رغم عاصفة الغضب التي تفجرت بين ثوار ساحات التغيير في اليمن على إثر إقرار حكومة الوفاق الوطني مشروع قانون "حصانة" الرئيس علي عبد الله صالح، إلا أن تلك الخطوة يبدو أنه كان لا مفر منها لإجهاض مؤامرة صالح للالتفاف على المبادرة الخليجية. فمعروف أن صالح، الذي أعلن نهاية ديسمبر الماضي أنه يأمل بزيارة واشنطن لتسهيل عمل حكومة الوفاق الوطني وتنظيم الانتخابات الرئاسية المبكرة التي سيسلم السلطة في نهايتها وفقا للمبادرة الخليجية، فاجأ الجميع في 4 يناير بالتراجع عن السفر للولايات المتحدة. ولم يقف الأمر عند ما سبق، حيث كشفت صحيفة "الخليج" الإماراتية في 7 يناير أيضا أن نائب الرئيس اليمني هدد بمغادرة صنعاء إذا استمرت تدخلات صالح ورموز نظامه في الصلاحيات الممنوحة له بموجب المبادرة الخليجية. وبالنظر إلى أن ما سبق كان يهدد بانزلاق الأمور في اليمن إلى ما لا يحمد عقباه ، فقد تحركت حكومة الوفاق الوطني برئاسة المعارض البارز محمد سالم باسندوة لإجهاض مؤامرة صالح للانقلاب على المبادرة الخليجية عبر عدة خطوات من أبرزها إقرار مشروع قانون الحصانة. ففي 9 يناير، أعلنت الحكومة اليمنية موافقتها على مشروع قانون يمنح الحصانة للرئيس صالح تمهيدا لتنحيته طبقا لما ورد في بنود المبادرة الخليجية واتفاق تسليم السلطة الذي وقعه صالح بالرياض في نوفمبر الماضي. وبرر باسندوة قرار منح الحصانة للرئيس صالح بحرص الحكومة على تفادي إراقة الدماء لاسيما في ظل عدم قدرة الحسم الثوري على إزاحة النظام. وأضاف في تصريحات لوسائل الإعلام السعودية أن الحكومة قبلت بالحصانة لتجنيب اليمن الدخول في حرب أهلية وإراقة المزيد من الدماء، قائلا :" الحسم الثوري لم ينجح على مدى عام كامل في تحقيق القضاء النهائي وإزاحة النظام". وتابع باسندوة الذي ينتمي للقاء المشترك المعارض أنه من حق أي طرف أن يرفض الحصانة التي قال إنها جزء من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لكنه رأى أن رفض الحصانة سيعطي مبررا للرئيس صالح للتنصل من اتفاقية نقل السلطة. بل وكشف رئيس حكومة الوفاق الوطني أيضا أن صالح لا يزال يشكل "الخطر الرئيسي" في البلاد رغم نقل صلاحياته لنائبه ووضعه الحالي كرئيس فخري. وفيما يتعلق بالتدخلات التي يقوم بها صالح في صلاحيات نائبه عبد ربه منصور هادي ، قال باسندوة إن هادي يواجه مشاكل ولكنه يتحلى بالصبر والحكمة قدر الإمكان، مشددا على نائب الرئيس لا يرغب بأن يكون الصاعق الذي يفجر القنبلة التي قد تدمر عملية الانتقال السلمي للسلطة. وبجانب إقرار مشروع قانون الحصانة، فقد سارع باسندوة للتوجه للسعودية ضمن جولة خليجية في محاولة للحصول على دعم اقتصادي من دول مجلس التعاون الخليجي لمساعدة اليمن على تجاوز أزمته بعد أن ورث خزينة فارغة واقتصادا منهارا، هذا بالإضافة لطلب مساعدة الرياض في الضغط على صالح لتنفيذ بنود المبادرة الخليجية وتسهيل مهمة حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت في نوفمبر الماضي. وبصفة عامة ، وإلى حين اتضاح طبيعة التطورات في اليمن خلال الأيام المقبلة ، فإن ما يجمع عليه كثيرون أن تحركات باسندوة كان لا مفر منها لإنقاذ البلاد من مخططات صالح للاستمرار في السلطة بشكل أو بآخر.