يطلق هنا –فى مصر –عن مصطلح "سعر صرف الدولار " على عدد وحدات النقد المحلية (الجنيه المصري )التي يساويها الدولار الأمريكي الواحد فى السوق المصرية، كان يقال مثلا أن سعر الصرف الحالي للدولار تقدر بنحو سبعة جنيهات وثمانية وثمانون قرشا للدولار الواحد. ووقتما يتحرك سعر الصرف بالارتفاع كأن يصل –جدلا-ثمانية جنيهات فان ذلك يعنى ارتفاع قيمة الدولار بالنسبة للجنيه بما يعنى انخفاض فى قيمة الجنيه.ومن المعلوم أن ارتفاع قيمة الدولار المستمرة تؤثر بشده على ما يسمى مجموعة" المؤشرات الاقتصادية الكلية"التي من أمثلتها مؤشر معدلات التضخم ومؤشر البطالة وميزان المدفوعات بمشتملاته وأهمها الميزان التجاري....وغيرها؛ ولقد بدا تراجع الجنيه أمام الدولار منذ أمد بعيد، يرجع إلى خمسينيات القرن المنصرم وما تلاها من عقود، وباستخدام أدوات التحليل الفني لدراسة المستويات السعرية للجنيه سنجد أن الجنيه يعانى من فترات هبوط مستمر فى قيمته أمام الدولار يعقبها فترات ترقب يليها مستويات سعريه اشد هبوطا. وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار قد تدهور لمستوى 7, 6 جنيها فى بداية العام الحالي(2015 ) مسجلا تراجعا خلال الستة اشهر السابقة لعام 2015 وفاقدا نحو 14,5% من قيمته وتأسيسا على ذلك فان وصول سعر الصرف حاليا إلى 7,88 جنيه يعنى فقد الجنيه ل 15% من قيمته. ومن المعلوم أن الاستمرار فى ارتفاع سعر الصرف الذي يعنى استمرار انخفاض قيمة الجنيه يزيد من تفاقم معدل التبادل الدولي حيث ستنخفض قيمة الصادرات الوطنية(المصرية) على فرض ثبات كمياتها ونوعياتها، وسترتفع فاتورة الواردات على فرض ثبات كمياتها ونوعياتها.... وهذا من شأنه تفاقم العجز فى الميزان التجاري وتزايد الفجوة بين قيمه الواردات وقيمة الصادرات مما يزيد الضغط على الدين العام الخارجي نتيجة تزايد الأعباء وجمود الإيرادات من العملات الحرة.وتلجا الدول إلى تخفيض عملتها مختارة أو مجبره، ففي الحالة الأولى يكون المثال الأبرز هو الصين عندما احتفظت بسعر صرف منخفض لليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي حتى تصبح المنتجات الصينية منخفضة السعر مقارنتا بنظيراتها الأوربية والأمريكية مما ساهم فى غزو المنتجات الصينية كافة دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء.وفى الحالة الأولى يكون المثال الأبرز هو مصر التي طفقت تخفض من قيمه عملتها مجبره على سبيل محاولتها إحداث توازن فى ميزانها التجاري الذي يعانى من عجز دائم، وتشير البيانات الرسمية إلى أن عجز الميزان التجاري فى لعام المالى2009/2010 كان25,1مليار دولار ارتفع فى العام التالي له (2010/2011 )الى27,1ثم العام التالي للأخير(2011/2012) الى34,1ثم العام التالي للأخير(2012/2013 )إلى 30,7ثم العام التالي للأخير( 2013/ 2014 )إلى 33,7مليار دولار.وما من شك أن نجاح مصر على إحداث توازن فى الميزان التجاري يعتمد بالدرجة الأولى على تطوير وزيادة الإنتاج أي تصنيع منتجات بكميات كبيرة وبكفاءة عالية بحيث يفي متطلبات السوق المحلى ويفيض، بما يعنى أن إحداث كفاية للسوق المحلى سيؤدى إلى تخفيض كبير فى الواردات فى ذات الوقت فإذا فاض الإنتاج الجيد سيقود إلى زيادة الصادرات للعالم الخارجي...