غليان سياسي وغضب حقوقي بعد استثناءات أبناء القضاة والضباط "أنت ابن مين في مصر؟".. سؤال يجب أن تعرف إجابته جيدًا قبل أن تفكر فى استخدام حقوقك داخل مصر المحروسة، حيث التعامل يختلف ماذا كنت ابنًا من أبناء عامة الشعب من أبناء المواطنين الغلابة، وبين ما تكون أحد أبناء السادة الكبار.
ليس حديثًا من فراغ ولكنه بناء على تصريحات ووقائع تقنعنا أننا أمام نظام لا يفقه معني مقولة "ليس الفتى من قال كان أبي ولكن الفتى من قال هأنذا"، العديد من الوقائع التي توضح مدى الازدواجية التي بات مجتمعنا يتسم بها. استثناء أبناء "البشوات" من التوزيع الجغرافي لاعتبارات قومية
خرج علينا وزير التعليم العالي، السيد عبد الخالق، بقرار استثناء أبناء الضباط والقضاة فقط من التوزيع الجغرافي ومن تسجيل رغبات تحويل تقليل الاغتراب إلكترونيًا واستبدالها بالتحويلات الورقية على أن يتم قبول الطلاب فى الجامعات التي يختارونها مباشرة حتى دون استيفاء الشروط والخاصة بالتحويل للكليات المناظرة أو غير المناظرة.
المحللون أكدوا أنه رغم حصول وزير التعليم العالي على تفويض بذلك الاستثناء، إلا أنه لم يشر إليه فى البيان الرسمي الصادر عن اجتماع المجلس المغلق، خوفًا من إثارة غضب الشعب، خاصة أن تفويض استثناءات أبناء الكبار جاء فى توقيت تطبيق التوزيع الإقليمي على أبناء الغلابة ما أدى إلى حرمانهم من القبول بكليتي الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.
الدكتور عبد الله سرور، وكيل مؤسسي نقابة علماء مصر، قال إن القرار باطل، ويؤكد القول إن الوزير والمجلس الأعلى للجامعات يعملان لتخريب الجامعات والقضاء على مبدأ تكافؤ الفرص وإهدار العدالة الاجتماعية. وأضاف سرور ل"المصريون" أن القرار مخالف للدستور لأنه يحرم المواطنين من الحصول على حقوقهم التي كفلها لهم، مشيرًا إلى أن القرار في غاية الخطورة خاصة بعدما تخطى الطلاب مرحلة التنسيق ليقوم الوزير بإلغاء مستقبل لطلاب بجرة قلم على حد قوله. وتابع أن الوزير سبق أن ارتكب مثل هذه الأفعال العام الماضي مع كلية طب أسنان دمنهور، حيث حكمت المحكمة فيها باتهام الوزير بمخالفة الدستور وطالبت بمحاسبته، موضحًا أن المجلس الأعلى للجامعات لا رأى له، وإنما يخضع لإرادة الوزير الذي يفرض ما يريد باسم المجلس، مطالبًا رئيس الجمهورية بسرعة التدخل لإنقاذ التعليم العالي، مشيرًا إلى أن الوزير بهذا القرار يهدم أركان الدولة القانونية فى مصر ويفتح الباب الخلفي لوأد العدالة الاجتماعية.
وطالب سرور بسحب الثقة من وزير التعليم العالي وإلغاء المجلس الأعلى للجامعات بسياسات وقياداته الحالية التي حوله وزير التعليم العالي إلى إدارة يتحكم فيها دون تفعيل قرارات أعضائه. وأوضح أن القرار نوع من النفاق لبعض المسئولين ومنحهم امتيازات مخالفة للقانون والدستور، ما يعد جريمة، داعيًا الطلاب فى المحافظات إلى رفع دعاوى قضائية ضد الوزير والمجلس الأعلى للجامعات ضد التمييز، فى حالة تنفيذ هذا القرار، مستدركًا: "مش كفاية تمييز فى الرواتب والبدلات، مؤكدًا أن هذا القرار سيؤدى لمزيد من السخط وعدم وجود عدالة". منع طلاب الأقاليم من الالتحاق بكليتي السياسة والاقتصاد والإعلام لم يكن قرار وزير التعليم العالي باستثناء أبناء القضاة والضباط من التحويل الإلكتروني آخر ما صدر من الحكومة لتمييز طبقة بعينها حيث صدر منذ فترة تطبيق التوزيع الإقليمي على الطلاب الراغبين في الالتحاق بكليتي الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وحصر الالتحاق بهما في طلاب القاهرة الكبرى وإقليم القناة (الإسماعيلية – السويس - بورسعيد – سيناء). المظاهرات كلمة السر التي أرجع إليها المحللون والخبراء اتخاذ ذلك القرار مشيرين إلى أن جهات أمنية تريد تخفيض أعداد الطلاب الذين يلتحقون بالمدن الجامعية، لتقليص أعداد المتظاهرين، الذين يقودون التظاهرات الطلابية ضد النظام، خاصة أن أغلب طلاب محافظات الصعيد والوجه البحري ينتمون للتيار الإسلامي، ويقودون المظاهرات الطلابية ضد النظام الحالي
من جانبه قال الدكتور يحيى القزاز، عضو هيئة تدريس بجامعة القاهرة، إن وزير التعليم العالي بهذه التصرفات وهو رجل قانون أثبت أنه لا يعرف القانون، ويرسخ أننا نعيش فى عزبة لها صاحب وليست دولة لها رئيس وبها مؤسسات.
