسيتهما، وأكدت سيادتها وقتها – بكل ثقة – أنها بعد أن درست كل خطب والدها فإنه يمكنها التأكيد على أنه لم يكن يوماً متحدثاً بلغة المجاز! وكشفت هدى مساء أمس على نفس الفضائية وفى نفس البرنامج، عثورها فى أوراق والدها على وثيقة تثبت سعودية تيران وصنافير! وذلك عقب تراجع اللواء عبد المنعم سعيد رئيس غرفة العمليات الأسبق عن شهادته بشأن مصرية الجزيرتين، وبشأن سيادة مصر عليهما!. وأضاف حسنى: "الصدفة لم تكن فقط فى ظهور الوثيقة بين أوراق عبد الناصر بعد مرور 46 عامًا على رحيله على وفاة عبد الناصر لم تلحظ خلالها الدكتورة هدى هذه الوثيقة التي ظلت مختفية طوال هذه المدة لتفاجئنا بوجودها بين الأوراق، وكأنها تقول لنا وبراءة الأطفال فى عينيها: "بخ، أنا هنا"!.. الصدفة لم تكن فقط فى هذا الظهور المفاجئ للوثيقة، وإنما –ويا لكم المصادفات– فى ظهورها قبل ساعات من يوم تخشى أجهزة الدولة أن تندلع فيه مظاهرات احتجاجية بخصوص الجزيرتين!.. بمنطق الأفلام الهزلية، قالت لنا الوثيقة وهى تضحك ملء شدقيها: "إنتم اتخضيتم، مش كده؟ والله العظيم انتم اتخضيتم". وتابع: "رغم هذا الإخراج المغرق فى "السبكية"، وهو لا يختلف عن إخراج مشهد ظهور متعلقات "جوليو ريجينى"، وكأننا قد تعاقدنا مع "بوليوود" لإدارة حياتنا العامة، فإن الوثيقة المزعومة لا يوجد بها ما يخص عبد الناصر كما حاول الإعلام الموجه الإيحاء بذلك، وكأنها تحمل اعترافًا من الزعيم بسعودية الجزيرتين! وإنما هى مذكرة مرفوعة من إدارة فلسطين بالخارجية المصرية لرئاسة الجمهورية يوم 20 مايو 1967، أي قبل إغلاق عبد الناصر لمضيق تيران، ومن ثم قبل أن يخرج فى مؤتمره الصحفى العالمى الذى تحدث فيه بحزمه المعتاد عن مصرية تيران بكلمات سبق للدكتورة هدى عبد الناصر أن نفت عنها مجازيتها!". وتساءل: "ما الذى دفع الدكتورة هدى عبد الناصر إذن للمسارعة بإظهارها، وللحديث عنها إعلامياً وكأنها وثيقة جاء بها الحق وزهق الباطل، أو كأنها وثيقة أتت بجديد "يثبت" – على غير حقيقة الوثيقة – سعودية الجزيرتين؟". وأضاف: "الوثيقة المزعومة لم تعثر عليها الدكتورة هدى عبد الناصر مصادفة كما تدعى، وإنما هى سُلِّمت لها من جهة "سيادية" لتعلنها هى في هذا التوقيت، مشفوعة ببعض "البهارات" التى تعطى للوثيقة زخماً إعلامياً لم يكن ليتحقق لو أن الخارجية المصرية – مثلاً – هى التى أعلنت عن الوثيقة، وهو ما حدث بالفعل.. إذ تلقف موقع "العربية" - السعودى - تصريحات ابنة الزعيم جمال عبد الناصر، وأبرزها باعتبارها "تراجعاً" منها عن موقفها السابق القائل بمصرية الجزيرتين، فضلاً عن جرعة "البهارات" التي وصفت بها الدكتورة هدى عبد الناصر المتمسكين بمصرية الجزيرتين بأنهم مزايدون يثيرون "نعرة وطنية مزيفة" (هكذا؟)!". وأنهى حسنى حديثة طارحًا بعض الأسئلة, هل هذا هو الدور الذى قبلت هدى عبد الناصر أن تقوم به لحساب "الجهة السيادية" التي سربت لها الوثيقة؟ ألا إنه من الأدوار التي لم تكن تليق بها، ولا هو دور يليق بالاسم الكبير الذي تحمله بعد أن أوحت بمداخلتها أن الأمر يتعلق بأوراق عبد الناصر الذى استنطقته وهو فى قبره اعترافًا بسعودية الجزيرتين على خلاف حقيقة الوثيقة، وعلى خلاف ما تنص عليه، وعلى خلاف ما مات عبد الناصر وهو متمسك به! ... أما تهافت قراءة الدكتورة هدى عبد الناصر للوثيقة، وخلطها بين موضوع ونص الوثيقة وبين تصوراتها الساذجة عن "الوطنية المزيفة" وعن "العروبة" التى تجعل من مصر حارساً تحت الطلب لأملاك الآخرين.