حادث غامض وقع عشية ليلة ال25 يناير الماضية، والذي توافق مع مرور الذكرى الخامسة للثورة المصرية والتي شهدت خلو الشوارع من أي تظاهرات، وراح ضحيته الطالب الإيطالى ريجينى ذو ال28 عامًا حيث ظهرت جثته على الطريق الصحراوى تاركة وراءها عشرات العلامات من الاستفهام والغموض! المشهد الأول بدأت القصة باختفاء طالب إيطالي يدعى جيوليو ريجيني، فى ظروف غامضة، بعد أن غادر مقر إقامته فى حى الدقى بالجيزة، واتجه للقاء صديق فى منطقة وسط القاهرة. ريجينى يبلغ من العمر 28 عامًا، وهو طالب دكتوراه فى جامعة كمبريدج البريطانية، وكان يعد بحثا حول الحركات العمالية فى مصر وكان ينشر مقالات عن مصر تتعلق بالمظالم التى يعانى منها العمال، واختفى يوم 25 يناير وسط العاصمة القاهرة عندما كان ذاهبا للقاء أحد أصدقائه. وفى 31 يناير، دعت الخارجية الإيطالية فى بيان لها السلطات المصرية لبذل أقصى جهد ممكن للعثور على ريجيني، وعبرت عن أن اختفاءه غامضًا ووراءه سر. المشهد الثانى ويأتى المشهد الثانى بحالة من الغموض والحيرة بشأن عثور أجهزة الأمن فى الجيزة على جثته فى أول طريق "مصر - إسكندرية" الصحراوى بمدينة 6 أكتوبر وتم نقله إلى مصلحة الطب الشرعى بقرار من نيابة الجيزة لبيان سبب الوفاة. وتمكنت قوات الشرطة بالجيزة من التعرف على هوية الشاب، بعد فحص بلاغات التغيب الموجود فى ذات النطاق، واتصلت الشرطة بصديق المجنى عليه الذى تعرف بدوره على جثة صديقه، وكشفت المصادر الامنية وقتها أن جثة المجنى عليه ليست بها طعنات، وأنه مصاب بكدمات فى مختلف أنحاء جسده، ويوجد عليه آثار تعذيب، مؤكدة أنها عثرت على جثة الشاب "نصف عاريًا". المشهد الثالث تتصدر الداخلية المشهد الثالث حيث نفت صحة ما قاله حسام نصار رئيس نيابة حوادث جنوبالجيزة بأن الباحث الإيطالى تعرض لعملية تعذيب قبل قتله، معبرة عن أن الموضوع حساس للغاية، وكان يجب على رئيس النيابة عدم الإدلاء بتلك التصريحات، فما لدينا من مشرحة زينهم تؤكد خلو الجثة من أي آثار للتعذيب. المشهد الرابع تخبط الداخلية يثير غضب إيطاليا تجاه مصر حيث خرجت عدة تصريحات من قبل مصادر متعددة في الداخلية تظهر تخبطها ويأتي ما قاله وزير الخارجية سامح شكري في طليعة هذه التصريح، حيث عبر عن أن تصريح وزارة الداخلية فور إعلان اكتشاف مكان جثة الشاب الإيطالى جوليو ريجينى على الطريق الصحراوي، بأنه حادث سير، كان خطأ وكان من الأفضل ألا تصرح بشيء من هذا القبيل. وأضاف فى تصريح لإحدى الصحف الايطالية، أن وزارة الداخلية ارتكبت هذا الخطأ بنية حسنة، إلا أنها تصورت وجود الجثة على الطريق الصحراوى راجع لتعرض الشاب الإيطالى لحادث سير، ولم يكن مقصدها هو إخفاء حقيقة قتله. وشن شكري، فى حواره مع إحدى الصحف، هجومًا عنيفًا على الصحافة الإيطالية والمصرية، متهمهما بتأجيج الوضع بنشر أخبار كاذبة حول مقتل الشاب، رغم أن الحادث الذى تعرض له ريجينى هو حادث فردى كما قال لا يجب أن يؤدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين. المشهد الخامس يتلخص فى الوضع فى إيطاليا حيث أكد مسئول فى السفارة الإيطالية بالقاهرة، أنّ السفير الإيطالى يعقد اجتماعًا طارئًا حاليًا فى مقر السفارة، لمتابعة تداعيات حادث وفاة الطالب، ونوّه المسئول، بأن السفير رافض التعليق على الحادث أو التصريح بأى معلومات بشأنه فى الوقت الحالي، واستدعت إيطاليا السفير المصرى لديها. وتسبب تخبط الشرطة المصرية فى غضب شديد فى إيطاليا وهو ما دفع إيطاليا للتهديد بعدم توقيع الحكومة الإيطالية لاتفاقية البحث عن البترول فى مصر، بحسب ما تناقلته صحيفة ايطالية. وتأتى تصريحات وزير الداخلية الإيطالى أنجيلينو ألفانو من أقوى التصريحات فى هذا الوضع حيث قال: "مقتنع أن من مصلحة السيسى العمل معنا، لا أحد يستطيع جلب جيوليو إلى الحياة مجددا، لكن ظهور الحقيقة على السطح قد يساعد على إنقاذ أرواح لمزيد من الأشخاص". كما قال إنه ما زال حبيس الأنفاس منذ علمه بالنتائج الصادمة للتشريح الثانى لجثة الطالب الإيطالي، وأشار إلى أن ريجينى عانى قبل موته من عنف لا إنسانى أقرب إلى "الحيوانية". المشهد السادس وتأتى تحقيقات الطب الشرعى فى إيطاليا التى تكشف أفادت بأن عنق ريجينى تعرض للالتواء أو الضرب بما أدى إلى كسر فقرة، وجعله عاجزًا عن التنفس، بالإضافة إلى كسور أخرى متعددة، أما تحليل الأنسجة وسائل الجسد، والذى يحدد بدقة أو على الأقل بشكل تقريبى موعد وفاة ريجينى فيتوقع أن يستغرق أيامًا عديدة. المشهد السابع يعلن الحداد العام فى مسقط رأس ريجينى وتم تنكيس كل الأعلام الإيطالية فوق كل الهيئات التابعة للبلدية تعبيرا عن الحزن لفقدان المدينة لأحد أبنائها النابغين، وقررت البلدية الإيطالية إلغاء الاحتفال السنوى للمدينة، على أن يطلق اسم جيوليو ريجينى على مركز شباب المدينة تخليدا لذكراه. المشهد الثامن والذى يظهر فيه الرأى العام الإيطالى ومعظم الخبراء الأمنيين الايطاليين موضحين أن السبب الرئيسى لذلك هو مواقفه السياسية المعارضة للنظام الحاكم فى مصر، وتأييده لقوى المعارضة للنظام، استبعدوا أن يكون القتلة من التيارات الإرهابية التى ليس لها مصلحة فى الحادث، إضافة إلى أن تركه عاريًا لا يتماشى مع تقاليدهم فى قتل ضحاياهم، كما نفوا بشكل قاطع أن يكون رجينى قُتل وعذب على أيدى مجرمين جنائيين عاديين، فليس لهم مصلحة فى قتله إذا كان هدفهم السرقة. المشهد التاسع وتصدر النشطاء هذا المشهد، حيث نظموا وقفة احتجاجية أمام السفارة الإيطالية بالقاهرة، للمطالبة بسرعة الكشف عن ملابسات حادث مقتل الطالب الإيطالى "جوليو ريجيني"، وتقديم الجناة للمحاكمة. ووضع المشاركون باقات الورود والشموع المضاءة، أمام مبنى السفارة، حاملين لافتات منددة بمقتله، منها "جوليو واحد مننا عشان كدا اتقتل زينا"، "بتقتلوا الأجانب ليه هو إحنا قصرنا معاكم فى حاجه". وحضر الوقفة عدد من النشطاء المصريين، منهم ليلى سويف وابنتيها سناء ومنى سيف، والكاتب الصحفى والقيادى بحزب الدستور خالد داود، فيما عززت قوات الأمن من تواجدها بمحيط السفارة.
المشهد العاشر رفعت مصلحة الطب الشرعى المصرية إلى مكتب النائب العام تقريرها النهائى عن تشريح جثة الطالب الإيطالي، والذى ترددت المعلومات بشأنه حيث إن جثة ريجينى كان بها سبعة ضلوع مكسورة بالإضافة لعلامات صعق بالكهرباء فى العضو الذكرى وإصابات داخلية فى مختلف أنحاء جسمه ونزيف بالمخ.
وحملت الجثة علامات على جروح قطعية بآلة حادة يشتبه أنها شفرة حلاقة وسحجات وكدمات، وذكرت المعلومات إن الشاب الإيطالى تعرض على الأرجح لاعتداء بعصى وللكم والركل.
لتخرج صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بمانشيت يفيد بإن مسؤولين أمنيين مصريين قالوا إن قوات الشرطة المصرية احتجزت الطالب الإيطالى جوليو ريجينى قبل العثور عليه مقتولاً.
واوضحت الصحيفة أن ثلاثة مسؤولين أمنيين مصريين قالوا إن ريجينى كان محتجزا، وقالت إن ذلك يدعم شكوك إيطاليا بأن جهات رسمية مصرية متورطة فى قتل الطالب الإيطالي.
وأضافت أن المسؤولين الثلاثة -الذين قالوا إنهم تحروا فى القضية- قالوا إن "ريجينى ألقى القبض عليه من قبل السلطات المصرية لأنه كان وقحا مع الضباط"، وأضافوا "لقد كان وقحا جدا وتصرف كأنه رجل قوي".
وقال المسؤولون -الذين قالت الصحيفة إن حوارات أُجريت معهم بشكل منفصل لكنها لم توضح صفتهم- إن ريجينى الذى كان يعمل باحثا فى مجال الحركات العمالية الرسمية فى مصر، أثار الشكوك حوله بسبب وجود أرقام على هاتفه لأشخاص على صلة بجماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 أبريل اللتين تعتبرهما حكومة السيسى أعداء للدولة، على حد وصف الصحيفة.
وقال أحد المسؤولين "لقد ظننت بأنه كان جاسوسا"، "بعد كل شيء، من يأتى إلى مصر لدراسة النقابات".