أبرزها جمعة الأرض.. ثورة الموظفين.. وغضب الأطباء.. أمناء الشرطة.. قتيل الدرب الأحمر لم يكن يتوقع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن يثور المصريون في عهده كما حدث مع الرئيسي السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي، عند ثار الشعب عليهما، فبعد عامين على حكمه، بات الوضع أكثر احتقانًا عن ذي قبل، مع خروج تظاهرات هتفت للمرة الأولى للمطالبة بإسقاط حكمه، في ظل تصاعد حدة الغضب أكثر بعد قرار الحكومة المصرية بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. ورصدت "المصريون" أبرز المظاهرات خلال حكم السيسي: قانون الخدمة المدنية في 10 أغسطس الماضي، خرجت أكبر تظاهرة في عهد السيسي، أطلقت عليها وسائل إعلام "ثورة الموظفين"، حيث خرج الآلاف من شتى المحافظات، اعتراضا على قانون الخدمة المدنية. احتشد الآلاف من العاملين بالدولة، أمام نقابة الصحفيين، غير مهتمين بتطبيق قانون التظاهر الذي كان يمكن أن يقودهم جميعا إلى الحبس أو الموت حال فض وقفتهم بالقوة، بعد اختراقهم قواعده بعدم حصولهم على تصاريح بالتظاهر، فلم يعد أمامهم سوى كسر كل حواجز الخوف والصمت في سبيل الدفاع عن أقواتهم ومصالحهم الوظيفية. وخرجت المظاهرات بهتافات ضد الحكومة والنظام ورفع المتظاهرون لافتات مكتوبًا عليها "عيش حرية عدالة الاجتماعية"، مستنجدين بالرئيس عبد الفتاح السيسي بعدما تم تطبيق القانون بالمؤسسات. أجمع الخبراء، على أن قانون الخدمة المدنية، يزيد من أعباء الموظفين ويكرس ديكتاتورية الإدارة، ليوقع جزاءات على موظفيه دون رقابة أو معايير محددة، وسيترتب عليه الإضرار بحقوق العاملين بالدولة. ورغم مخاوف النظام من غضب الموظفين، كان هناك عناد من الحكومة في تطبيق القرار واستفزازهم بتصريحات من خلال وزير المالية، الذي صرح بأن القانون مطبق في مؤسسات الدولة لحين التصديق عليه من البرلمان. وانعقد مجلس النواب خلال الشهور الماضية للتصديق على القانون، إلا أن النواب انحازوا للموظفين، ليخرج بعدها الرئيس مبديًا غضبه من ذلك قائلا: "أنا لا أتدخل في عمل البرلمان ولكن لازم أتكلم لأن مصر مسؤولة مننا وأمانة في رقبتنا"، معتبرا أن الخدمة المدنية أحد قوانين الإصلاح التي تحتاجها مصر في هذه المرحلة. أمناء الشرقية فيما كان لافتًا قيام المئات من أفراد الشرطة، بوقفة احتجاجية أمام مبنى مديرية أمن الشرقية، في 22 أغسطس 2015، في الوقت الذي طالب البعض بتنفيذ قانون التظاهر على هؤلاء من يقومون بتطبيق على الشعب. جاءت احتجاجات أمناء الشرطة من أجل المطالبة بحقوقهم المادية ورفع بدل الخطر إلى 100% وزيادة حافز الأمن العام وصرف معاش تكميلي للأفراد أسوة بالضباط وتحسين المنظومة العلاجية، ورفعوا بذلك عدة مذكرات للحكومة إلا أنها لم تستجب، فعزموا على الإضراب عن العمل. تطور الاحتجاج في اليوم التالي إلى اقتحام مديرية أمن الشرقية، بعدما عمدوا إلى الاعتصام لحين الاستجابة لمطالبهم، وما كان من قوات الشرطة إلا تفريق الاعتصام بالغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص الحي في الهواء، ولكن ما زاد ذلك "الأمناء" إلا إصرارًا على استكمال الاعتصام. ورأت الداخلية أن هذه الاحتجاجات تعد خروجًا عن القانون، وقال اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام، إنه يجب إعلاء مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، وهناك طرق مشروعة أخرى يمكنهم من خلالها تقديم شكاواهم، مؤكدا أن من سيخرج على القانون سيلقى عقابا، وبعد 48 ساعة فض أمناء الشرطة