قالت صحيفة "الأوبزيرفر" البريطانية إن المواجهات المتصاعدة في القدس والضفة الغربية, تؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت حية, ولم تنجح محاولات تهميشها, أو إزالتها من الوجود. وأضافت الصحيفة في تحليل لها في 13 أكتوبر أنه بموجب اتفاقات أوسلو, عملت إسرائيل خلال العقدين الماضيين على تعزيز وإحكام سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى درجة لم يسبق لها مثيل. وتابعت " إسرائيل عولت أيضا على الاضطرابات الإقليمية غير المسبوقة وأزمة اللاجئين العالمية, لتهميش القضية الفلسطينية, وإظهارها على أنها عرض جانبي ثانوي, إلا أنها فوجئت بأنها تتصدر مجددا عناوين الصحف الرئيسة في العالم". واستطردت " المواجهات الحالية في القدس والضفة الغربية تؤكد أن الشباب الفلسطيني اليوم ليس أقل عزما لتحقيق الحرية الجماعية من الأجيال السابقة". وأشارت إلى أن العقد الحالي كان كارثيا للفلسطينيين سواء فيما يتعلق بالانقسام الداخلي أو فشل مفاوضات التسوية واتساع نطاق الاستيطان, أو الاضطرابات الإقيلمية, إلا أن القضية الفلسطينية ما زالت حية. وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أبرزت أيضا تعليق القيادي في حركة فتح الفلسطينية مروان البرغوثي، المعتقل منذ سنوات بسجون إسرائيل, على المواجهات في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية, احتجاجا على انتهاك حرمة المسجد الأقصى. ونشرت الصحيفة في 12 أكتوبر مقالا كتبه البرغوثي من داخل سجنه, حيا فيه الجيل الجديد من الفلسطينيين لمقاومتهم الاحتلال الإسرائيلي, مشيرا إلى أن هذا الجيل "لم ينتظر نتائج مباحثات التسوية، أو تجاوز الانقسام الداخلي, أو صدور تعليمات لتنفيذ واجبه في مقاومة الاحتلال, وقاموا بذلك من دون السلاح، في مواجهة أحد أكبر القوى العسكرية في العالم". وفي تعليقه على أسباب التصعيد الحالي، قال البرغوثي :" إن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين لم تتوقف يوما, ففي كل يوم, يتم قتل الفلسطينيين، وإصابتهم، واعتقالهم". وتابع "في كل يوم, يتقدم الاحتلال، ويتواصل الحصار على شعبنا بغزة، ويستمر القمع والتنكيل", مشيرا إلى أن إسرائيل اختارت الاحتلال على أنقاض السلام، واستغلت المفاوضات كذريعة لتنفيذ مشروعها الاستعماري. واستطرد " الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، خاصة ضد المسجد الأقصى، تنتهك القانون الدولي, وتدمر حل الدولتين, وتهدد بتحويل الصراع السياسي القابل للحل, إلى حرب دينية لا نهاية لها، في منطقة مشتعلة بالأساس". وكانت مجلة "سلايت" الفرنسية وصفت المواجهات, التي عمت الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، احتجاجا على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لحرمة المسجد الأقصى بأنها "انتفاضة". وأضافت المجلة في تقرير لها في 11 أكتوبر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يسعى لإنهاء "الانتفاضة" في القدس والضفة، لأن اتساع المواجهات يشكل خطرا على سلطته، حسب تعبيرها. وتابعت أن " الانتفاضة الحالية تأتي بينما تواجه السلطة الفلسطينية اتهامات متزايدة بالتورط في الفساد المالي وسوء التصرف في المساعدات الدولية"، مشيرة إلى أن دراسات معمقة أظهرت أن الفساد يتسبب في إهدار حوالي 40 بالمائة من ميزانية السلطة الفلسطينية. وأشارت المجلة إلى أن شعبية عباس في تراجع، بسبب كثرة الاتهامات الموجهة له بعدم حل المشاكل اليومية، الاقتصادية والسياسية، التي يعاني منها الفلسطينيون وتقاعسه في محاربة الفساد الذي وصل إلى أعلى هرم السلطة. وتابعت المجلة