أما قبل... جامعة الإسكندرية (فاروق سابقًا) هى أقدم ثانى جامعة، وهى إحدى الجامعات الكبار فى مصر. تولى إدارتها فى يوم من الأيام الجميلة الدكتور طه حسين، وتخرج فيها فى يوم من الأيام الجميلة الدكتور أحمد زويل، الحائز على جائزة نوبل. وفضلا عما سبق فهى الجامعة صاحبة السبق فى تأييد (بحسن نية) ما حدث يوم الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، وكان لها وضع مميز لدى الضباط الذى خلعوا على أنفسهم اسم "الأحرار". هذه الجامعة مع أختيها، القاهرة وعين شمس، تمثل المرجع فى الأعراف والتقاليد، كما تمثل النموذج الجدير بالمحاكاة. وإذا ما غم أمر على جامعة إقليمية حديثة النشأة كان الاسترشاد بإحداهن. ويبدو أن من أسند إليهم فى هذه الأيام بعض مناصب القيادة فى واحدة أو أكثر من هذه الجامعات الثلاث لا يعرفون قدرها وتاريخها، ويأتون من التصرفات ما يسىء إلى المجتمع الجامعى بأسره، وتجعلنا أضحوكة فى نظر المتطلعين إلينا، وتفقدنا الاحترام والوقار.. ومؤكد أن التصرفات المعوجة لذلك البعض ستصبح مرجعا هاديا للجامعات الأخرى التى يفتقد معظم القائمين عليها إلى الأعراف والتقاليد غير المكتوبة، فضلا عن النصوص المكتوبة. فمثلا هل يجوز أن يتولى أستاذ مساعد رئاسة مجلس قسم علمى فى وجود أستاذ أيا كان تصنيفه فى القائمة الشهابية الغبية.. وهل يستقيم أن يتولى أستاذ مساعد منصب وكيل كلية حسب الطريقة البهائية المرفوضة.. وما معنى أن يشكو أستاذ من وضع خاطئ ولا يلتف إلى شكواه. أما بعد... الأمر الذى نكأ جرحا وأود أن أحدثكم عنه حدث ويحدث فى جامعة الإسكندرية ذات السبعين ربيعًا، أمر فريد لا نظير له. إحدى/أحد عمداء الكليات يعمل/تعمل بلا وكلاء، رغم أن بالكلية أستاذين اثنين فقط لا ثالث لهما يمكن أن يسند لأحدهما منصب وكيل الكلية لشئون الطلاب، وللآخر منصب وكيل الدراسات العليا.. فقانون الجامعات ينص على وجود ثلاثة (وليس اثنين فقط) وكلاء حتى يسير العمل سيرا حسنا.. ولكن العميدة/ العميد يريد الإبقاء على هذه المناصب شاغرة، ولا تفسير لذلك - كما يتواتر- إلا الرغبة فى الاستئثار بحضور لجان شئون الطلاب، ولجان الدراسات العليا، ولجان البيئة على مستوى الكلية، ومجلس شئون الطلاب، ومجلس الدراسات العليا، ومجلس شئون البيئة على مستوى الجامعة، ومن ثم الفوز بالمكافآت المقررة لهذه اللجان، وتلك المجالس.. إننا بصدد عميد/عميدة فوق العادة ليس له/لها سميا فى الجامعات الأخرى. رئيس الجامعة- جامعة الإسكندرية- على علم بهذا الموقف، ولكنه حتى كتابة هذه السطور صامت وكأنه إما عاجز عن فعل شىء حياله، وإما موافقا على تصرفات العميد/العميدة فيما ذهب/ذهبت إليه. الأستاذان الوحيدان بالكلية مستاءان من هذا الوضع لأنه ينطوى على إهانة لهما، ومن شأنه أن يعرقل سير العمل، ولكن رئيس الجامعة لا يرى فى ذات الوضع غضاضة، ويرى أيضا فيما يرى أن للعميد/ للعميدة الحق فى التصرف على أى نحو دون قيود. ليت شعرى كيف يفكر هؤلاء القوم، ومتى وكيف يردون إلى الصواب، ومن ذا الذى يردهم إلى الجادة، وما السبيل إلى محاسبتهم على العبث الذى يمارسونه فى حق الجامعة.. لقد هب الشباب وناصرهم الشعب وحماهم الجيش ضد الديكتاتورية والتفكير المعتل، ومع ذلك لا يزال من أهل العلم والمعرفة من يمارسون ديكتاتورية وعبثا... وأين؟ فى أرقى مؤسسة تعليمية. الجامعيون ليسوا بحاجة إلى من يرشدهم أو يصوب أخطاءهم، فهم المرشدون، وهم المصوبون، وإلا فإن استمرار الأوضاع غير المريحة فى الجامعات-وما أكثرها- لن يجعل لنا قيمة فى المجتمع. فلنحترم أنفسنا أولا حتى يحترمنا الناس ويثقوا فينا.