كانت عروض فرقة برشلونة للفنون على مسرح العاصمة اليابانية طوكيو شديدة المتعة، تروى النفس، وتغسل الهم.. فقد لعب الفريق الكاتالونى مباراتين أمام السد القطرى وسانتوس البرازيلى ولم ينجح لاعبو الفريقين المنافسين فى رؤية الكرة. كان لاعبو السد وسانتوس يدركون أنهم يلعبون ويجرون ويلهثون خلف شىء يجرى، لكنهم لا يجدون الكرة، ففريق برشلونة يلعب بصبر، ويتناقل الكرة كما ينقل النمل الغذاء إلى مستعمرته، بمنتهى الصبر والإصرار والترابط والدقة.. وفى نهاية هذا العرض المتكرر يأتى أحد لاعبى برشلونة من ثغرة ما، أو من ثقب ما، أو من اتجاه ما، وينفرد ويسجل أو ينفرد ولا يسجل.. أتابع دائما رد فعل المنافس الذى يواجه برشلونة فأجد الاعتراف والتقدير بروح رياضية وبأخلاق نسيناها، ومن ذلك أن يقول موريسى راميلو مدرب سانتوس المنافس والخصم بعد النهائى: «يجب أن نتمتع بالتواضع.. نحن خسرنا أمام افضل فريق فى العالم، ولا يجب أن نشعر بالخجل نتيجة هذه الهزيمة، لقد واجه برشلونة الكثير من الفرق ولا أحد بامكانه الفوز عليهم الآن».. أعلق على ذلك بتساؤل بسيط: أين هنا مثل هذا الاعتراف بالآخر وبتفوق الآخر.. أين هنا تلك الروح وتلك الأخلاق؟ دون شك يعد برشلونة هو فريق العقد الأول من القرن الحادى والعشرين ببطولاته وبأسلوب لعبه المميز حيث تهزم التمريرة قوة الخصم وسرعته واندفاعه وفرديته وضغطه.. وفى تحليل كتبه تيرى فينابلز فى صحيفة الإندبندنت البريطانية، وهو مدرب إنجلترا الأسبق، وصاحب طريقة شجرة الكريسماس 4/3/2/1.. وسبق له تدريب برشلونة فى منتصف الثمانينيات، حيث يقول عن الفارق بين أكبر فريقين فى إسبانيا والعالم ريال مدريد وبرشلونة أن النادى الملكى ينفق أموالا طائلة كى يفوز ببطولات، وحين يخسر مباراة أو لقب ينفق 25 مليون جنيه إسترلينى لشراء نجم من نجوم الساحة العمالقة أو لشراء مدربا كبيرا، بينما يعتمد برشلونة على التعليم، وينفق على المدربين الذين يحسنون تعليم وتدريب الصغار فى مدرسة الناشئين التى تمده بالمواهب والأجيال، فلا يتعرض الفريق الأول إلى كبوات كبيرة أو انهيارات تستمر لسنوات.. هذا جزء من تحليل تيرى فينابلز للفارق بين أكبر ناديين فى إسبانيا، وأعتقد أن الإسماعيلى يمارس نفحة من نفس الفلسفة تقريبا التى يتبعها برشلونة (كلمة نفحة أحمى بها نفسى من القراء النقاد الذين سيقولون هل تقارن الإسماعيلى ببرشلونة ؟).. وهناك بعض الأندية المصرية الأخرى التى قررت الاعتماد على ناشئيها، بعد أن طارت أموالها وهى تطارد دخان الاحتراف، وتلوك مقولة موروثة بشأن شراء اللاعب الجاهز لأنه الاحتراف.. لعل الرسالة تصل إلى أكبر فريقين فى مصر.. الأهلى والزمالك الذين يشترون لاعبين لا يلعبون؟