تبدو الصورة شبه مكتملة في خريطة البرلمان المقبل ، ككتل نيابية ، ونتائج الإعادة في المرحلة الثالثة والأخيرة التي تجري حاليا لن تغير جوهريا من الصورة النهائية لتلك الخريطة ، حيث حصل الإخوان على ما يقرب من 38% من المقاعد بينما حصل حزب النور السلفي على ما يقرب من 25% من المقاعد ، وحصلت أحزاب وشخصيات إسلامية أخرى مثل الوسط والبناء والتنمية على نسبة تقترب من 5% ، وحصلت أحزاب وكتل ليبرالية مثل الوفد والكتلة المصرية على ما يقرب من 20% من المقاعد ، إضافة إلى حصول المستقلين على النسبة القليلة الباقية . هذا الوضوح في الخريطة الجديدة يطرح تساؤلات الخطوة التالية ، وهي هيكلة مناصب البرلمان الجديد وتوزيع مسؤولية لجانه ، والسؤال الأهم الذي يطرح الآن حول منصب رئيس البرلمان المقبل ، هل سيستأثر الإخوان المسلمون بهذا المنصب ، أم يطمع فيه السلفيون أيضا ، أم يشترط الليبراليون الحصول عليه ، أم يتم الأمر في النهاية بالتوافق ؟ ومن هي الشخصية البرلمانية التي يمكن أن يكون حولها مثل هذا التوافق ولا تكون محسوبة على حزب أو تيار بعينه ؟ ، المعادلة الحالية لا تسمح لأي قوة منفردة بأن تنتزع رئاسة البرلمان بإرادتها وحدها ، لأن أحدا لم يحصل على الغالبية التي تسمح له بذلك ، وخاصة حزب الحرية والعدالة الممثل لجماعة الإخوان المسلمين ، لأنه الحزب الأكبر في حصص المقاعد ، لكنه إذا أراد أن يحصل على رئاسة البرلمان فإنه بالقطع يحتاج إلى الدخول في تحالف سياسي مع حزب أو أكثر من الأحزاب الأخرى ، سواء الإسلامية أو الليبرالية ، وهو ما يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد أول تحالفات سياسية حقيقية في مصر لإدارة شؤون الدولة أو جزء من سلطاتها ، وهو تحالف لا يقبل التأجيل ، وسيكون اضطراريا على الجميع ، وخاصة على الإخوان المسلمين . في التحالف السياسي لا أحد يدفع شيئا بشكل مجاني ، وإنما من يدفع يدفع بحساب وبمقابل ، فما المقابل الذي سيدفعه الإخوان للحزب أو الأحزاب التي ستتحالف معه في هذه الخطوة المهمة والافتتاحية للجمهورية المصرية الخامسة ، وما هي الأحزاب أو الكتل السياسية التي يمكن أن "تلعب" مع الإخوان في هذه الخطوة ، تلك مسالة تحتاج إلى شرح وخلفيات ربما نأتي إليها غدا لأنها تحمل مفاجآت قد تكون غائبة عن الرأي العام ، وهل يمكن أن نفاجأ بمشهد أكثر إثارة كأن يتشكل تحالف سياسي عريض ضد الإخوان من أحزاب إسلامية وليبرالية لانتزاع رئاسة المجلس، على كل حال الأسبوع المقبل سيشهد حراكا سياسيا وحزبيا ساخنا ومكثفا لحسم ملف هيكلة البرلمان المقبل قبل 23 يناير ، يوم الافتتاح ، لأن لدينا رئاسة المجلس ووكيلي المجلس ورؤساء اللجان ووكلاءها ، كما أن هناك ترتيبات لها طابع مدني وشعبي لتأمين انعقاد جلسات المجلس في موعدها ومكانها ، ومنع أي تحرشات يفكر فيها البعض ويروجون لها الآن عبر شبكة الانترنت بدعوى منع المجلس من الانعقاد على طريقة ما فعلوه عندما تولى الجنزوري رئاسة الوزارة ، أيضا سيكون المجلس أمام تحدي إعلان تدشينه في يومه الأول وما هي الرسالة التي سيوجهها إلى الشعب المصري والثوار قبل يومين فقط من الذكى السنوية للثورة ، أيام حاسمة وصاخبة. [email protected]