وضع عدد من الخبراء وممثلى القوى السياسية قائمة كبيرة بالحلول والمخارج الفورية لمصر من مرحلة التشرذم والتفتت إلى مرحلة الاستقرار، وتمثلت اقتراحاتهم فى معالجة الانفلات الكبير فى الناحية الأمنية والسياسية، وإعادة الثقة المفقودة بين الشارع والثوار من ناحية وبين الحكومة والمجلس العسكرى من ناحية أخرى، بالإضافة إلى توضيح الصورة الضبابية المحيطة بمستقبل مصر فى الفترة المقبلة خاصة فى ظل الشد والجذب بين المجلس العسكرى والمتظاهرين والمصحوبة مراحله باستياء الأغلبية الصامته التى لا يهمها كثيرا الاستقطابات التى تقوم بها القوى والحركات بقدر ما يشغلها البحث عن الاستقرار والخروج من الأزمة. "المصريون" حاولت البحث عن أسباب الأزمة وحلولها مع عدد من الخبراء السياسيين والأمنيين وممثلى بعض القوى الثورية فى السطور التالية. بداية يؤكد الدكتور عمار على حسن, الخبير السياسى, أن الأحداث الأخيرة التى وقعت مؤخرًا تأتى كحلقة من حلقات مسلسل الفوضى الذى تشهده مصر على ما يقرب من عام وبالتحديد بعد الثورة، لأن هناك من لا يحب أن تصل البلاد إلى مرحلة الاستقرار، ومن مصلحتها استمرار الفوضى. وأشار الى أهمية وحدة الصف فى هذه المرحلة، لأن الانتخابات ومعركة الصناديق شتت المصريين إلى فرق, فهذا إخوانى، وآخر سلفى، وآخر ليبرالى، وشهدنا توزيع الغنائم فى وقت سابق لأوانه لأن الاستقرار لم يتحقق بعد. وطالب بالسعى وراء الهدف الأسمى، وهو تحقيق مطالب الثورة، وسرعة تسلم السلطة إلى حكم مدنى منتخب، بالإضافة إلى تحقيق شامل حول الأحداث تكون نتائجه عاجلة، وسرعة النزول إلى الشارع ومعرفة مطالب التحرير من تحقيق المحاكمات التى أوقفت دون وجه حق، مشيرًًا إلى وجود من يقف أمام الديمقراطية، ولايريد أن تشهد مصر أية خطوة منها إلا بعد سقوط العديد من الشهداء. ومن الجانب الحكومى أكد الدكتور جودة عبد الخالق, وزير التضامن الاجتماعى, أن الحكومة تسعى لتحقيق الاستقرار الأمنى وإعادة الأمن إلى الشارع ولا بد أن تنجح فى ذلك، مشيرًا إلى وجوب النجاح أيضا فى تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع طوائف الشعب، وخاصة الاهتمام بمصابى الثورة وأهالى الشهداء وكل المتضررين من أحداث العنف. وأشار إلى حتمية تحقيق العدل بمحاسبة كل الفاسدين والمسئولين عن قضايا الفساد وعن الخلل الأمنى فى مصر، مشدداً فى الوقت نفسه على أن يبدى المتظاهرون مرونة فى التعامل مع المطالب الخاصة بهم، ومعرفة المتاح تحقيقه وإعطاء فرصة لتحقيق الباقى مع عدم المساس بالمؤسسات العامة. وقال الخبير الاقتصادى الدكتور حمدى عبد العظيم، الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية, إن الخروج من هذه الأزمه يتطلب تحقيق الاستقرار الأمنى فى التحرير ومجلس الوزراء، ووقف الاعتصامات والاضرابات والتظاهرات والتراشق بين الأمن والمتظاهرين فى مصر ولو لفترة صغيرة من الوقت، حتى تستطيع الحكومة تدارك الموقف ومن ثم تحقيق مطالبهم وإنقاذ الاقتصاد المصرى المتدهور. واقترح أن يختار المتظاهرون والمعتصمون ممثلين رسميين من بينهم للتفاوض مع الحكومة والمجلس العسكرى، حتى لا يكون هناك تضارب فى التصريحات والمطالبات، وحتى يتم تحديد صاحب المطالب الحقيقية من المشيع للفوضى، وأن تكون المطالب ثابتة وواضحة لهم، وأن يستجيب العسكرى لأغلبها ويعد بتحقيق الباقى بجدول زمنى بالتفصيل. وأشار إلى ضرورة إتمام الانتخابات فى موعدها، وأن يتنحى المجلس العسكرى بعد الانتخابات، أو عن طريق استفتاء شعبى وتسيير الحكومة للفترة المؤقتة لحين انتخاب الرئيس، مؤكدًا فى الوقت نفسه إلى أهمية أن تقوم الحكومة بإجراءات للاصلاحات الاقتصادية العاجلة، وتوفير آلاف الوظائف والاستثمارات داخل مصر عن طريق عقد مشاركات عاجلة مع القطاع الخاص للخروج من الأزمة، ولاكتساب ثقة الشعب فيها عن طريق السيطرة على الأسعار، وإغاثة المتعثرين ماديًا من الشعب عن طريق إعطاء قروض طويلة الأجل، وتعويض المصابين وأهالى الشهداء. ونسب