وهذا الافتراض حاليا بعيد المنال حيث أن الإنتاج الحالي يتسم بالجمود فيما الاستهلاك المحلى يتزايد بمعدلات عالية نتيجة تزايد السكان وزيادة الفاقد وتخلف وسائل الإنتاج ووجود مشاكل رئيسيه فى زيادة إنتاج الطاقة سواء طاقه المنتجات البترولية أو الكهرباء المولدة وتعطل إنشاء المفاعلات النووية. سعر الصرف العادل سعر الصرف المثالي أو العادل بين الجنيه والدولار، هو ذلك السعر الذي يعكس القدرة الشرائية للجنيه داخل أوطانه(مصر) مقارنتا بالقدرة الشرائية للدولار فى أوطانه (أمريكا)، وبالرجوع إلى بيانات البنك الدولي فى تقريره عن مؤشرات التنمية فى العالم لعام 2014(ص 13) سنجد أن قيمة الناتج القومي الاجمالى لمصر لعام 2012 مقوما بالدولار الامريكى وفقا لسعر الصرف السائد وقتها (6,5جنيه لكل دولار)بلغت 240,3مليار دولار بينما بلغت وفقا لمؤشر تعادل القوة الشرائية نحو 520,7 مليار دولار ، وهذا يعنى أن سعر تعادل القوه الشرائية بين الجنيه والدولار هو : دولار واحد =3 جنيهات مصريه....فإذا كان سعر الصرف وقتها كان: دولار واحد =6,5 جنيهات مصريه فبذلك يكون الجنيه مقوم بأقل من قيمته بنسبة53% من قيمته الحقيقية التضخم هو النتيجة الحتمية لاشك أن النتيجة الوحيدة والاكيده للاستمرار فى تدهور قيمه الجنيه وزيادة سعر الصرف هو تولد موجات من ارتفاع الأسعار لكل السلع المستوردة سواء الاستهلاكية أو الرأسمالية أو الوسيطة ومن ثم زيادات مستمرة فى المنتجات المحلية ذات المكون المستورد مما سيزيد التضخم الذي سيلهب ظهور الفقراء ومواطني الطبقة الوسطي ولن تتوقف الخسائر والأعباء عند هذا الحد بل سوف تطال المستثمرين من رجال الأعمال الذين حصلوا على قروض لتمويل استيراد الآلات والمعدات الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج من السلع الوسيطة حيث سوف ترتفع قيمة القروض مقومه بالجنيه المصري مما سينذر –بالضرورة –إلى تزايد حالات تعثر رجال الأعمال فى سداد قروض البنوك، وكم هو معلوم فان أموال الجهاز المصرف بكاملها ماهى إلا أموال المواطنين المودعين. صادرات من تجارة الخدمات ما من شك أن مصر أمامها دور كبير فى الحفاظ على توازن اقتصادها عن طريق زيادة حجم الصادرات من تجارة الخدمات كالسياحة وقناة السويس بالإضافة إلى تحويلات العاملين بالخارج. ففي مجال السياحة فان البيانات الرسمية تؤكد أن إيرادات مصر منها بلغت 5,1 مليار دولار عام2013/2014 مقارنه ب 9.4 مليار دولار عام2011/2012 ونحو 10,6مليار دولار عام 2010/2011 ونحو 11.6 مليار دولار عام 2009/2010 . وجدير بالذكر أن مدفوعات السياحة المصرية فى الخارج كانت3.1 مليار دولار عن عام2013/ 2014 ومن ثم يصبح صافى العائد عن ذلك العام هو : 5.1 - 3.1 = 2مليار دولار فقط. بالنسبة لقناة السويس فان استكمال وتشغيل التفريعة الجديدة سيؤدى بكل تأكيد إلى زيادة الموارد عن طريق السرعة الكبيرة فى حركة المرور وفى زيادة كميات البضائع المارة نتيجة تعميق الحفر وزيادة الغاطس وزيادة دخل رسم المرور مما يؤدى للزيادة التدريجية فى إيراداتها التي وصلت هذا العام إلى 5,1مليار دولار ومتوقع تضاعفها خلال خمس سنوات وفق توقعات حركة التجارة العالمية.