بعكس ما روج له رئيس هيئة قناة السويس والإعلام المصري والمسئولون في الحكومة, بشأن الإيرادات المتوقعة من مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة، والتي قالوا إنها ستحقق طفرة اقتصادية كبيرة، رغم وجود تقارير اقتصادية دولية وخبراء مصريين يؤكدون عدم جدوى إنشائها في الوقت الحالي؛ حيث أظهرت البيانات الرسمية لهيئة قناة السويس بعد أن تم حجبها لنحو ثلاثة أشهر تراجعًا في إيرادات القناة بنسبة 9% خلال شهر أغسطس الماضى بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي, لتحقق نحو 462 مليون دولار، مقارنة بنحو 510 ملايين دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وذلك رغم ارتفاع عدد السفن المارة بمعدل 8 سفن فقط؛ حيث عبرت نحو 1585 سفينة، مقابل 1577 سفينة بزيادة 0.5% فقط. وبحسب البيانات الرسمية للقناة حول معدلات الأداء خلال أغسطس الماضى ومقارنة بعام 2014، تراجعت كميات البضائع المنقولة بمقدار 0.1%، ولم تسجل زيادة تذكر على مستوى متوسط العبور اليومي الذى زاد من 50.9 سفينة / يوم إلى 51.1 سفينة/ يوم. وتعرضت القناة لمؤشرات سلبية على مستوى نوعيات السفن العابرة، منها انخفاض سفن الحاويات 10%، وسفن البترول LNG SHIPS % 1.8، وسفنBULK CARR 2.9 %، وناقلات السيارات 13.2%. ومولت الحكومة حفر القناة عبر طرح شهادات بعائد 12% سنويًا على مدار ثلاث سنوات، وجمعت 64 مليار جنيه ما يعادل 8.17 مليارات دولار. وقبل إطلاق التفريعة الجديدة للقناة، قالت الحكومة إن إيرادات قناة السويس سترتفع من 5.4 مليار دولار إلى 13.2 مليار دولار في 2023، وهو ما يزيد عن ضعفي الإيرادات البالغة 5.4 مليار دولار التي حققتها القناة في 2014. وبلغت عائدات قناة السويس خلال النصف الأول من العام الجاري 2.538 مليار دولار، بتراجع 1.3% عن عائداتها خلال الفترة نفسها من العام الماضى والبالغة 2.572 مليار دولار. وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي، التفريعة الجديدة لقناة السويس، في السادس من أغسطس الماضى، متوقعًا أن تحقق عائدات خلال العام الجاري بنحو 6.018 مليون دولار بعد التشغيل. قال ممدوح الولي، الخبير الاقتصادي, إن تراجع إيرادات قناة السويس هو أمر متوقع، لا سيما أن صندوق النقد الدولي أصدر العديد من التقارير الإحصائية الاقتصادية منذ يناير الماضى وحتى أكتوبر الجاري وكلها تؤكد أن معدل النمو العالمي متوسط, ويقدر بنحو 3%, بجانب وجود معدل نمو متوسط في حركة التجارة العالمية، مؤكدًا أن العمل بقناة السويس مرتبط بحجم التجارة العالمية, فتنشط حال نمو حركة التجارة وتنخفض حال الركود. وأوضح أن إيرادات "القناة" متعلقة في الأساس بحركة التجارة بين أوروبا وجنوب آسيا, وطالما أن هناك مشاكل اقتصادية فى أوروبا مع وجود تراجع لمعدل النمو الاقتصادي في الصين فبالتالي ستظهر مشاكل اقتصادية كبيرة ستؤدى إلى تراجع حركة التجارة بين هاتين الجهتين, ومن ثم تراجع أعداد السفن المارة بقناة السويس وأيضًا انخفاض حمولتها وبالتالي تتراجع إيراداتها. وتابع: "هناك علاقة عكسية بين أسعار البترول وبين المرور في قناة السويس, ففي حالة تراجع أسعار البترول فإن السفن الناقلة لها ستفضل المرور من طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب دفع رسوم مرور وحتى لا تتحمل أعباءً مالية بجانب تراجع النفط, أما في حالة ارتفاع أسعار البترول فإن السفن تفضل المرور من قناة السويس لاختصار الوقت دون الاكتراث برسوم المرور التي ستدفعها. واستطرد الولي قائلاً: "إيرادات قناة السويس مرتبطة بحركة التجارة الدولية وليست مرتبطة بعدد السفن المارة فى القناة, وأن العبرة تكون بحمولة هذه السفن ونوعيتها, لأن الإيرادات الحقيقية ترتفع بحسب حجم الحمولة ونوعيتها, وليس بأعداد السفن, لافتًا إلى أن نحو 10% من السفن المارة من قناة السويس سواء كانت قادمة من الشمال أو الجنوب, لا تحتوى على حمولة, بسبب تفريغها للحمولة في دولة معينة ثم تعاود الرجوع إلى موطنها, فبالتالي فإن رسوم مرورها قليلة جدًا، خاصة أن السفن المارة في القناة تتنوع مابين سفن الصب وسفن الحاويات وسفن الغاز المسال وسفن ناقلات بترول وسفن ركاب. وتوقع الخبير الاقتصادي, تراجع أعداد السفن المارة بقناة السويس خلال الفترة المقبلة، معللاً ذلك بوجود اتجاه عالمي من شركات الشحن الدولية إلى بناء سفن كبيرة الحجم لمضاعفة الحمولة وتقليل النفقات التي تترتب على زيادة عدد الرحلات, مشيرًا إلى أن عدد السفن المارة بالقناة تراجعت بالفعل منذ 1980 مقارنة بالوقت الحالي، وذلك بسب الاتجاه إلى بناء السفن كبيرة الحجم.
