أفادت تقارير عن اتجاه الحكومة البريطانية لفتح التحقيقات مجددًا، حول نشاط جماعة "الإخوان المسلمين" داخل الأراضي البريطانية، بعد أن كانت قد انتهت في وقت سابق إلى "سلمية نشاط وفلسفة الجماعة"، وفق تسريبات نشرتها صحف بريطانية، في الوقت الذي أبدت فيه الجماعة ترحيبها بإجراء تحقيق حول نشاطها. وكان مقررًا الإعلان عن نتائج التقرير منذ فترة طويلة بعد أن سلمه المشرف عن التحقيق في الملف السير جون جنكينز للحكومة؛ لخلافات داخل الحكومة البريطانية إزاء محتواه الذي طالب جناح بتشديده، بينما طالب جناح آخر بعدم المس بما توصل إليه من عدم وجود صلة للإخوان بالإرهاب. وأمر كاميرون بإجراء تحقيق عاجل حول جماعة الإخوان ونشاطها في بريطانيا، بسبب المخاوف من قيامها بأنشطة إرهابية، فضلاً عن التحقيق في فلسفة وأنشطة هذه الجماعة، وكيف ينبغي أن تكون سياسة الحكومة البريطانية تجاهها. وفيما ترأس لجنة التحقيق، السفير البريطاني لدى السعودية، شارك في عضويتها السير، جون سوريز، مدير جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية (إم آي-6) والذي عمل سفيراً في القاهرة من عام 2001 حتى 2003. والتقى جنكينز، خلال التحقيقات التي أجراها مع عدد من رموز الإخوان في عدد من البلدان العربية، مثل زعيم حركة النهضة في تونس، راشد الغنوشي، المراقب العام للجماعة في الأردن، همام بن سعيد، وقيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي، إضافة إلى محمود حسين، الأمين العام الجماعة في مصر، وأمين سر مكتب الإرشاد الدولي للإخوان، إبراهيم منير. ودارت نقاشات بشأن موقف الجماعة من عدد من القضايا، منها نظرتها للمرأة والأقباط والأجانب، إضافة إلى المناهج التربوية التي يتداولها أعضاء الإخوان في البلدان المختلفة. إلى ذلك، استبعد الدكتور محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية للإخوان، إعادة السلطات البريطانية التحقيق في نشاط الجماعة على أراضيها مجددًا. وقال سودان -المقيم في بريطانيا- فى تصريحات إلى "المصريون": "لم نبلغ بأي شيء أو مستجدات فى هذا الشأن، ونحن فى انتظار أي إجراء؛ لكن على قدر علمي أنه لم يصل إلى أي من الشخصيات الإخوانية فى بريطانيا أي إجراء من الحكومة حول الإخوان، على الأقل حتى الآن، ولا تنسى أن التقرير صادر فى إبريل 2014". واعتبر الدكتور عز الدين الكومى، القيادي الإخواني، الحديث عن إعادة حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فتح ملف "نشاط الإخوان"، مجرد "تكهنات لايوجد ما يؤكدها رسميًا". وقال الكومي: "التحقيق خلص إلى عدم إدانة الإخوان فى أي من الأمور التي تناولها التحقيق"، مبديًا تحديه للحكومة البريطانية فى أن تظهر نتائجه، موضحًا أن "محامى الجماعة طالبوا بإظهار التحقيق والذي تم إرجاؤه أكثر من مرة". ورأى الكومى أن من يقف وراء ما أسماها ب"التكهنات"، هم "الذين فبركوا أخبارًا منقولة من جرائد صفراء تفيد بأن ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز أمر بإغلاق 1200 شركة تابعة للإخوان فى المملكة على غير الحقيقة"، معتبرًا إعادة فتح التحقيقات "مجرد أمنيات وأحلام مزعجة يراها بعض إعلاميي مسيلمة الكذاب تأتيه بين الحين والآخر". وبشأن توقيت الحديث عما أسماها ب"التكهنات"، أوضح "الكومي" أن "الهجمة الإعلامية الشرسة لم تتوقف يومًا ضد جماعة الإخوان المسلمين، لا أثناء وجودهم خارج السلطة ولا داخل السلطة". وكان القيادي الإخواني "يحيى حامد" قال فى تصريحات إلى هيئة الإذاعة البريطانية إن "جماعة الإخوان ستقاضى الحكومة إذا أساءت لسمعتها، أو ساقت اتهامات ضدها فى التقرير". وفى مارس الماضي، وللمرة الخامسة، أرجأ رئيس الوزراء البريطاني، نشر نتائج التقرير بشأن مراجعة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين فى بريطانيا، على الرغم من انتهاء اللجنة التي أوكلت لها الحكومة البريطانية التحقيق فى الأمر من إعداد تقريرها منذ أواخر العام الماضي. ولم يحدد كاميرون موعدًا دقيقًا لتلك الخطوة، وفى نص بيان لمجلس العموم، فى ذلك التوقيت، قال كاميرون: "أريد أن أحيط البرلمان بآخر التطورات وهى أن تقرير النتائج الرئيسية بخصوص مراجعة موقف الإخوان المسلمين، سيتم نشره جنبًا إلى جنب مع نشر الإستراتيجية الجديدة للحكومة لمكافحة التطرف". وعن أسباب تأخر نشر التقرير والتأجيل المستمر، أرجع كاميرون ذلك إلى نقطتين هما "المسائل المتعلقة بسياسات أوسع وإستراتيجية أوسع"، قائلاً: "نعتبر أن المسائل المتعلقة بسياسات أوسع تنشأ من المراجعة والإستراتيجية الأوسع، ومن الواضح أنه سوف يكون هناك حاجة فيما بعد للقيام بتدابير أكثر شمولاً فى البرلمان المقبل، لمواجهة تهديد التطرف على الولاياتالمتحدة، ودعم المجتمعات المحلية لتحدى أولئك الذين يعارضون القيم البريطانية". وكانت تسريبات حكومية أكدت أن نتائج التقرير ستتضمن تبرئة الإخوان من أي اتهامات لهم بالضلوع فى أعمال إرهابية، وأن التحقيق الذي قاده السير جون جينكينز، السفير البريطاني السابق بالسعودية انتهى إلى التوصية بعدم حظر الجماعة فى المملكة المتحدة أو إدراجها على قوائم الإرهاب. ويشير محللون إلى أن لندن، ارتأت تأجيل إعلان تقريرها الرسمي، مكتفية بالتسريب كي لا تدخل فى صراعات مع الإمارات التى كانت تنتظر إدانة الإخوان، ولعدم إفساد مشاريع معها.