المحكمة في حيثياتها: «المقاولون» ساعدت مبارك في الاستيلاء على المال العام أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها برفض طعن الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه في قضية "القصور الرئاسية" المحكوم عليهم فيها بالسجن 3 سنوات لكل منهم وإلزامهم متضامنين بدفع غرامة 125 مليون جنيه وإلزامهم برد مبلغ 21 مليون جنيه. وقالت المحكمة في حيثياتها إنها استعرضت وقائع الحكم المطعون فيه، والذي لخص واقعة الدعوى في قوله إن "محمد حسني مبارك، بصفته موظفًا عموميًا، كرئيس جمهورية مصر العربية سابقًا، قبل مباشرة مهام منصبه، أقسم بالله العظيم أن يحترم الدستور والقانون وكان من سلطاته إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذها كسائر المواطنين خاضع لأحكام الدستور والقانون". وأضافت أنه "ومن واجبات وظيفته الحفاظ على المال العام ومنع العدوان عليه، إلا أنه حنث في قسمه وأساء استغلال وظيفته، فاستولي لنفسه كما سهل لنجليه، المتهمين الثاني جمال، والثالث علاء، الاستيلاء بغير حق على المال العام المملوك للدولة بنية تملكه وإضاعته على مالكه، وذلك بمبلغ جملته 125 مليونًا و779 ألف و237 جنيه و53 قرشًا، وذلك أنه منذ أن تولى الشاهد الأول المهندس عمرو خضر، مهام وظيفته بالسكرتارية الخاصة في شهر نوفمبر 2001، أصدر له المتهم الأول بصفته تعليمات شفوية مباشرة وأخرى غير مباشرة عن طريق اللواء جمال عبدالعزيز، رئيس السكرتارية الخاصة برئاسة الجمهورية، مفادها أنه أي المهندس المذكور مختص وظيفيا بتنفيذ أوامر وتعليمات المتهم الأول وسائر أفراد أسرته، وكذا تلبية جميع طلباتهم من أعمال وتوريدات تتم وتنفذ في ممتلكاتهم الخاصة مع خصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية المدرجة بميزانية وزارة الإسكان، وهو ذات ما كان يسير عليه العمل قبل شغل المهندس المذكور لوظيفته". وتابعت الحيثيات: "أصدر له المتهمون الثلاثة ومعظم أفراد أسرهم، العديد من التعليمات والطلبات بإجراء أعمال إنشائية وتشطيبات وتوريدات أثاث ومعدات وغيرها في العقارات المملوكة لهم ملكية خاصة، وهي مقر إقامة الأول وأفراد أسرته بفيلا بشارع حليم أبو سيف، بمصر الجديدة، ومقر آخر لإقامتهم في خمس فيلات بمنطقة الجولف بشرم الشيخ، ومزرعة النصر بجمعية أحمد عرابي بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، وهي عبارة عن قطعتي أرض أولهما مساحتها 20 فدانًا، والثانية 5 أفدنة وشقة سكنية ومخزن بشارع نهرو بمصر الجديدة وفيلتين بمارينا بالساحل الشمالي، وشقتين كل منها في طابق بأبراج عثمان بشارع السعادة بمصر الجديدة، ومكتب المتهم الثاني بمقر الحزب الوطني بالقاهرة وأرض بمنطقة النهضة بشرم الشيخ، وفيلا رقم 161 بأرض الجولف بالتجمع الخامس، وشقة بمصر الجديدة كان يشغلها المتهم الأول إبان عمله قائدًا للقوات الجوية ومكتب خاص بزوجتة بمركز سيتي ستارز التجاري بالقاهرة ومقبرة خاصة بالعائلة". وذكرت الحيثيات أنه "تم تنفيذ بعض هذه الأعمال والتوريدات بمعرفة شركة المقاولون العرب (التي كان يرأس مجلس إدارتها آنذاك إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق) بطريق التنفيذ الذاتي، أي بمعدات وموظفي الشركة والباقي منها تم تنفيذه بمعرفة مقاولين من الباطن قرر أصحاب بعضها الذين أمكن سماع أقوالهم بالتحقيقات بتنفيذ كل منهم لجزء من هذه الأعمال، وكانوا يحررون عنها فواتير يقدمونها إلى المهندس المختص برئاسة الجمهورية، لاعتمادها وصرف قيمتها لهم من شركة المقاولون العرب". واستطردت الحيثيات أنه "كان المختصون برئاسة الجمهورية تنفيذ تعليمات المتهم الأول، وتلبية لطلبات المتهمين جميعًا يطلبون من "المقاولين" من الباطن ألا يثبتوا بالفواتير أماكن تنفيذ الأعمال، أو يثبتوا فيها أن الأعمال تم تنفيذها