كشف تقرير بصحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة في قضية مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني"، مشيرًا إلى تورط أجهزة أمنية في قتل "ريجيني" بعد توقيفه بالقرب من محطة مترو البحوث بالدقي. وقال التقرير :" في ليلة اختفائه، غادر جيوليو ريجيني شقته، ومر بجوار أربعة متاجر لديها كاميرات مراقبة أظهرت معلومات حيوية حول ملابسات العثور على جثة الطالب الإيطالي بعد 10 أيام، وبها رضوض وحروق وكسور تمثل بلا شك علامات تعذيب".
وتابع : وذكر شاهد أن لقطات الكاميرا أظهرت رجلين يقتادان ريجيني يعتقد أنهما ضابطا شرطة، فيما قال ثلاثة مسؤولين أمنيين إن ريجيني كان قد تم احتجازه بالفعل، وهو ما يعزز الشكوك الإيطالية بشأن وجود يد رسمية في مقتل الطالب الإيطالي. لكن الشرطة المصرية لم تطلب بعد تلك اللقطات، وفقا لأصحاب تلك المحال، في هفوة يصفها محامون حقوقيون بأنها سمة التحقيقات الأمنية هنا، بما يشير إلى إهمال أو تستر محتمل. لو كان ريجيني مصريا، كانت قضيته ستدخل طي النسيان. كان سيكون مجرد واحد من المصريين الذين اختفوا داخل أماكن الاحتجاز خلال العام المنصرم. لكن مصير ريجيني، طالب الدكتوراة بجامعة كامبريدج، جذب اهتمام الإعلام الدولي، علاوة على تحقيق رسمي تجريه الحكومة الإيطالية بشأن الظروف المحيطة الغامضة، واحتمالية حدوث انتهاكات من الشرطة. محمد زرعي، رئيس مكتب مصر بمعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قال إن "القضية تحمل بصمات الجهاز الأمني المصري"، وقد تعمل على تركيز بؤرة التدقيق الدولي بشأن اللجوء المستمر للانتهاكات. ومضى يقول: "ونحن نتحدث الآن، ثمة شخص يتعرض للتعذيب أو يواجه معاملة لا إنسانية في قسم شرطة، إنه شيء ما يحدث في كل لحظة. لا يوجد الكثير من الانتباه بشأن أوضاع هؤلاء. الحكومة المصرية لا تكترث بهم، بل يكترثون بالأجانب بسبب الاهتمام الدولي". وكان الطالب الإيطالي قد اختفى في 25 يناير، الذكرى الخامسة للثورة، حينما كات الشرطة منتشرة في القاهرة للتيقن من عدم حدوث احتجاجات. وأشار أصدقاؤه إلى أن آخر ما سمعوه عن ريجيني هو توجهه إلى محطة مترو أنفاق بضاحية الدقي، خلال طريقه لمقابلة أصدقاء في وسط القاهرة. أحمد ناجي، المحقق الذي يتولى القضية، ذكر في مقابلة أن آخر إشارة من هاتف ريجيني الخلوي التقطت في الشارع الذي تقع فيه محطة المترو. وقال شاهد إنه اختفى في هذا الوقت.وذكر العديد من الشهود إن عنصرين أمنيين بملابس مدنية كانا يفتشان العديد من الشباب في الشارع حوالي الساعة السابعة مساء، الوقت الأخير الذي سمع فيه صوت ريجيني. وقال شاهد، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه رأى الضابطين يستوقفان الطالب الإيطالي، وتابع: "أحدهما فتش حقيبته، والآخر جواز سفره، قبل أن يقتاده الضابطان بعيدا". واستطرد الشاهد أن أحد الضابطين كان متواجدا في هذا الحي في أوقات سابقة، وسأل الناس عن ريجيني. المسؤولون الأمنيون الثلاثة، قالوا إنهم استفسروا عن القضية، وعلموا أن ريجيني تم اقتياده إلى الحجز، بدعوى أنه تعامل بشكل غير لائق مع الضابطين. وقال مسؤول: "لقد كان فظا للغاية، وتعامل بخشونة". المسؤولون الثلاثة، الذين حاورتهم «نيويورك تايمز»، كلا على حدة، ذكروا أن ريجيني كان يجري بحثا عن الحركات العمالية في مصر، وأثار الشكوك جراء جهات الاتصال على هاتفه، والتي رأت السلطات أن بعضها يتضمن أشخاصا يرتبطون بجماعة الإخوان المسلمين، وحركة شباب 6 أبريل، اللتين يعتبرهما السيسي من أعداء الدولة. وأردف أحد المسؤولين الأمنيين: "لقد اعتبروه جاسوسا. من يأتي مصر كي يدرس أحوال النقابات المهنية؟" وفي مرات مختلفة منذ اختفاء ريجيني، زعم مسؤولون مصريون إنه قتل في حادث سيارة، أو أنه وقع ضحية جريمة عادية، أو أن هنالك ربما شيئا غامضا في حياته الشخصية ساهم في موته، ورفضوا بشدة نظريات تفيد بلعب الأجهزة الأمنية دورا في مقتله. أصحاب المتاجر التي تحتوي على كاميرات الفيديو قالوا إن أي دليل اختفى بعد أيام من اختفاء ريجيني، لأن اللقطات تمسح أوتوماتيكيا في نهاية الشهر. في مؤتمره الصحفي، لم يقدم وزير الداخلية مجدي عبد الغفار إلا القليل لطمأنة جمهور دولي قلق بشأن التحقيق في وفاة ريجيني، وقال عبد الغفار: "نحن نتعامل مع تلك القضية، كما لو كان ريجيني مصري الجنسية".