سحل فتاة التحرير.. وكشف العذرية.. عملان مُدانان.. ولا يمكن بحال أن يقبلهما أولو المروءة من البشر.. والمسألة هنا لا تحتاج إلى انتزاع الإدانة من هذا أو من ذاك.. ولا يضير استياءنا منهما، بعض التصريحات المتعجلة التى أدانت الفتيات وحملت تصرفاتهن مسئولية ما يتعرضن له من انتهاكات. المشكلة الحقيقية تتعلق "بخصخصة" حقوق الإنسان فى مصر.. وخضوعها للفرز الطبقى والاجتماعى و"الشللى" من جهة.. وتوظيفها فى "الانتهازية السياسية" من جهة أخرى. على سبيل المثال ينتفض نشطاء حقوق الإنسان حال تعرض صحفى بمنزلة "رئيس تحرير" لأية عقوبة محتملة فى قضايا النشر.. فيما يتجاهل ذات النشطاء ما يتعرض له صغار المحررين والصحفيين من انتهاكات يومية سواء من قبل الجهاز الإدارى للدولة أو من قبل الصحف التى يعملون بها.. فيما لا تهتم منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الأهلى والمثقفون والكتاب، إلا بمن تعرض للملاحقات القضائية من داخل "الشلة" التى ينتمون إليها ويرتبطون من خلالها بعلاقات بيزنس ومصالخ مهنية وسياسية ومالية كبيرة. لم يشعر مجتمع النخبة ب"الخزى" أو ب"الإهانة" مثلا.. عندما عرضت إحدى "عضواته" نفسها عارية تماما على صفحتها ب"الفيس بوك" باعتباره نضالا يستقى شرعيته من ثورة 25 يناير.. رغم أنه كان عملا مشينًا ومهينا للمرأة المصرية خاصة والمرأة العربية عامة.. ومع ذلك لم تذرف أقلام "المناضلين" الثوريين فى صحف رجال الأعمال الفاسدين مدادها تنديدا بهذا العُهر والدعارة العلنية باسم الثورة.. فيما اختفت كل الحركات النسوية.. وبدت وكأنها غير موجودة بالمرة! قبل الثورة تعرضت سيدتان مصريتان لجريمتى اختطاف شاركت فيهما الدولة مع الكنيسة، وهما وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة.. حيث اختفيتا فى الأديرة القلاعية المنتشرة داخل فيافى وصحراء مصر القاحلة.. ولم يعثر لهما على أثر حتى اليوم نكالا لهما على ممارسة حقهما فى حرية العبادة واختيار الدين الذى يعتقدانه. ما حدث فى التحرير "السحل" وما قبله "كشف العذرية" جريمتان فى حق المرأة المصرية.. وكذلك اختطاف سيدتين وتسليمهما للكنيسة أيضا عملية قرصنة رخيصة وتعد فج وغير إنسانى أو أخلاقى على حرية العبادة وعلى حقوق الدولة قبل حقوق المواطنة.. ومع ذلك غضب "الثوريون" للأولى وسكتوا عن الثانية.. لأن المسألة ليست انتصارا لحقوق الإنسان كما يزعمون وإنما انتصار للمصالح السياسية.. إنها "الانتهازية" التى باتت أبرز تجليات فساد النخبة فى مصر.. لا تكتوى الأخيرة بنارها فقط، وإنما تكابد مشقة كبيرة وصعوبات ومشاكل أكبر فى التحول من "الثورة" إلى "الدولة".. ومن "الديكتاتورية" إلى "الديمقراطية" بسبب هذه النخبة وفسادها وانتهازيتها الرخيصة. [email protected]