في تعليقه على التقارير حول وجود خلافات بين مصر والسعودية فيما يتعلق بالأزمة السورية, قال وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمى إن الأمر الذي لا جدال فيه أن العلاقات بين البلدين أكبر من قضية بعينها. وخلال حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية, ونشرته في 7 أكتوبر, أضاف فهمي " أعتقد أن مصر والسعودية مهتمتان بالحفاظ على سوريا كدولة, بمعنى سوريا بمؤسساتها .. أما مسألة استخدام القوة ضد سوريا أو عدم استخدامها ، أو من يحكم سوريا ما بعد الوصول إلى حل، أو مغادرة الرئيس السوري, أو عدم مغادرته خلال المرحلة الانتقالية، فهذه أمور تكتيكية". وتابع " نحن نريد - وأعتقد، بل أثق, أننا مهتمون بهذا, وأن السعودية أيضا مهتمة بهذا - الحفاظ على سوريا كدولة وعلى المؤسسات السورية، إنما من الصعب علينا أو على السعودية، أن نعتبر كل ماحدث فى سوريا منذ بداية الأحداث في 2011 كأنه لم يكن، ونعود إلى ما كانت عليه الأوضاع في أول الأمر. أما مسألة من يرحل ومتى, فهذا كما قلت قرار سوري". وعرض فهمي ما سماه الدليل على متانة العلاقات بين القاهرة والرياض, قائلا :" الدليل على ذلك, دعمنا السريع لخطوات السعودية في قضية اليمن، وبصرف النظر عن أن الموضوع السوري موجود منذ سنوات، ونحن متفقون فيه على بعض الأجزاء, ومختلفون ببعض الأجزاء. لكن هذا لم يجعلنا نتردد إطلاقا في دعم السعودية في اليمن، ولم يجعل السعودية تتردد اطلاقا فى دعم مصر بشكل قوي، في أزمات متعددة". وبالنسبة للتدخل العسكري الروسي في سوريا, قال فهمي :"إن هذا التدخل يرتبط بوجود فراغ أمريكي, وفشل أمريكا في التعامل مع الملف السوري, بالإضافة إلى الانشغال بالاستعدادات للانتخابات الرئاسية الامريكية المقبلة في 2016 ". واستطرد " دخل الروس لملء هذا الفراغ, ودخلوا لوجود خشية روسية من التطرف والإرهاب, لم يدخلوا دعما لإيران، وإن كانت إيران قد تستفيد من هذا, في اعتقادي, أن التدخل الروسي هو تمهيد لمرحلة تفاوض". وفيما يتعلق بوضع الرئيس السوري بشار الأسد, قال فهمي :"أهم شيء مطلوب الحفاظ على سوريا ككيان ودولة, بما في ذلك المؤسسات السورية, أما من يكون الرئيس السورى, فهذه ليست القضية, نحن نتحدث عن القضية السورية, والشعب السوري هو الذي يجب أن يقرر من يكون رئيسه المقبل, لكن يجب ألا ننسى سبب المشكلة في الأساس ، وألا ننسى أيضا الواقع السياسي على الأرض". وكان موقع "فايس نيوز" البريطاني قال إن ما سماه دعم مصر التدخل العسكري الروسي في سوريا, ليس مستغربا, خاصة أن العلاقات بين البلدين شهدت تقاربا ملحوظا, منذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي. وأضاف الموقع في تقرير له في 6 أكتوبر أن روسيا تسعى لاستعادة نفوذها في الشرق الأوسط, فيما ترحب مصر بالتقارب معها, نظرا لما تواجهه من انتقادات غربية لما سماها حملتها "القمعية" ضد المعارضين, حسب تعبيره . وتابع " الغرب فرض عقوبات على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية, كما انتقد سياسات النظام المصري، ولذا تلاقت مصالح موسكووالقاهرة في الابتعاد عن الغرب". واستطرد " موسكو لا تنتقد القمع في مصر, مثلما يفعل الغرب, ولذا ليس مستغربا أن تدعم مصر التدخل العسكري الروسي في سوريا", على حد قوله. ونقل الموقع عن نيكولاي كوزانوف الباحث بمركز دراسات "تشاتام هاوس" البريطاني، قوله: "مصر تدعم روسيا فيما يتعلق بسوريا, لأنها حريصة على عدم استعدائها, وترغب في أن تكون حليفا رئيسا لها بالشرق الأوسط". وكان الأكاديمي اللبناني فواز جرجس, أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز الشرق الأوسط في جامعة لندن, أبدى عدم استغرابه من تباين مواقف الدول العربية فيما يتعلق بالتدخل العسكري الروسي في سوريا, حيث رفضت السعودية وقطر هذا التدخل, فيما أيدته مصر والعراق, على حد قوله. وقال جرجس في تصريحات ل"الجزيرة" في 5 أكتوبر إن المواقف العربية منذ بداية الأزمة السورية, شهدت خلافات جذرية ظهرت جليا في الجامعة العربية، فكان هناك محور السعودية وقطر, الذي يحمَّل نظام بشار الأسد الكارثة, التي حصلت في سوريا, ويعتبر رحيله المخرج الوحيد للأزمة، والمحور الثاني المضاد, الذي يضم الجزائر والعراق ومصر, والذي كان منحازا لنظام الأسد, وإن كان على استحياء وقتها, لوجود مؤشرات حول قرب سقوط الأسد, حسب تعبيره. وتابع " التدخل الروسي في سوريا جعل المواقف العربية واضحة، وأصبحت مصر تقود المحور الثاني، وترى أن السيادة تتمثل في الدولة السورية والجيش، مع خوف من المعارضة السورية, خاصة الإسلامية منها". وأشار جرجس إلى أن هدف التدخل الروسي واضح للغاية، وهو مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد على البقاء في السلطة، ومساعدة الجيش النظامي السوري في ثلاث محافظات, هي حمص وإدلب وحماة, أحرزت المعارضة فيها إنجازات كبيرة خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن روسيا لا تميز بين كتائب المعارضة السورية المختلفة, وتعتبرها جميعا إرهابية. وبالنسبة لفكرة وجود تفاهم أمريكي روسي على الضربات الروسية، استبعد جرجس هذا الأمر, ولكنه قال إن هناك مخاوف أمريكية روسية مشتركة من أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى انهيار الدولة السورية، أو أن تغير المعارضة الإسلامية وجه المشرق العربي.