بينما انشغل الدكتور حسام مغازي، وزير الري بمحاولة فهم "الدماغ" الإثيوبية، أثناء اجتماع اللجنة الوطنية المعنية بدراسة آثار سد النهضة، صباح اليوم السبت، بدا وزير الموارد المائية الإثيوبي، أكثر قوة وتماسكًا أثناء الاجتماع اليوم الذي حضره أيضًا وزير الري السوداني، وعرض الوزير الإثيوبي، تغيير المكتبين الاستشاريين لدراسة آثار سد النهضة، الأمر الذي فسره الوزير بأنه "محاولة لإنجاز مشروع سد النهضة، حيث تسير معدلات البناء في السد بشكل أسرع بكثير مما تسير عليه المفاوضات". وينتقد خبراء الموارد المائية والري، الحكومة المصرية الحالية، ويعتبرونها "عاجزة ومتواطئة لصالح إثيوبيا"، ففي الوقت الذي تنشغل فيه القاهرة بمحاولة التوفيق بين المكتبين الاستشاريين، تُسرع إثيوبيا من خطواتها نحو بناء وإنجاز السد الإثيوبي. وأعطيت دراسات سد النهضة الإثيوبي، لمكتبين استشاريين أحدهما للشركة الفرنسية "بي. ار. إل"، والآخر شركة "دلتارس" الهولندية، وذلك لتنفيذ الدراسات بنسبة 70% للأولى، و30% للثانية، واعتبرت الشركة الهولندية أن هناك انتقاصًا في حقها وصممت على أن تأخذ نسبة مساوية للشركة الفرنسية، ما أحدث انشقاقًا كبيرًا بينهما تنشغل القاهرة في احتوائه، بينما تُتهم أديس أبابا بافتعال الأزمة لصالح الشركة الفرنسية التي تُدين لها بالولاء. ويقول أستاذ الموارد المائية والسدود، الدكتور أحمد الشناوي، إن المسئولين المصريين على علم تام بما يحدث في المفاوضات من سعي إثيوبيا لتضييع الوقت واكتمال بناء السد وملء خزانه، مؤكدًا أن خزان السد سيتم ملؤه بالكامل وقت الفيضان في يوليو القادم. وأوضح الشناوي خاص ل"المصريون"، أن التواطؤ المصري سبب تأزمًا كبيرًا في الملف، وذلك لأن بعض المسئولين عن ملف سد النهضة يتبعون إثيوبيا ويدينون لها بالولاء التام وكانوا يأخذون منها أموالًا، مؤكدًا أن دورهم الآن هو تثبيط القيادة المصرية ليس أكثر من ذلك. وعلق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، على الاجتماع الوزاري بين الدول الثلاث، قائلًا: عندما تكون استراتيجية المفاوض المصري مع إثيوبيا هي مجرد بدء عمل المكاتب الاستشارية لتقدم تقريرها بعد 15 شهرًا غير ملزم لأي طرف من الأطراف وبعد أن تكون إثيوبيا قد افتتحت المرحلة الأولى من السد في أكتوبر القادم لتشغيل أول توربينين وتوليد 700 ميجاوات، فهنيئًا للمفاوض الإثيوبي بعقلية المفاوض المصري الذي لم يضمن لمصر حصتها من المياه. وأضاف مستنكرًا ما يفعله وزير الري الدكتور حسام مغازي: "إثيوبيا أرسلت لنا وزيرها للري الجديد يرافقه وزير الرى السابق الذي أصبح مستشارًا لرئيس الوزراء المنتخب لشئون السدود حتى لا يستغل المفاوض المصري حداثة الوزير الإثيوبي الجديد". من جانبه، قال اللواء محمد زاهر، الخبير العسكري ل"المصريون"، إن الأزمة مع إثيوبيا دخلت لمرحلة خطيرة للغاية، وأصبح تصنيف ملف سد النهضة حاليًا، ذا درجة عالية من الخطورة، مؤكدًا أن القرار الصائب هو التمسك بحق مصر التاريخي في اتفاقية 1959، مضيفًا: لا مفر من التحكيم الدولي.