رغم توقعات محللين فضلاً عن بعض القوى الثورية بأن يمر يوم 25 يناير الجاري كسابقه، وأنه لن يشهد أي حراك ثوري، إلا أن مؤسسات الدولة الأمنية رفعت حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، مع انتشار عناصر الأمن في الشوارع المدججين بالسلاح، وكأن مصر مقبلة على حرب، وفق خبراء. وخلال احتفال وزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوي الشريف، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي مخاطبًا معارضيه: "بسمع دعوات بعمل ثورة جديدة ليه؟ أنتو عايزين تضيعوا مصر، أنا جيت بإرادة الشعب واختياره واستجابته لاستدعاء الأمة"، مشيرًا إلى أن المهمة المنوطة به هي الحفاظ على أمن وسلامة مصر وشعبها". وكان نشطاء وحركات شبابية دعوا الشعب المصري للتظاهر في 25 يناير، رابطين ذلك بتدهور الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي المتردي، وسط حالة من السخط العام مع تزايد الاعتصامات والإضرابات خلال الفترة الأخيرة. وقال حازم عبدالعظيم، أمين لجنة الشباب بحملة الرئيس عبدالفتاح السيسي السابق، في تغريدة له على موقع التدوين المصغر "تويتر": "الهاشتاجات المعنوية المذعورة وهلع الإعلام السيساوي والأهم والأغرب كلام السيسي بيعطي انطباع إن فيه قلق من 25 يناير القادم". ورأى محمد عصمت سيف الدولة، الخبير السياسي في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "الراجل في خطابه كان لونه مخطوف ووشه مكفهر، لمجرد شوية دعوات للنزول في 25 يناير، أمال هيعمل إيه لو الناس لو نزلت بجد". وقال الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن السيسي ربما يمتلك تقارير مبنية على معلومات أمنية تفيد بالخطر، منوهًا ل"حركة التنقلات" التي أجرتها وزارة الداخلية ونقل مدير الأمن الوطني اللواء صلاح حجازي بالتزامن مع تلك الدعوات تعكس حالة من القلق داخل النظام. وتابع: "رغم أن المراقبين للوضع لا يتوقعون أي حراك ثوري في 25 يناير، إلا أن تعليق السيسي في وقت سابق وحالة الطوارئ في مؤسسات الدولة أظهرت تخوف النظام من تلك الدعوات"، معتقدًا أن يكون قلق السيسي مبنيًا على تقارير الأجهزة الأمنية التي ضخمت من الأمر لتوجد لنفسها أهمية. ورأى الخبير السياسي، أن النظام بدأ في اتخاذ مبادرات للتهدئة بناء على ذلك القلق ومنها قراره بالإفراج عن إسراء الطويل في ذلك الوقت، مفسرًا ذلك بأن السيسي يحاول إرسال إشارات للشباب لتقليل الاحتقان الموجود بالفعل في الشارع المصري. واعتبر أمين مكرم إسكندر، القيادي بحزب "الكرامة" والبرلماني السابق، رفع حالة الطوارئ في مؤسسات الدولة وتصريحات السيسي يكشفان عن عدم امتلاكه لرؤية سياسية، مشيرًا إلى أنه لو كان يمتلك معلومات عن تظاهرات يمكن أن تحدث ما كان عليه أن يعلق عليها بتلك الطريقة، مضيفًا أن السيسي ليس له علاقة بالسياسة وأنه بالكثير ضابط أمن، على حد قوله. وأضاف: "السيسي شعر من خلال معلومات وصلت له بأن الناس التي وضعت عليه آمالاً كبيرة وقت ترشحه لرئاسة قد فقدتها الآن لعدم حدوث تغيير شيء عما سبق. في المقابل، قال خبراء أمنيون إن تخوف النظام مبني على تقارير أمنية مبالغ فيها، مستبعدين حدوث حراك ثوري في 25 يناير. وعزا العميد محمود قطري، الخبير الأمني، تخوف الرئيس السيسي من 25 يناير لأمرين، أولهما أن صوت جماعة الإخوان ومناصريها إضافة إلى منتقدي النظام المصري الذين هم ألد عداء الإخوان باتوا صوتًا واحدًا، مما ساهم في رفع صوت المعارضة خلال الفترة الماضية، خاصة أنهم يرون سياسيات النظام والجهات الأمنية التي ترتكب أخطاء جسمية كما حدث في عهد مبارك بأنها تعود بمصر إلى 24يناير 2011. وتابع "الأمر الثاني تقارير الأمن الوطني التي أوصلت للرئيس معلومات بنى عليه السيسي تخوفه"، واصفًا تلك التقارير ب"المبالغ فيها"، مضيفًا أن الأمن الوطني المفترض أنه مختص بالأمن السياسي لم يقرأ المسرح السياسي جيدًا. ورأى قطري، رغم الانتهاكات التي ترتكبها الجهات الأمنية بحق المصريين، التي لا تفرق بين مؤيد للنظام ومعارض حيث إن كثيرًا من مؤيدي السيسي تم اعتقالهم وتوجيه اتهامات ضخمة بحقهم، مما ساهم في انخفاض شعبيته، إلا أن شعبية السيسي رغم ذلك مازلت جيدة، مستبعدًا أن يثور المصريون خلال الفترة القادمة، قائلا إن المصريين مازال في جعبتهم الكثير، مؤكدًا أن المدى الثوري لم يصل بعد إلى نهايته، على حد قوله. وألمح اللواء عبد اللطيف البديني، مساعد وزير الداخلية الأسبق إلى أن السيسي تلقى معلومات من جهات أمنية عن رصدها لتحركات كبيرة للتظاهر 25 يناير. وانتقد إقالة اللواء صلاح حجازي مدير جهاز الأمن الوطني السابق، معتبرًا ذلك بأنه لم يكن قرارًا موفقًا لعامل الوقت، حيث إن القرار يسبق ذكرى ثورة يناير بأيام؛ مما يصعب مهمة من يخلفه في ذلك التوقيت الحساس. فيما أكد نشطاء أن زيادة حالة الاحتقان في الشارع وتزايد انتهاكات قوات الأمن ضد المصريين وارتفاع الأسعار، تنذر بثورة قريبًا، لافتين إلى أن الثورة لن تلتزم بميعاد محدد أو بذكرى يناير القادمة، لأنها ستكون مفاجئة. وقال محمود عزت، القيادي بحركة الاشتراكيين الثوريين، إن ممارسات النظام ستدفع المواطنين للقيام بثورة، لتجتاز حالة الإحباط الذي يعيش فيه المصريون، حسب قوله. وأكد عزت، أن المواطنين في وضع تحرك وأن بوادر الثورة بدأت في الظهور، لافتًا إلى أن الثورة القادمة ستكون ثورة جماهيرية وأن الثورة القادمة ستكون تحت قيادة غير معروفة ومختلفة.