ركزت مجلة "الإيكونومست" البريطانية على إبراز ما سمته مصادر قوة تنظيم الدولة "داعش", التي عجز التحالف الدولي عن تدميرها, رغم الغارات المتواصلة على التنظيم منذ أكثر من عام. وقالت المجلة في تقرير لها في 12 ديسمبر إن التنظيم الذي سيطر على مساحات واسعة من الأراضي في سورياوالعراق, وسيطر على الموصل ثاني أكبر مدن العراق, وكاد يصل إلى العاصمة العراقيةبغداد, ما زال يحتفظ بمعظم عناصر قوته. وتابعت " التحالف الدولي ربما تمكن من إلحاق الضرر ببعض بمصادر تمويل تنظيم الدولة، ولكن ليس تدميرها", مشيرة إلى عدة أمور ترجح كفته. واستطردت المجلة " تنظيم الدولة هو المنظمة الإرهابية الأغنى بالعالم حاليا، خاصة بعد أن نهب المصارف في الموصل، بما فيه البنك المركزي, واستولى على شبكة أنابيب نفط كبيرة". وأضافت " التنظيم أعلن أيضا دولة الخلافة, التي تشمل أفضل الأراضي الزراعية في منطقة الهلال الخصيب، كما استولى على الصناعات الثقيلة التي أسسها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين". وكان الكاتب البريطاني جيمس جونز قال في وقت سابق إنه لا يمكن هزيمة تنظيم "داعش", ولكن يمكن فقط تقييد انتشاره, والحد من قدرته على العمل علانية. وأضاف الكاتب في مقال نشرته له صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في 3 ديسمبر أن الغارات الجوية لن تحدث فارقا عمليا كبيرا، وأن إيجاد حل للحرب في سوريا, مرده في نهاية المطاف إلى طاولة المفاوضات, وليس إلى ساحة القتال. وتابع " الغارات الجوية قد تضر فقط بقدرة تنظيم الدولة على الحفاظ على خطوط إمداده وتقويض جهوده في تجنيد مقاتلين جدد، ولكنها لن تقضي عليه". واستطرد الكاتب " يتعين على الغرب أن يقرر ما إذا كان بإمكانه أن يتحمل التحدث إلى روسيا وإيران وتنظيم الدولة"، وتحدث عن مفاجأة قال فيها :" إنه سواء قصفت بريطانياسوريا أم لا , فإنها سوف تضطر للتحدث إلى تنظيم الدولة لاحقا, لأن إيجاد حل للصراع في سوريا مرده في نهاية المطاف إلى طاولة المفاوضات". وكان النائب البريطاني عن حزب المحافظين آدام هولواي انتقد خطة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بشأن التدخل العسكري لمحاربة تنظيم الدولة "داعش" في سوريا, مرجحا فشل هذه الخطة. ونقلت "الجزيرة" عن هولواي قوله في 2 ديسمبر إن بريطانيا تريد أن تكرر في سوريا الأخطاء نفسها, التي ارتكبتها في أماكن أخرى. وأضاف أن معاصرته للحروب في البوسنة وأفغانستان والعراق وليبيا، والسنوات التي قضاها كجندي ومراسل وبرلماني، علمته ما كان واضحا وضوح الشمس، وهو أن مشاكل هذه الدول لا يمكن حلها, إلا إذا تم إصلاح السياسات المعوجة. وتابع " التحالفات الغربية التي تم تشكيلها على مدى ال 15 عاما الماضية، والتي شاركت فيها بريطانيا, استخدمت القوة العسكرية دون فهم ماهية محرك كل صراع على الأرض". واستطرد " هذا الجهل كان له آثاره الكارثية على عشرات الملايين من الناس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا", محذرا من أن التدخلات العسكرية الغربية الجديدة في الشرق الأوسط مصيرها الفشل, وأن حل الأزمة السورية بحاجة إلى اتفاق سريع بين أمريكاوروسيا وتركيا وإيران والسعودية. وكان مجلس العموم البريطاني صوت في 3 ديسمبر لصالح خطة كاميرون حول توجيه ضربات لتنظيم الدولة في سوريا. وحصلت خطة كاميرون على تأييد 397 نائبا, مقابل رفض 223، وذلك بعد التصويت على مذكرة مضادة وقع عليها نحو 110 برلمانيين من مختلف الأحزاب، وتم رفضها بتصويت 93 لصالحها مقابل 211 صوتا. وهذا الفوز يعني أن الطائرات المقاتلة البريطانية التي تقف على أهبة الاستعداد للانطلاق إلى المنطقة من قاعدتها العسكرية في قبرص -منها ست طائرات تايفون واثنتان من نوع تورنيدو- ستنطلق في غضون الساعات المقبلة إلى الأجواء السورية, حسب "الجزيرة". وأشار كاميرون بعد بدء مناقشات البرلمان البريطاني بشأن هذا التفويض إلى أن الخلاف مع روسيا على مستقبل نظام بشار الأسد آخذ في التقلص، مشددا على ضرورة مهاجمة تنظيم الدولة في عقر داره، لمنعه من مهاجمة بريطانيا. وقال إن على بلاده الاستجابة لطلب حلفائها، معتبرا أن التحرك الذي يقترحه "شرعي وضروري وهو العمل الصائب لضمان أمن بريطانيا"، وأن "مساهمة البلاد العسكرية قد تؤثر كثيرا". وفور التصويت, أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ترحيبه بموافقة البرلمان البريطاني على شن غارات جوية على تنظيم الدولة في سوريا. ونقلت "رويترز" عن أوباما قوله في بيان له :"منذ بدء الحملة ضد داعش, كانت المملكة المتحدة واحدة من أهم شركائنا في القتال ضد التنظيم". وأضاف "نتطلع لرؤية قوات بريطانية تحلق مع التحالف فوق سوريا وسنعمل على اشراكهم في أوامر المهام الجوية لتحالفنا بأسرع ما يمكن". ورحب أوباما أيضا باعلان مجلس الوزراء الألماني في 2 ديسمبر أن ألمانيا ستتعهد بإرسال ما يصل إلى 1200 جندي للقتال ضد تنظيم الدولة. وبدورها, ذكرت "الجزيرة" أن زعيم حزب العمال جيرمي كوربن -على الرغم من معارضته الضربات- قرر أن يترك لنوابه حرية التصويت تفاديا لتمرد مفتوح داخل حزبه. واتهم الزعيم العمالي حكومة كاميرون بتسريع عملية التصويت قبل تغير موقف الرأي العام كليا، معتبرا أن "توسيع الضربات الجوية البريطانية لن يحدث فرقا على الأرجح"، ومشككا في شرعيتها ومتخوفا من تسببها بضحايا بين المدنيين. وأضاف كوربن أن التأكيد على أن تفوق الصواريخ البريطانية سيحدث فرقا "يصعب تصديقه، في حين تجد الولاياتالمتحدة ودول أخرى صعوبة في ضرب أهداف مناسبة"، وذلك بعد أن قال كاميرون إنه سيتم استخدام صواريخ بريمستون. وتنشر بريطانيا ثماني طائرات تورنيدو في إحدى قواعدها في قبرص، بينما تشارك طائرات من دون طيار منذ العام الماضي بالغارات على تنظيم الدولة في العراق. وعقب هجمات باريس, أفاد استطلاع للرأي بأن نحو 48% من البريطانيين يدعمون خطة الحكومة في توسيع ضرباتها ضد تنظيم الدولة, مقابل 31% يعارضون هذا التوجه.