أكّد عدد من الخبراء في شئون جنوب السودان أنّ الدولة الجديدة لم ترَ البهجة بنيل الاستقلال قبل ستة أشهر بسبب أعمال العنف الدامية وأصبح الطريق ما زال طويلاً وشائكًا لبناء دولة في هذا البلد الإفريقي الفقير. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسئولين محليين مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص في أعمال عنف قبيل الأسبوع الماضي في منطقة بيبور الواقعة في ولاية جونقلي شرق البلاد. وأشار الخبير في شئون جنوب السودان والبروفيسور جورجيو موسو بجامعة جنوى إلى أنّ الجنوب محروم من أي بُنَى تحتية باستثناء المدن الكبرى، وعاجز عن التصدِّي لانقسامات داخلية كبيرة. وأضاف أنّ الأمن أصبح التحدِّي الأكبر، مشيرًا إلى أنّ العديد من الاضطرابات الداخلية الأخيرة مرتبطة بالتوترات الدائرة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان الجيش الشعبي لتحرير السودان، الحزب الحاكم وقواته المسلحة، والتي تتورط فيها نخب يفترض أن تسويها. ولفت الخبير في شؤون السودان جون اشوورث إلى "أنّ شعب جنوب السودان مصدوم ومتعوّد على استخدام العنف كوسيلة لتسوية خلافاته، وسيمر وقت طويل قبل أن يغير موقفه". وأحد أكثر المشكلات حساسية هي في ولاية جونقلي حيث تسبّب العنف الأسبوع الماضي إلى نزوح آلاف الأشخاص وأعلنت السلطات المحلية حصيلة قاربت الثلاثة آلاف قتيل. وأوضحت جان هنري من منظمة "هيومن رايتس ووتش " "أنّ العنف بين القبائل الذي نراه ليس جديدًا لكن الأحداث الأخيرة تشكل مرحلة بالغة الخطورة". وتؤكّد الأممالمتحدة أنّ أعمال العنف القبلية هذه وعمليات سرقة المواشي في جونقلي أدّت إلى سقوط اكثر من 1100 ضحية العام الماضي. واعتبرت هنري أن "على الدولة أن تعمل بسرعة على تطبيق القانون في المناطق الريفية". ومنذ نهاية الحرب مع الشمال في يناير 2005 تتقدم الأمور لكن ببطء. والفساد الزاحف وضعف مستوى الموظفين زاد من صعوبات الدولة التي يتوجب عليها مساعدة مئات آلاف اللاجئين العائدين من الشمال. ورأى هاشوورث أنّ هذه الدولة التي تملك ثروة زراعية ضخمة واحتياطات كبيرة من المناجم ينتظرها "مستقبل هام" و"يرفض قطعا" وصفها ب"دولة فاشلة ". وقال: إنّها "دولة فتية وحديثة تتطور ببطء وتنقصها الخبرة والبنى التحتية لكنها أنجزت خطوات كبيرة وما زالت تذهب قدمًا". وأضاف: "أن العنف في جونقلي وغيرها أمر مأساوي لكن يجب عدم المبالغة إذ إن العديد من الأشخاص يعيشون في سلام معظم الوقت".