الخبير الأمنى العميد صفوت الزيات تعقد الأزمة إلى المجلس العسكرى قبل المتظاهرين، مشيرًا إلى أن الرهان فى الوقت الحالى للخروج من الأزمة هو تهدئة الأوضاع الأمنية، ووقف حمام الدم للفراغ من المرحلة الثالثة من الانتخابات، وتشكيل مجلس الشعب الذى يجب أن يشكل حكومة تستحوذ على ثقة الشعب ويكون لها كامل الصلاحيات التى تدير الفترة المقبلة حتى انتخاب الرئيس فى الموعد المحدد فى الثلاثين من يوليو لبناء مؤسسات الدولة. وأكد أهمية الاهتمام بتشكيل مجلس الشعب القادم فى مواعيده المحددة، لأنه سيصبح المؤسسة الوحيدة التى اختارها الشعب فى هذه المرحلة والقادرة على قيادة المرحلة المقبلة فى تعاون مع الشعب وباكتساب ثقته. وشدد على ضرورة أن يغيب المجلس العسكرى عن المشهد إلى حد كبير فى الفترة المقبلة، وألا يتعامل مع الوضع فى مصر بصورة مباشرة، أو يصدر أى قرارات خاصة بهذه المرحلة وأن يحيل معظم صلاحياته المرتبطة بالمتظاهرين وبالشئون السياسية والداخلية إلى الحكومة، وأن يتفرغ لإدارة الشؤون الداخلية للقوات المسلحة والسياسات العامة واستقبال الرموز العامة من الدول المختلفة، والاهتمام بترقيع الكوارث التى أحلت بالقوات المسلحة واهتزاز صورتها لدى الشعب ولدى القوى السياسية. ونوه إلى أن القضاء و منظمات حقوق الإنسان يجب أن يعملا على تحديد المسئولية المباشرة لكل من ساهم فى هذه الأزمة الأمنية والسياسية فى مصر، حتى تعيد الصورة الصحيحة للقوات المسلحة والتى أفسدها المجلس العسكرى. وتعجب الدكتور بهى الدين حسن, مدير مركزالقاهرة لدراسات حقوق الإنسان, المجلس عن ظهور هذا الحادث أثناء الانتخابات أو فى المليونات، مؤكداً أن هذه العمليات مدبرة ضد استقرار البلاد، ومحاولة لقتل الثورة من خلال عدم تنفيذ المطالب الأساسية و عدم البت فى محاكمات النظام السابق، وتسلم السلطة إلى حكم مدنى. وانتقد الدكتور نبيل عبد الفتاح, عدم تأمين المجلس العسكرى للمنشآت الحيوية ومجلسى الشعب والشورى، والسماح لأفراد مجهولة بتسلق المبانى، منبهاً إلى سرعة إجراء نقل السلطة عن طريق تكملة انتخابات مجلس الشعب، ثم إجراء انتخابات رئاسية لتسلم السلطة. ووصف الأحداث الأخيرة بأنها محاولات لهدم ما بنته الديمقراطية على مر الشهور من قيام مرحلتين من الانتخابات، ومحاولة لتمديد الفترة الانتقالية إلى أطول فترة ممكنة، ومحاولة لإجهاض الثورة المصرية وإقحام البلاد فى حرب أهلية وشوارع وسقوط العديد من الشهداء. ومن جانبه حذر اللواء سامح سيف الليزل, الخبير الإستراتيجى, من خطورة الأوضاع وما يمكن أن تؤول إليه الأحداث، مضيفًا أن هناك قوى خارجية تريد أن تستغل هذه الأحداث لمصالحها، مطالباً المجلس العسكرى بإنهاء الفترة الانتقالية فى أسرع وقت، وعودة الجيش لأماكنه حتى لايستغل أحد الأوضاع. وهدد محمد العجيلى، عضو بكتلة شباب بور سعيد، بعدم ترك الميدان حتى يتم تحقيق جميع المطالب من محاكمة الفاسدين والحصول على حقوق الشهداء، معرباً عن أسفه من منعهم من تحقيق أحد هذه المطالب، وتعرضهم للضرب بالحجارة والعصا والسحل والرصاص الحى أيضاً على يد الجيش. وقال ل"المصريون" فى اتصال هاتفى :"لن نترك حق من ضحوا بأرواحهم لكى تحرر مصر من أيدى الطغاة". وكشف عن قيامهم بإعداد خطة للسير عليها خلال الفترة القادمة، إذا لم يتم الموافقة على مطالبهم، وأنهم على ثقة من أنها سوف تنفذ، وأن أبسط شىء سيقومون به هو الاعتصام فى جميع شوارع القاهرة ومحافاظات مصر بأكملها؛ فيما رفض ذكر باقى التفاصيل بداعى أن هاتفه تحت المراقبة. وتعجب أحمد رفعت، عضو حركة شباب 6 إبريل، من الأحداث الغير متوقعة وفقدان الحركة لبعض أعضائها برصاص الجيش، خاصة وأنه يوجد أحد أعضاء الحركة بين الحياة والموت بعد إصابته برصاصة حية بالمعدة، وتم استئصال جزء من المعدة، واصفاً الأوضاع بأنها لم تمكنهم من التفكير الآن، وأنهم سيجتمعون لتحديد ما يجب فعله خلال القترة القادمة، خاصة بعدما وصلت إليهم رسائل بالتهديد بالاعتقال من أرقام "خاصة".