فاجأ الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين", العالم خلال اجتماع لمجلس الوزراء بإعلان انسحاب "الجزء الرئيسي" من قوات بلاده من النزاع السوري ونجاح روسيا في تحقيق أهدافها هناك. ووفق تقرير نشرته النسخة الأميركية ل"هافينجتون بوست"، الثلاثاء 15 مارس 2016، يسلّط إعلان بوتين الضوء على ما زعمه المحللون وقوات المعارضة منذ بدء التدخل الروسي من أن هدف الكريملين في سوريا لم يتمثل مطلقاً في استهداف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، على حد زعمهم، بل في ترجيح كفة القوى لصالح نظام الأسد. وغادرت الطائرات الحربية الروسية قاعدة حميميم الجوية في سوريا متجهةً إلى الوطن, وهي بداية الانسحاب الجزئي للقوات الروسية الذي أعلنه بوتين الاثنين الماضي. وقد صرح رئيس أركان الكرملين سيرجي إيفانوف فور إطلاق روسيا ضرباتها الجوية في سبتمبر 2015، أن هدف روسيا كان يتمثل في "توفير الدعم الجوي حصرياً للقوات الحكومية السورية في صراعها ضد تنظيم داعش". وبمجرد إصدار روسيا لقرار التدخل، بدأت الأمور في الانهيار. وبدلاً من استهداف المناطق الخاضعة للتنظيم، قصفت الضربات الجوية الروسية المناطق الخاضعة للمعارضة السورية حيث كانت قوات الأسد تشنّ هجماتها. وبعد أسابيع من بدء الضربات، أوضح تحليل وكالة رويترز لبيانات وزارة الدفاع الروسية، أن أكثر من 80 % من عمليات القصف الروسي لم تكن تستهدف داعش. وقال ويل مكانتس، أحد خبراء شؤون تنظيم الدولة من مؤسسة بروكينجز، بعد أيام من بدء الضربات الجوية "إنهم يزعمون أنها حربٌ ضد تنظيم داعش لتبرير تورطهم العسكري المتزايد". وذكر ماكنتس أن السبب الرئيسي للتدخل كان يتمثل في دعم نظام الأسد. وكانت الجولة الأولى من الضربات الجوية بمثابة بداية تستمر على إثرها الحملة على مدار ستة شهور، حيث تتدخل روسيا لاستهداف الإرهاب وتوفير دعم جوي للأسد خلال هجمات القوات الحكومية واسعة النطاق لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. ومن خلال الدعم الروسي، إلى جانب قوات حزب الله والقوات الموالية لإيران، سرعان ما استعاد الأسد موقف القوة خلال النزاع. ونظراً لأن التدخل الروسي أحكم قبضة الأسد على سوريا، أدانت جماعات حقوق الإنسان أيضاً ذلك التدخل الذي استهدف البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات. وقالت تيرانا حسن، من منظمة العفو الدولية، في بيان صدر في وقت سابق من هذا الشهر "أصبحت المستشفيات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بأنحاء حلب هدفاً رئيسياً للقوات الروسية والقوات الحكومية السورية. وأدى ذلك إلى القضاء على مسار هام للنجاة للمدنيين المقيمين في هذه المناطق المنكوبة، ولم يترك أمامهم أي خيار سوى الفرار".