أدت الزيادات المتتالية لرواتب الجهاز القضائي في الدولة إلى خلق حالة من عدم الرضا الشعبي بسبب تدني المستويات المادية لغالبية طبقات الشعب عدا طبقة القضاة ووكلاء النيابة، الذين يتقاضون بدلات في مناسبات متعددة تتعدى الرواتب الشهرية لغالبية الموظفين في مؤسسات الدولة المختلفة. وعلى ما يبدو فقد لفت الكلام المتزايد عن أموال القضاة خلال الفترة الأخيرة الأنظار إليهم وجعلهم مستهدفين من قبل مسلحين قاموا بالسطو على مرتبات القضاة ورؤساء النيابة بمحكمة جنوبالجيزة، وسرقة 460ألف جنيه ولاذوا بالفرار. وكشفت تحريات المباحث الجنائية، أن موظفي المحكمة توجهوا أمس إلى مقر البنك الأهلي بالحي الحادي عشر، دائرة قسم شرطة أكتوبر ثان، لصرف مرتبات القضاة ورؤساء ووكلاء نيابات جنوبالجيزة، وفوجئوا بسيارة ماركة "جيب شيروكي"، تقطع عليهم الطريق بعد مغادرتهم البنك، وترجل منها 4 ملثمين، وأشهروا في وجوههم أسلحة نارية، واستولوا على المبلغ ولاذوا بالفرار. وقال الموظفون إنهم بعد دقائق من مغادرتهم البنك وبعد صرف المرتبات، الخاصة بمحكمة جنوبالجيزة، فوجئوا بسيارة "جيب" تقطع عليهم الطريق، وأن ملثمين ترجلوا من السيارة حاملين أسلحة آلية، وهددوهم بإطلاق النيران عليهم حال أي محاولة للهرب، واستولوا على الأموال التي بحوزتهم. وأوضح المستشار محمد عطية، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن عملية السطو المسلح على مرتبات القضاة بمحكمة جنوبالجيزة هي الأولى من نوعها، مؤكدًا أن القضاة مستهدفون من قبل جماعات متطرفة. وأضاف عطية ل"المصريون" أن عملية السطو المسلح على الموظفين بمحكمة جنوبالجيزة الابتدائية، لا علاقة لها بالزيادات التي أقرها مجلس القضاء الأعلى في مرتبات القضاة وصرف مكافآت لهم، مشيرًا إلى أن هذه العملية الإجرامية لا تمت للمكافآت التي تصرف للقضاة بصلة. وأوضح أن "زيادة مرتبات القضاة أمر طبيعي، هذا بالمقارنة بمرتبات موظفي البنوك وشركات الاتصالات التي يصل فيها مرتب الشباب من 30 إلى 40 ألف جنيه وشركات أخرى"، لافتًا إلى أن القاضي في إنجلترا مرتبه مفتوح ويتقاضى ما يريده، لذلك الزيادة في مرتبات القضاة أمر طبيعي، مؤكدًا ضرورة أن يعيش القاضي عيشة كريمة. وأشار إلى أن هذه الزيادة التي وصلت ل 3000 جنيه ومكافأة 5000 هزيلة جدًا نتيجة للارتفاع الشديد للأسعار، لذلك يجب أن تكون مرتبات القضاة تلبي احتياجاته الأساسية في المجتمع دون عناء ومشقة، وإذا تم سد احتياجات القاضي يكون ذلك من مصلحة المجتمع باعتبار أن القاضي هو صمام الأمان للشعب. من جانبه، يرى حمدي سطوحي، رئيس حزب العدل، أنه أصبح هناك فجوة مجتمعية بين طبقات المجتمع بسبب تجاهل الدولة أولويات المرحلة، والاتجاه إلى زيادة رواتب وبدلات بعض فئات المجتمع ومنهم القضاة بشكل كبير، في ظل وجود ركود اجتماعي واقتصادي لعدد كبير من المواطنين. وأضاف أن الدولة تفتقد إلى تطبيق الشفافية في عرض المعلومات على فئات الشعب، مما يخلق نوعًا من البغضاء والتكهنات التي قد تلقي بظلالها السيئة على المجتمع.