أصدرت وزارة الصحة قرارًا بإغلاق مركز النديم وإلغاء ترخيصه. وتعتبر المنظمات أن ما يتعرض له المركز من تهديدات يأتي بسبب نشره تقارير دورية عن حالات التعذيب وأوضاع السجون في مصر، ودوره الدؤوب في حصر أعداد ضحايا العنف والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والحاطة من الكرامة في أماكن الاحتجاز، سواء من قِبل وزارة الداخلية أو غيرها من الأجهزة الأمنية بشكل منهجي غير مسبوق. وعقد مركز النديم أمس الأحد 21 فبراير مؤتمرًا صحفيًا بمقر نقابة الصحفيين، حضره العديد من أهالي ضحايا التعذيب، وعدد من الداعمين لدور المركز وموقفه، فضلًا عن مجموعة من الشخصيات العامة والحقوقية والدبلوماسية. خلال المؤتمر استعرض المركز تفاصيل ما تعرض له يوم الخميس 18 فبراير، حيث توجه عدد من رجال الأمن بصحبه موظف من حي الأزبكية لمقر المركز بشارع رمسيس، لتنفيذ قرار بغلق عيادة النديم، بناءً على قرار من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، فيما طالب محامي المركز بتأجيل قرار الغلق حتى اليوم الاثنين الموافق 22 فبراير 2016 لحين استيضاح الأسباب. كان مركز النديم قد أصدر في يناير الماضي تقريرًا بعنوان حصاد القهر حول انتهاكات وزارة الداخلية وقوات الأمن على مدى عام 2015، وتضمن التقرير الإشارة ل328 حالة قتل خارج مقار الاحتجاز و137 حالة قتل داخل مقار الاحتجاز. ولقى التقرير اهتماما إعلاميا بالغا، بسبب ما تضمنه من بيانات ومعلومات حول انتهاك وزارة الداخلية وقوات الأمن للحق في الحياة والحق في سلامة الجسد والأمان الشخصي، وهو الأمر الذي نعتقد أنه كان المحرك الرئيسي لاستصدار قرار الغلق. إن ما يتعرض له مركز النديم يأتي في إطار هجوم أوسع وضاري تشنه الحكومة والأجهزة الأمنية المختلفة ضد المنظمات الحقوقية المستقلة، بدأته وزارة التضامن الاجتماعي في نوفمبر2014 بمحاولة إجبار تلك المنظمات على التسجيل تحت قانون الجمعيات الأهلية القمعي رقم 84 لسنة 2002. وفيما نجحت الضغوط المحلية والدولية في تمرير موعد انتهاء المهلة المحددة من قبل الوزارة لإنهاء عمليات التسجيل (10 نوفمبر 2014)، دون أي عمل عدائي يُذكر من الحكومة، إلا أنه وفي خلال أقل من شهر من ذلك التاريخ، جددت الدولة هجمتها على المنظمات الحقوقية عن طريق إعادة إحياء قضية التمويل الأجنبي 2011، والتي على خلفيتها قرر قاضي التحقيق في 2014 منع 4 من العاملين بالمعهد المصري الديمقراطي من السفر، وتبع ذلك –على مدى عام 2015– أكثر من استدعاء للتحقيق لموظفين آخرين في منظمات حقوقية أخرى من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز هشام مبارك للقانون. ولا تزال تلك الحملة مستمرة، فقبل أسبوعين فقط تم منع الناشط الحقوقي البارز جمال عيد المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان من السفر بأمر من النائب العام، ودون إخطار مسبق أو إبداء أسباب. تلك التهديدات والحرب غير المسبوقة على الحركة الحقوقية المصرية دفعت بعض المنظمات والجمعيات الأهلية إلى وقف نشاطها أو تغيير مسار عملها، أو نقل معظم أنشطتها إلى خارج مصر، الأمر الذي أضحى معه مجرد إصدار تقرير من تلك المنظمات قد يشكل تهديدًا حقيقيًا لوجودها. المنظمات الموقعة تجدد تضامنها الكامل مع مركز النديم الذي يحتل مكانة محورية وأساسية في الحركة الحقوقية، كما تعلن استمرار دعمها وتوفير مواردها له في حالة غلقه، ليتمكن من الاستمرار في دعم المظلومات والمظلومين والناجيات والناجين من جرائم التعذيب وجرائم العنف الجنسي.