استطاع الشعب الفلسطيني أن يسطر صفحات خالدة من التاريخ ليكتب بأقلام من نور وعلى سطور من ذهب، أن فلسطين لازالت تقدم شهداءها رجالاً وأطفالاً ونساءً؛ صوّرها الشاعر في أبياته قائلاً: "فلسطين، نهر يضج بالدماء.. وسيدة تلد الشهداء.. وأرض نبتها الأوفياء.. وقاعة عرض قتل الأبرياء.. وسيدة الموت بأجيالها ترهب الأعداء". جاءت موجات الغضب الأخيرة للشعب الفلسطيني لتثبت يومًا بعد يوم أنه شعب لا يمكن أن يقبل بالواقع المرير الذي فُرض عليه أمام عجز العرب وتخاذلهم وتدني إنسانيتهم جراء ما تشهده مدن فلسطين من حصار ودمار، هذا فضلاً عما يتعرض له المسجد الأقصى بشكل مستمر من انتهاكات واعتداءات بطرق متعمدة وبشكل أكثر استفزازًا وبالأخص في السنوات الخمس الأخيرة، بعد أن شاهدت إسرائيل حال الوطن العربي وما تعيشه الأمة العربية، وظنت أن الفرصة قد سنحت لها للنيل مما تبقى من شرف الأمة. أصبح الاحتلال على يقين بأن الضعف العربي الحالي والتخاذل الإسلامي يمكن استغلاله لتطبيق سياستها في كل شبر على أرض فلسطين، لتقوم بتنفيذ إجراءات انتقامية بهدم منازل الفلسطينيين ومحاصرة مدن وقرى فلسطينية، وتعمد فعل اعتداءات وانتهاكات أكثر بشاعة مع توسيع حملات الاعتقال والقتل العشوائي للمدنيين. الموقف العربي المخزي لن يحرر فلسطين ولن ينقذ المسجد الأقصى، حسم الأمر مسبقًا في كل ما تعرض له كل شبر في فلسطين لانتهاكات لم تقابل إلا بالتنديد من دول عربية لحفظ ماء الوجه، هذا الأمر قتل الكثير بحثًا فيه ليجسد لنا العديد من "التساؤلات الهامة". كيف ستتحرر فلسطين؟ هل سنجد دعوات تتحرك مجددًا لمواجهة هذا التقسيم الزمني والمكاني للمسجد الأقصى؟ هل ستتحقق وحدة عربية تستمد منها القدس قوة مشتركة تواجه الإرهاب الصهيوني الغاشم؟ هل نحن حقًا مؤهلون للدفاع عن القدس؟ تبقى الصورة كما هي منذ الماضي البعيد وحتى الآن، إلا أن الصمود لم يمت في قلوب أطفال وشباب ونساء ورجال وشيوخ فلسطين ليضربوا أروع الأمثلة في التفاني والوفاء والتضحية ليشكلوا لنا نموذجًا يحتذى به صغيرهم الذي يتعلم التضحية وشبابهم الذي ضحى وكبيرهم الذي علم فنون التضحية، فلكم منا ألف تحية وألف سلام.