أن عباس يحاول حاليا إنهاء الاحتجاجات في القدس والضفة, لأنه ضد انتفاضة ثالثة, ستقوض سلطته, خاصة في ظل اتهامات الفساد التي تلاحق السلطة الفلسطينية, وفشل مسار التفاوض مع إسرائيل. وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أبرزت الاحتجاجات التي عمت الجمعة 9 أكتوبر الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، إضافة إلى المسيرات قرب الشريط الحدودي شرقي وجنوبي قطاع غزة. ونشرت الصحيفة في 9 أكتوبر تحليلا للكاتبين وليان بوث ووليام برانين, قالا فيها إن المواجهات التي تشهدها الضفة الغربيةوالقدس تشكل معضلة كبيرة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو. وأضاف الكاتبان أن المواجهات الراهنة اندلعت في أعقاب محاولات إسرائيل انتهاك حرمة المسجد الأقصى والأماكن المقدسة الأخرى، وأشارا إلى أن مناطق فلسطيينية مختلفة تشهد مواجهات متبادلة مع المستوطنين, يصفها البعض ب"حرب السكاكين". وتابع الكاتبان أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عاجز أمام هذه التطورات ويمر بأوقات صعبة، كما أن الفلسطينيين تعبوا من وجوده. واستشهد سبعة فلسطينيين وأصيب أكثر من ثلاثمائة آخرين جراء المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي الجمعة 8 أكتوبر، حيث عمت الاحتجاجات مدن وقرى الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة، إضافة إلى مسيرات قرب الشريط الحدودي شرقي وجنوبي قطاع غزة. وقتل ثلاثة إسرائيليين وأصيب نحو عشرين آخرين في سلسلة هجمات بالقدسالمحتلة صباح الثلاثاء 13 أكتوبر ، في حين استشهد فلسطيني من منفذي هذه الهجمات وأصيب آخر بجراح خطيرة. فقد شن مسلحان فلسطينيان -أحدهما بسكين والآخر بمسدس- هجوما داخل حافلة في ضاحية المندوب السامي المجاورة لحي المكبر بالقدس، مما أسفر عن استشهاد أحدهما وإصابة الآخر بجراح خطيرة، بينما قتل اثنان من ركاب الحافلة وأصيب 15 آخرون بجراح وصفت بعضها بالخطيرة. وفي عملية أخرى, قتل إسرائيلي وأصيب أربعة آخرون بجراح مختلفة في ضاحية للمتدينين اليهود بالقدسالغربية، في حادثة دهس تحولت إلى هجوم وطعن. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا قالوا إنها للحظة إطلاق شرطة الاحتلال الإسرائيلي النار على الشهيد علاء أبو جمل منفذ عملية الدهس. وفي مدينة رعنانا شمال تل أبيب، نفذ شاب فلسطيني عملية طعَن فيها إسرائيليا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الشرطة الإسرائيلية قولها إن المارة حاصروا الشاب الفلسطيني (22 عاما) وأشبعوه ضربا، قبل أن تنقله الشرطة إلى المستشفى لإصابته بجروح خطيرة. وحسب "الجزيرة", باركت حركة حماس هذه العمليات ووصفتها "بالبطولية". وأكد الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري في تصريح صحفي، أن العمليات المستمرة في القدس والضفة "رسالة لكل من تسول له نفسه المساس بالمسجد الأقصى المبارك". وتأتي هذه العمليات بالقدسالمحتلة في سياق عمليات مقاومة ينفذها فلسطينيون عقب قيام سلطات الاحتلال بالعديد من الاقتحامات للمسجد الأقصى، والاعتداء على المواطنين الفلسطينيين في القدس. ومن جهة أخرى، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اجتماع أمني وزاري مصغر للمصادقة على إجراءات أمنية جديدة في القدس، عقب تصاعد عمليات الطعن بالسكاكين ضد الإسرائيليين. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن وزير الأمن العام يدرس إن كان سيجري عزل الأحياء الفلسطينية في القدسالشرقية -التي خرج منها كثير من منفذي عمليات الطعن خلال الأسبوعين المنصرمين- عن بقية أحياء المدينة.