قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن وفدًا من قادتها وصل اليوم، إلى القاهرة، للقاء مسؤولين مصريين لبحث "العلاقة" الثنائية بين الطرفين، عقب اتهامها مؤخرا بالتورط في عملية اغتيال النائب العام المصري السابق، هشام بركات. وقال سامي أبو زهري، المتحدث الرسمي باسم الحركة، في تصريح إلى وكالة "الأناضول" إن "وفدًا من قيادة الحركة من الداخل والخارج، برئاسة عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق يصل اليوم القاهرة، للقاء مسؤولين مصريين لبحث العلاقات الثنائية وقضايا قطاع غزة". وأكد أبو زهري، أن حركته تنظر بإيجابية لهذه الزيارة، التي قال إنها ستؤسس لعلاقة "متوازنة، ومرحلة جديدة بين الطرفين". ولفت أبو زهري، إلى أن حركته تريد "استكمال التقارب الإيجابي الأخير، الذي طرأ على العلاقة مع مصر، وتهدئة الأوضاع، ونفي الاتهامات المصرية الأخيرة". وكان وفد من حماس قد غادر صباح اليوم، قطاع غزة، عبر معبر رفح البري، إلى العاصمة المصرية، القاهرة. وقال مصدر في هيئة المعابر بغزة (تديرها حركة حماس) إن وفدًا من حركة حماس، غادر اليوم قطاع غزة، إلى القاهرة. وضم الوفد بحسب المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، أعضاء المكتب السياسي (محمود الزهار، خليل الحية، عماد العلمي، نزار عوض الله). وكانت حركة حماس، قد أعلنت الاثنين الماضي، وخلال مؤتمر صحفي على لسان الناطق باسمها صلاح البردويل، أنّ الاتهامات المصرية الأخيرة لها، جاءت بعد حدوث تطور في العلاقة بين الجانبين، وقبيل استعداد وفد من قيادة حركة لزيارة القاهرة. وأوضح أن الاتصالات بين الجانبين، أجريت بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ومدير جهاز المخابرات العامة المصرية، الوزير خالد فوزي. وكان وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، قد قال الأحد الماضي خلال مؤتمر صحفي في القاهرة إن حركة حماس قامت بتدريب ومتابعة "عناصر إخوانية" شاركت في تنفيذ عملية اغتيال النائب العام السابق في يونيو 2015، وهو ما نفته حماس وجماعة الإخوان ببيانات رسمية وعلى لسان قياديين فيهما. وثمن السفير عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وجود قنوات تواصل بين جهاز المخابرات العامة و"حماس"، مشددًا على أن "هذا الأمر ضرورى للحفاظ على الأمن القومى فى ضوء سيطرة الحركة على قطاع غزة المحاذى لشبه جزيرة سيناء، فضلاً عن أن الانفتاح على حماس يضمن الدور التاريخى لمصر فى القضية الفلسطينية وهو محدد رئيسى لوزن مصر الإقليمى والدولي". فى المقابل، رأى الأشعل أن "توجيه وزير الداخلية اتهامات لحركة حماس فى ظل وجود مخطط لزيارة وفدها للقاهرة مؤشر خطير على افتقاد مصر المركزية فى القضايا الاستراتيجية، ووجود صراع بين أجهزتها السياسية، ما يكشف عمق المأزق الذى يواجه القاهرة على الصعيدين السياسى والأمنى عبر وجود جزر منعزلة تدير المشهد، وهو أمر يجب وقفه بشكل فورى باعتباره يقرب مصر من أن تصبح دولة فاشلة". واستبعد الأشعل تطرق المفاوضات المتوقعة بين "حماس" والقاهرة إلى قضية اغتيال النائب العام الراحل هشام بركات فى ظل حرص الجهاز الأمنى على استمرار التقارب مع الحركة بشكل يهدف إلى تحقيق الهدف الاستراتيجى الأهم وهو ضبط الأوضاع فى سيناء، فضلا عن إعادة ضخ الدماء فى عروق ملف المصالحة مع حركة "فتح"، لإنهاء حالة الانقسام الفلسطينى التى توشك أن تنهى عقدها الأول دون أن تظهر أى بوادر على نهايته. من جانبه، رجح الدكتور طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، تأجيل زيارة وفد "حماس" إلى القاهرة "فليس من المنطقى تلقى الحركة دعوة لزيارة القاهرة فى الوقت الذى يوجه وزير الداخلية المصرى اتهامات لها بالضلوع فى اغتيال النائب العام السابق هشام بركات"، قائلاً إن هناك حزمة من الشروط يجب على "حماس" تنفيذها قبل الحديث عن أى زيارة أو تقارب. وأضاف: "هذه الشروط تتضمن ضرورة عدم التدخل فى الشئون المصرية والكف عن تقديم أى دعم لوجيستى لجميع الحركات المناهضة للجيش وأجهزة الأمن فى سيناء وعدم تقديم ملاذ آمن لعدد من قيادات تنظيم أنصار بيت المقدس "ولاية سيناء" وتسليم القاهرة عددًا من قياداتها المتواجدين فى غزة فضلا عن التعاطى بإيجابية مع ملف المصالحة مع حركة فتح". مع هذا، لا يستبعد فهمى فى المجمل وجود تقارب مع الحركة على المدى الطويل فى ظل أهمية استمرار الدور المصرى فى القضية الفلسطينية باعتبارها من ثوابت السياسة المصرية طوال العقود السبعة الأخيرة، وهو أمر لا يعتقد أنه سيشهد تغييرًا استراتيجيا خلال المستقبل المنظور أو البعيد. وأشار محمد عصمت سيف الدولة، الخبير فى الشأن القومى العربية إلى أن هناك تحليلات ذهبت إلى أن هناك اختلافًا مكتومًا بين الأجهزة الأمنية والسيادية فى إدارة ملف العلاقات المصرية مع غزة، مضيفًا: "هذا الملف كان منذ زمن طويل من اختصاص المخابرات العامة، لكن رائحة الأمن الوطنى واضحة فى اتهامات وزير الداخلية ل "حماس" في اغتيال النائب العام الراحل". ورأى سيف الدولة، أنه "ليس لحماس أى مصلحة فى التورط مع السلطات المصرية التى تتحكم فى شرايين حياة غزة من خلال المعبر"، معربًا عن مخاوفه من أن "تمهد هذه الاتهامات للقيام بأى عمليات عسكرية فى غزة، لن تخدم سوى إسرائيل".