وأوضح أن القناة ستحقق إيرادات متوسطة حال وجود انخفاض في حركة التجارة العالمية، وذلك بسبب مرور سفن تنقل مواد أساسية مثل الغذاء ومواد التشييد إلا أنها لن تحقق الطفرة التحصيلية في الأموال التي توقعها المسئولون المصريون على الأقل خلال العامين القادمين. وأرجع الدكتور عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي, تراجع أرباح قناة السويس, بسبب الاضطرابات السياسية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط, وأيضًا العمليات العسكرية الموجودة في سوريا, هذا بالإضافة إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار البترول نتيجة لتراجع معدل النمو الاقتصادي في الصين، مما أدى إلى تخفيض وارداتها من البترول, خاصة أنها تستحوذ على ثلث واردات البترول العالمية، مما أثر بالسلب على حركة الملاحة البحرية خاصة ناقلات البترول.
وأضاف أن الزيادة في أعداد السفن خلال العام الحالي مقارنة بالعام الماضى تعد زيادة وهمية، لاسيما أن إيرادات العام الماضى والتي وصلت إلى 5 مليارات دولار كانت بسبب كثرة عدد السفن الحربية الأمريكية المارة من قناة السويس نتيجة للحرب في سوريا, مؤكدًا أنه لو كانت نوعية المرور تقتصر على السفن التجارية فقط لحققت القناة نحو 3.5 مليار دولار وهو رقم منخفض جدًا. ولفت إلى أن زيادة عدد مرور السفن بنحو 8 سفن جاء بسبب زيادة معدل دوران السفن بعد تقليص زمن المرور. وأضاف حسانين, أن الإيرادات التي حققتها قناة السويس خلال الربع الثالث من العام الجاري, كانت بسبب مرور عدد من السفن الحربية أيضًا, خاصة أن الرسوم التي تدفعها أعلى من الرسوم التي يتم تحصيلها من السفن التجارية إلا أن الإيرادات تراجعت خلال الربع الثالث من العام الجاري. وتابع: "السفن التجارية انخفضت على مستوى العالم بسبب تباطؤ حركة الاقتصاد العالمي وانخفاض الواردات الصينية التي كانت تحصل عليها من أفريقيا والمنطقة العربية وكانت تمر من قناة السويس. وأكد أن قناة السويس الجديدة لن تحقق عائدات في الوقت الحالي، خاصة أن عدد السفن العالمية لن تزيد في وقت قصير وربما تحتاج إلى 10 سنوات, كما أن العائدات القادمة لن تحقق طفرة في الاحتياطي الأجنبي, لاسيما أن عائدات قناة السويس منخفضة مقارنة بعوائد الشركات العالمية والتي لا تصل عائدات القناة بالمقارنة بها إلى 1%، مشيرًا إلى أن شركة سامسونج تحقق إيرادات 25 ضعف عائدات قناة السويس. وأكد أن جدوى قناة السويس الاقتصادية ليست في رسوم المرور التي يتم تحصيلها على السفن, ولكن تكمن في تنمية محور قناة السويس بالكامل ليحقق قيمة إضافية للاقتصاد المصري.