في مراكز الاتصالات برئاسة الجمهورية، وليس في أماكن تنفيذها الحقيقة حتي يمكنهم صرف مستحقاتهم، وذلك بزعم المحافظة على سرية وأمن الرئاسة، فكانوا يقومون بذلك بحسن نية معتقدين مشروعيتها لأسباب معقولة ودون علمهم بمصدر الأموال المنصرفة لهم، وبموجب هذه الحيلة يكون الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام قد وقع، وارتبطت هذه الجريمة ارتباطا لا يقبل التجزئة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها، ذلك أن الفواتير والمستخلصات الخاصة بهذه الأعمال والتي تم تنفيذها بواسطة المقاولين من الباطن كان بعضها لا يثبت بها عمدًا مكان التنفيذ وكان البعض الآخر يتضمن بيانات مخالفة للحقيقة عن مكان التنفيذ، وذلك لستر جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام". وأشارت الحيثيات إلى "قيام المقاولون من الباطن بتقديم هذه الفواتير للمختصين برئاسة الجمهورية، وهما الشاهدان عمرو محمود خضر، ومحي الدين عبد الحكيم فرهود، لاعتمادها منهما أو من أحدهما ثم إرسالها إلى شركة المقاولون العرب لمراجعتها حسابيًا وإدراجها في مستخلصات هذه الشركة، مضافًا إليها أعمال التنفيذ الذاتي، وخصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية المدرجة بميزانية وزارة الإسكان ثم ترسل هذه المبالغ إلى شركة المقاولون العرب لصرفها إلي مستحقيها وكان ذلك يتم بحسن نية من مقاولي الباطن والمختصين بشركة المقاولون العرب ووزارة الإسكان مع علم المتهمين الثلاثة بسداد قيمة هذه الأعمال من المال العام وليس من أموالهم الخاصة، وقد ترتب على ذلك أيضا إضرار المتهم الأول بصفته ضررًا جسيمًا بالمال العام، وهو قيمة الأعمال والتوريدات التي تمت في عقارات المتهمين الخاصة واشتراك المتهمين الثاني والثالث مع والدهما بإصدار تعليمات بتنفيذ أعمال إنشائية وتشطيبات وتوريدات معدات وأثاث في العقارات المملوكة لهم". وتابعت الحيثيات في سرد وقائع القضية أن "تقرير لجنة الفحص المشكلة من النيابة العامة قد أورد أن عدد فواتير مقاولي الباطن عن الأعمال التي تم تنفيذها بالمقرات الخاصة بالمتهمين الثلاثة وأفراد أسرهم والتي تيسر للجنة الاطلاع عليها هو 1336 فاتورة قيمتها 105 مليون جنيه و997 ألف و581 جنيه، وذلك عن الفترة من العام المالي 2002 – 2003 حتى 2010 – 2011، وتم إدراج هذه الأعمال في مستخلصات شركة المقاولون العرب عن مشروع مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية، وتقديمها لوزارة الإسكان بعد إضافة نسبة الأرباح والمصاريف الإدارية الخاصة بشركة المقاولون العرب لتصبح قيمتها 125 مليونا و779 ألف و237 جنيه، وتم صرف قيمتها خصما من موازنة مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية". وجاء في الحيثيات أنه "انتهى قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، إلى أنه قد ثبت من المضاهاة أن كلا من محي الدين فرهود وعمرو خضر هو المحرر لتوقيعاته المنسوبة إليه، وهي عبارة عن فواتير بيع صادرة من شركات عديدة عن سنوات مختلفة من عام 2003 حتى عام 2011، موجهة لشركة المقاولون لعرب، وقد ثبت من التحقيقات قيام جمال وعلاء مبارك بسداد مبلغ وقدره 104 مليون و582 ألف و219 جنيه من أموالهما الخاصة لحساب وزارة الإسكان". وأوضحت الحيثيات أن "ما ينعاه الطاعنون على الحكم من دعوى الخطأ في الإسناد، إذ نقل عن الشهود السادس والسابع والثامن والثالث عشر والسادس عشر والثلاثون ما يخالف ما ورد بأقوالهم في تحقيقات النيابة في شأن تحديد الفترة الزمنية التي تم تنفيذ الأعمال في المقرات والعقارات الخاصة خلالها، بما يخرج البعض منها عن الفترة التي تم مسائلة الطاعنين عنها فإنه بفرض قيام هذا الخطأ فهو لا يعيب الحكم ولا يعدو أن يكون خطأ ماديًا وزلة قلم لا أثر لها في الحكم وما انتهي إليه".