اعتصامهم، بعد قبولهم التفاوض مع قيادات وزارة الداخلية، وتلقي وعود بتحقيق مطالبهم. غضب الأطباء تجاوزات أمناء الشرطة قادت الآلاف من الأطباء إلى الاحتشاد عند دار الحكمة، في 12 فبراير الماضي، أطلقوا عليه "يوم الكرامة"، في ذلك اليوم لم يسع شارع قصر العيني الأطباء من كثرة أعدادهم، فلجأ بعضهم لاعتلاء سطح نقابتهم، ليصبوا جم غضبهم من ممارسات الداخلية، بدا ذلك في هتافاتهم "الداخلية بلطجية". انتفض الأطباء وعقدوا جمعية عمومية غير عادية، كخطوة تصعيدية بعد واقعة تعدي أمناء شرطة على أطباء مستشفى المطرية، ودهس أحد الأطباء بالحذاء فوق رأسه، في محاولة لإجبار الطبيب بالمستشفى لكتابة تقرير مزور بإصابات نتيجة العمل، لم تكن واردة بحالته، ولما رفض تعرض طبيبان لإصابات وكسور نتيجة الاعتداء عليهما بمؤخرة السلاح الميري. وفى اليوم التالي من أزمة الأطباء تجاهل الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاح الدورة البرلمانية، وإلقاء خطابه أمام النواب، على عكس ما هو معتاد منه عن الحديث في الأزمات التي تثير غضب المواطنين. قتيل الدرب الأحمر لما يكن أحد يتوقع تكرار سيناريو أحداث ثورة 25 يناير عندما قام الشعب بمحاصرة الأقسام الشرطية بجميع المحافظات، حتى حاصر أهالي الدرب الأحمر مديرية أمن القاهرة، يوم 18 فبراير، بعد مقتل سائق سيارة أجرة الشاب العشريني محمد عادل الشهير ب "دربكة"، برصاصة في الرأس على يد أمين شرطة بعد مشادات بينهما، إثر خلاف على أجرة السيارة، وسرعان ما تجمهر أهالي منطقة القتيل بالدرب الأحمر وحاصروا مديرية الأمن، مرددين هتافات ضد الداخلية ومطالبين بالقصاص. محاصرة الأهالي لمديرية الأمن حملت تطورًا نوعيًا في شكل الاحتجاجات التي خرجت في عهد السيسي، كانت هذه أول مرة تخرج الجماهير في احتجاج شعبي تهتف ضد السيسي والداخلية. وبعد ساعات من الواقعة، اجتمع الرئيس مع وزير الداخلية، في شرم الشيخ، وأكد له ضرورة حماية المواطنين، وأنه على الرغم من عدم تعميم بعض التصرفات غير المسئولة لعدد من أفراد جهاز الشرطة على هذا الجهاز، الذي قدم العديد من التضحيات والشهداء من أجل حماية الوطن والمواطنين، إلا أنه تتعين مواجهة تلك التصرفات بالقانون لوقفها بشكل رادع ومحاسبة مرتكبيها، مطالبًا مجلس النواب بسن تشريعات جديدة تضبط الأداء الأمني. مظاهرات "جمعة الأرض" شهدت الجمعة الماضية أكبر تجمع للآلاف من المتظاهرين من القوى الثورية والمدنية، رافضين اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي وقعها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، خلال زيارته للقاهرة أول الشهر الجاري، والتي قضت بنقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر للمملكة. فمنذ إعلان الاتفاقية واندلعت الدعوات للتظاهر في 15 إبريل تحت شعار "الأرض هي العرض" على مواقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك" و"تويتر"، واستجاب الآلاف في مشهد غير مألوف وانتشروا بالشوارع، عادت معها روائح من ثورة 25 يناير، سواء في تلك الهتافات التي طالبت بإسقاط النظام، أو تعامل الداخلية معها بتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع ومشاهد أخرى دارت على مدار اليوم. وقبل خروج هذه التظاهرات بيومين كان الرئيس مجتمعًا بعدد من القوى الوطنية، حدثهم فيها عن أحقية السعودية في "تيران وصنافير"، مطالبا المصريين بعدم التحدث في قضية الجزيرتين مرة ثانية، بينما حدد المحتجون، يوم 25 إبريل الجاري موعدًا للتظاهر مرة أخرى لرفض ما وصفوه ب "بيع الأرض".