قبيل خروجها بلحظات قام قداسة بطريارك الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بمباركتهم واصباغ مهمتهم (حربهم) بالصبغة الدينية المقدسة إمعاناً في حثهم على الإخلاص فيما هم ذاهبون إليه وإشارة الى أن الله يبارك كل ما سيقومون به . بعد شهور طويلة ظلت الطائرات الروسية تضرب البلدات والمدن السورية وتهدم البيوت علي رؤوس ساكنيها وتنتقل كل يوم من مجزرة الى مذبحة حتى المشافي ودور العبادة لم تسلم من حقدها وغلها . شهور طويلة ورايات الحرب المقدسة مازالت يعزف لها الأناشيد في الوقت الذى تنبعث منها قاذفات الصواريخ ، في تحدً وعداوة للإنسانية لم نرى لها مثيل إلا في الحروب الصليبية (المقدسة) أو التتارية الوحشية على بلاد المسلمين. لا أحد يستطيع أن ينكر كم المجازر التي إرتكبها الطيران الروسي الحربي ، تحت مسمى محاربة الإرهاب وهي مجازر وحشية تستوجب تصنيفها كحروب أبادة بعد أن سوت مدناً بأكملها بسطح الأرض وحولتها الى أطلال تنعق فيها الغربان . فإذا كانت الحملة الروسية لم تؤتى بثمارها المرجوة ، أوكما خُطط لها منذ يومها الأول ، فما السبب الحقيقي الذي دفع بوتين لأتخاذ مثل هذا القرار حتى وإن كان بتنسيق كامل مع حليفه بشار (المجرم) للإجابة على هذا السؤال هناك ثمة رأيين . وبالرغم من كل هذه الأعمال الوحشية الإنتقامية لا أحد يستطيع الجزم بأن بوتين وطائراته حققت نصراً ساحقاً في المعركة (المقدسة) واستسلم على إثرها (الإرهابيين) المجاهدين او قضى علي نفوذ الدولة الإسلامية في سوريا على الأقل ! . الرأي الأول يعود بالتاريخ الى الوراء قليلاً . ففي 25 ديسمبر عام 1979 ولمدة عشر سنوات دفع الاتحاد السوفييتي بقواته في أفغانستان في حرب كان الهدف السوفييتي منها دعم الحكومة الأفغانية الصديقة للاتحاد السوفييتي، والتي كانت تعاني من هجمات الثوار المعارضين للسوفييت، والذين حصلوا على دعم من مجموعة من الدول المعادية للاتحاد السوفييتي من ضمنها الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية وباكستان والصين، ووقتها أدخل السوفييت الجيش الأربعين في ديسمبر 1979، وانسحبت القوات السوفييتية من البلاد بين 15 مايو 1988 و2 فبراير 1989. في تلك الحرب، فشلت القوات السوفييتية في بسط سيطرتها خارج العاصمة كابول وظل 80% من الأراضي الأفغانية بعيدة عن سطوتها، وبحلول أواسط الثمانينيات، كبدت حركة المقاومة الأفغانية المدعومة من قبل كل من الولاياتالأمريكيةالمتحدة والمملكة المتحدة والصين والسعودية وباكستان ودول أخرى، موسكو خسائر عسكرية كبيرة وعلاقات دولية متوترة، وكان المحاربون غير النظاميين الأفغان يتم تسليحهم وتمويلهم وتدريبهم بشكل رئيسي من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكيةالمتحدة والسعودية وباكستان.
فهل أعلن بوتين إنشقاقه عن بشار وتركه للعواصف تقذف ، أم ان بشار خرج من عباءة الوصاية الروسية حين اصرت إدارته على بقاءه في السلطة بالرغم من معارضة اهم حلفائه !. ربما روسيا الاتحادية (الحالية) تختلف عن الإتحاد السوفيتي (السابق) فالظروف السياسية و الأقتصادية ، تختلف فروسيا بوتين لا تريد أن تتورط في حرب طويلة المدى تواجه فيها الخصوم ذاتهم الذين واجهتهم في أفغانستان قبل نصف قرن تقريبا، ويبدو أن بوتين فهم دروس الماضي جيدا فكان تدخله في سوريا محددا بمدة زمنية وأهداف يدعي أنه تم تحقيقها على أكمل وجه ومن ثم انسحب دون تكبيد قواته خسائر كبيرة. وثمة رأي ثاني ، يقول أن بشار خرج من بيت الطاعة الروسي حين اصر وزير خارجيته وليد المعلم أن الرئيس بشار خط احمر حين الحديث عن التسوية المستقبلية ، مما وضع المباحثات الروسية الأمريكية بشأن مستقبل سوريا في مهب الريح خاصة أن القوى الدولية وكل قوى المعارضة تتفق أنه لا مكان لبشار في سوريا المستقبل .