على الرغم من أن رواية "شيفرة دافنشي" ، للروائي الأمريكي "دان براون" كانت "مسيئة للمسيحية الحديثة" إذ اعتبرتها ديانة هجينة قد خالطتها الوثنية الرومانية .. رغم ذلك .. كانت الرواية هي الأكثر مبيعا في العالم المسيحي !! حيث بيع منها نحو 25 مليون نسخة ، و ترجمت إلى 50 لغة ! الرواية اثارت "جدلا" و لم تثر "غضبا" .. ! حتى في بعض الدول العربية التي يشكل المسيحيون نسبة كبيرة من سكانها ! ففي لبنان الذي يشكل فيه المسيحيون 35% من تعداد السكان بيعت فيها الرواية بشكل لفت دهشة الناشرين اللبنانيين ، و لم تصادرها السلطات إلا بعد أن اعترض عليها زعماء دينيون مسيحيون و مسلمون أيضا باعتبارها مسيئة للعقيدة المسيحية ، و قد تثير فتنة ! لم يعترض في أوربا إلا الكنيسة الكاثوليكية ، و أنشأت موقعا خصيصا للرد على الرواية ، فيما صدرت ثلاث كتب خجولة لتفنيد أراء براون ! و الحال إن المرء لايملك إلا أن يستغرب من موقف المسيحيين مما يسئ إلى عقيدتهم .. فإذا كانت "اوروبا الرسمية" نظما علمانية ، تتظاهر باستعلائها على الدين ، و باقصائه عن أولوياتها حال صوغ أجندتها الداخلية و الخارجية ، و لايهمها الاساءة للمسيح عليه السلام فإن موقف أوروبا الشعبية هو الغريب حقا ، إذ كيف نفسر هذا التناقض في سلوك العامة ، حين يؤدون صلواتهم بتبتل في الكنائس صباحا ، و تتبلد مشاعرهم إزاء "التهكم" على المسيح ليلا؟! بل إن الدنيا في أوروبا قد تقوم و لاتقعد ، إذا ما اقترب أحد مهما كانت مكانته او منزلته ، و مس بالتشكيك من بعيد أو قريب في "الهولوكست" ، فيما تتبلد المشاعرو الاحاسيس إذ استبيحت "حرمة المسيح" عليه السلام و مقدسات النصارى في أي أرض من العالم ! و لعله كان مثيرا للتساؤل هذا السكوت و الصمت و اللامبالاة التي أبداها المسيحيون في العالم إزاء جرائم الاسرئيليين ، و هم يدمرون بالديناميت كنيسة أرثوذكسية في بلدة عامود الفلسطينية متزامنة مع حصارها لكنيسة المهد في بيت لحم التي ولد فيها المسيح ، و قصفها بالقنابل و الصواريخ .. و هي أهم مكان على الارض بالنسبة للنصارى ! بل إن بعض نصارى مصر و هذا أمر أيضا يحتاج إلى تفسير تظاهروا احتجاجا على نشر صحيفة النبأ صورا فاضحة لقس مشلوح .. و لم ينطق واحد منهم بما فيهم القيادات الكنسية بكلمة واحدة ، و كنيسة المهد تقصف بالقنابل وتنتهك حرماتها ! فإذا ادعى أحد و قال إن "إهانة المسيح" لا تثير غضبا و انما جدلا باعتبار إن هذه "الاهانة" تندرج تحت حرية الرأي ... ! فلماذا السكوت على العدوان على أقدس مكان بالنسبة للمسيحيين في العالم و هو المكان الذي ولد فيه المسيح عليه و على نبينا الصلاة و السلام ؟! فهل باتت حرية القصف و حرية القتل و سفك الدماء في الاماكن المقدسة جزءا من "حرية الرأي "؟! .. و لماذا تهان المسيحية باسم "حرية الرأي" .. فيما تصادر هذه الحرية و تذبح على عتبات "الهولوكست" إذا ما مس الاخيرة إنس أو جان ؟! بالتأكيد .. يوجد "شئ خطأ" او ملتبس يحتاج إلى إضاءة لمعرفته و استجلاء ورؤية المساحات المظلمة في هذا الأمر .. و هو موضوع من الممكن أن نتناوله لاحقا .. غير أني أقول هذا الكلام بمناسبة ، سفر وفد مصري من رحال علماء مسلمين و رجال دين مسيحيين إلى اوروبا ، لتحسين صورة الاسلام .. و التحاور و التفاهم مع الأخر المخالف .. ! و هو موضوع بات الكلام بشأنه مستفزا و يحتاج إلى مصارحة و مكاشفة و هو ما سنجتهد في الكتابة عنه غدا إن شاء الله تعالى [email protected]