على الرغم من إشادة غالبية وسائل الإعلام فى الداخل والخارج باستجابة الشعب المصرى لمناخ الديمقراطية الذى أعقب ثورة 25 يناير، والذى تجسد فى طوابير الحرية أمام لجان انتخابات مجلس الشعب الحالية, مؤكدين أنها أعظم تجربة انتخابية شهدتها مصر على مر العصور, وكيف كان هذا الأداء الانتخابى مبهرًا للعالم بأسره فى ظل سلوك متحضر, إلا أننا نجد الكثيرين من الذين لا يروق لهم ذلك النجاح، ويلقون بالتهم جزافا لأغراض ما فى أنفسهم أو لخلفية تنم عن جهل. مثال ذلك عايشته بنفسى إذ نظمت شبكة التقدم والبحوث ورشة عمل بنقابة الصحفيين تحت عنوان "الأبعاد التنموية فى التغطية الإعلامية" وتحولت الورشة إلى"سنيمار" سياسى تبادل فيه الآراء عن العملية الانتخابية، وكان السواد الأعظم من الصحفيين الذين حضروا تلك الورشة مستنكرين احتمال وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم، وقالوا إن الانتخابات الحالية لم تكن نزيهة وشابهها العديد من المخالفات، ولصقوا أبشع التهم بالتيار الإسلامى، وتخلوا عن الحيادية فى الطرح ورأيت هجمة شرسة غير مبررة على كل ما هو إسلامى, ومع إنى لا أنتمى لأى تيار سياسى أو فيصل دينى إلا أن تهكم الزملاء الصحفيين على الإخوان والسلفيين وخروجهم عن الحياد جعلنى أتصدى لهم مع الزميل الفاضل على قطب الصحفى بوكالة أنباء الشرق الأوسط حتى اعتقد أغلب الحاضرين بأننى أنتمى لأحد التيارات الإسلامية, ولكن كل ما هناك أننى رفضت الجهل والافتراء, فضلا عن أننى فى قرار نفسى أتمنى أن نعطى للإسلاميين فرصة، ولكن للأسف دعاة الحرية وقبول الآخر من العلمانيين والليبراليين لا يقبلون إلا أنفسهم. واندهشت من رأيى صحفية من الأهرام أصابها التطرف الفكرى إلى درجة الجنون كغيرها من العلمانيين إذا وصفت التيار الإسلامى بأنه مجموعة من "المرضى النفسيين"، وهو ما دفعنى إلى الدخول فى مشادة كلامية مع المحاضر السيد ياسين الذى سمح لها بذلك ولم يعقّب عليها أو يطالبها بالاعتذار، والغريب أنه كان يتحدث عن الحيادية والموضوعية والتجرد وهو بعيد كل البعد عن هذا بعد أن وصف الشعب السعودى، وبالأخص جماعة "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" بأنها "متخلفة فكريًا وأن الشعب المصرى كله ليبرالى بطبعه" وتهكم بقوله "يعنى إيه راجل لابس جلابية ويحمل عصا يضرب بها الناس" لقد كان سيد ياسين غير محايد فى كلامه وربط السلفيين بالحركة الوهابية، وتهكم على الخلافة الإسلامية بقوله "يعنى إيه البيعة" مع أنه لا يعرف أن البيعة قمة الديمقراطية وأن البيعة هى أفضل نظام ديمقراطى فى العالم. وفى النهاية أقول لقد كان المحاضر الدكتور عادل صالح رجلا عادلا فى كلامه منصفًا للتيار الإسلامى, مبينا أن الإعلام الهادف هو أن تختلف دون تسفيه, وعندما طالبت الصحفية المنتمية للأهرام بالاعتذار قال السيد ياسين إنه ليس مكانه وإن هذا هو رأيها. وهنا أتساءل إلى متى نظل فى غيبوبة الحكم الأعمى على الناس وإلى متى يظل العلمانيون يشكلون السواد الأعظم من نقابة الرأى؟