الإنسان بما اخذ من الدنيا وقدم لامته ، ام بما اعطى لوطنه ولنفسه ، ام بحله وترحاله وبصولاته وجولاته ، انا اعتقد ان الانسان صاحب الرسالة هو كل ماسبق ، ولان الحياة عند بعض الناس موات ، وعند البعض الاخر حيوات ، ياتى الانسان الى الدنيا ليحمل رساله ويودى دور ويقاس الانسان بحسب دوره وما ادى ، احيانا تشاهد فى بعض الاعمال الفنيه الممثل يؤدى دورا خالدا يذكر من بعده ولولم يكن له سوى هذا الدور ، واحيانا اخرى ترى ممثل باهت لادور له ولاقيمه ولا اثر مع كثرة ما ادى من اعمال ، وشخص لاينبت ببنت شفه ، ولايحرك جسده ولا يؤثر ولايؤثر -بضم الياء- ، وكل ماسبق ادوار لكن الرساله اسمى من الدور ، والله -عزوجل- اصطفى الرسل بالرساله ، بينما جعل للحواريين والاصحاب ادوار ، بينما صاحبنا اليوم جمع بين رسالة ودور من نوعا خاص ، تتمثل الرساله فى انه صاحب قضيه ، ويتلخص الدور فى انه رجل حامل هم امته فى صدره ينفعل ويتالم لما يؤلمها وما اكثر الجراح والطعنات ، ويفرح لما فيه خيرا لها فى هذه اللحظات ، لا يبالى بالتضييق والايذاء طالما طال جسده البالى وقمطريه الفانيه ، غضبه فقط لبنى جلدته وابناء امته ، يستحثهم على العمل والمثابره والاجتهاد واعمال العقل حتى يعلو شان الامه وتنهض وتساير الركب ، كان متيقنا من ان امته بها خير وبقية باقيه ، ولكنها تحتاج الى الصياد الماهر والغواص البارع الالمعى ليلتقط الدرر ويخرج المعدن النفيس من باطنها ، المعدن الذى هو اصل هذه الامه ومصدر خيرها وسعادتها وراحة بالها ، كان ينظر الى الغرب نظرة تانى وتامل ، لم يبهره ما وصل اليه الغرب من تقدم ،كان على ثقه وعلم من ان امته وصلت الى اكثر مما وصل اليه الغرب فى اوقات قياسيه ، لكنه بقدر التامل والمعرفه كان واقعيا ، يرى ان الامه لن تنزل عليها حضاره وتقدم من السماء ، فعلى ابنائها ان يصنعوها بنفسهم ، لم تبهره حداثة الغرب بقدر ما انه تالم لرجعيتنا نحن ، كان على معرفه بما يشبع الروح والجسد ، والعقل والعاطفه ، يعرف ان الروح فشل الغرب فى اشباعه وسد رمقه ، وبين الجسد الذى اطلق له العنان ليصول ويجول ، وبين الروح اشواطا واشواط ، كان يعرف ان الغرب لم يصنع حضاره ، بقدر ما انه قدم منتجا ماديا مستهلكا يشبع جسده ونزواته ، كان يرى ان لاخير للمسلمين الا فى اتحادهم ، لااتحاد الشعارات والدعايات والمنظمات ، بل الاتحاد فى اسمى صوره واجل اشكاله ، كان على علم بان الكلام لايصنع اتحادا ولايقيم حضاره ، فكان يؤمن بالعلم والمعرفه ، فقد كان علما وفقهه واجتهاداته ثوريا على صله بواقع امته ، ياخذ من التراث اخذ الواثق من ان ماصنعه الاجداد كان مبعث فخرا وعزه ، لكنه لم يكن نصا مقدسا بل هى اجتهادات عقل واعمال فكر وفق ادوات محدده ومعلومه من استخدمها قد يصيب كثيرا وقليلا ما يخطىء ، فالتراث عنده ثروه هامه للاقتباس والتناول لكنه لم يكن يوما عبدا لهذا التراث ، ينظر فيه يتامل ويدقق وياخذ ويرد ويراجع ويعمل فكره ونظره ثم يرى مايرى ، ليخرج لك اجتهادات غايه فى الروعه والابتكار والتجديديه ، فقد كانت روحه -رحمه الله- وثابه مثابره فلم يكن دوره فى تاسيس حزب المؤتمر الشعبى دورا عفويا ولا مرحليا ، فالرجل لم يكن يتولى المنصب حبا فى المنصب وعوزا له ، بل هو كدرج السلم من اجل الارتقاء بالامه ، يعتنى بشباب الامه ويوجههم لانه يعلم ان احد اسباب رفعة الامه يثمثل فى شبابها ، وياتى ذلك من خلال المشاركه والتفاعل البناء ، لامن خلال الاقصاء والتهميش والاعتقال والقتل ، كان من كلامه اجعلوا الشباب يخطىء ، ولاتجعلوا الكبار يخطئون ، فالشاب عندما يخطىء هناك فرصه للتصحيح والمراجعه ، بينما الكبار ماذا سيؤدون بعدما يخطئون اللهم الا الموت ، نعم رحمك الله يا علامة الامه ، ويافقيه السودان ، ويامصدر فخرها ومبعث فرحها ، امضى الى الباقيه بثقه فباذن الله ربك لن يخزيك ، ولن يضيع عملك هبئا ، امضى وانت تعلم ان الامه بها بقية من خير ، وانها ستعود يوما وتقف على قدميها ، وانت قلت ذلك وكنت على ثقه من الشباب الذى خرج ليغير الطواغيت الجبابره الاكاسره ، الذين عاثوا باحلام الامة وطموحات شبابها فسادا ، وبثروتها ومدخراتها فسادا ونهبا ، على ثقه انت منهم بان الخير باق فيهم والامل عائد اليهم ، امضى الى ربك وبغ من مضى وقضى من الامه ان الله على نصرنا لقدير ، رحمك الله ورحم الجميع ، انه جامعانا جميعا -باذن الله- فى جنته ودار مقامته، وعليك السلام ياحسن