وأضاف القزاز في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الوزير أصبح يحلق فى سموات ليس لها حدود تعيدنا إلى عصور الجاهلية وأيام العبيد، وما يفعله لا يمكن أن يتوقعه أى إنسان عاقل مشيرًا أن الوزير لم يقرأ الدستور الذي نص في مواده على المساواة بين كل فئات المجتمع والمواطنين فى الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص، مطالبًا بإقالة وزير التعليم العالي ، متسائلاً: كيف يتحكم وزير يجهل القانون بمستقبل شباب مصر بالجامعات والبحث العلمي. نحن أسياد وغيرنا عبيد "من يهاجم أبناء القضاة هم الحاقدون والكارهون ممن يتم رفض تعيينهم، وسيخيب آمالهم، وسيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة ولن تكون قوة في مصر تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها، "نحن على الوطن أسياد وغيرنا العبيد واللي هيحرق صورة قاضي هيتحرق جسده"، هكذا كان المستشار الزند وزير العدل أشهر المبارزين من أجل الاحتفاظ بأحقية أبناء القضاة في المناصب القضائية.
كما طالب الزند في ديسمبر 2009، بتعديل قانون السلطة القضائية بما يسمح بدخول الحاصلين على تقدير مقبول من أبناء القضاة في النيابة العامة، وقال فيه إن "القاضي يخدم الدولة خمسين عامًا ولا يجد مكافأة سوى تعيين نجله في القضاء فضلاً عن أنه يكون قد تربى في أسرة قضائية "البلد بلد الضباط والقضاة مش الشعب" هكذا علق محمد أبو ذكرى الناشط الحقوقي ومدير مركز المناضل على تلك التصريحات مؤكدًا أن الدولة الآن يرأسها الجيش وليس الحكومة، ما يترتب عليه أن يتم تسكين الجيش والشرطة والقضاة كل الأماكن ومراكز القوى لإعطائهم جميع الصلاحيات التي تريحهم وتريح ذويهم في الوقت الذي يتم فيه تهميش بقية الشعب الفقير. وأضاف أبو ذكرى في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن هناك تمييزًا لهؤلاء الفئات على كل المستويات مشيرًا إلى أن التمييز الواضح لأبناء القضاة والضباط والمسئولين سيعطي إحساسًا لهم أنهم هم السلطة فى كل الأوقات وسيزيد من نظرتهم الدونية للمصريين الموجودة من الأساس. فصل أبناء عمال النظافة من القضاء بعد تعيين مرسي لهم بعد فوز الرئيس المعزول محمد مرسي بالرئاسة عين عددًا من أبناء عمال النظافة في النيابة العامة من دفعة 2010 والحاصلين على تقدير جيد و2011 والحاصلين على تقدير جيد جدًا إلا أنه بعد عزله استبعدهم المجلس الأعلي للقضاء بعدما عدل المجلس من نظام اختيار الطلاب في تلك الدفعة بعد ما أثير العديد من المشاكل حولها، ورفض الرئيس عدلي منصور اعتمادها، وذلك لوجود عدد كبير من الطلاب غير المؤهلين، حيث وضع معيارين جديدين وهما: "حصول الوالدين على مؤهل تعليمي عال، ومستوى مادي جيد لأسر المتقدمين" بحسب ما صرح المستشار محمد عيد محجوب، أمين عام المجلس الأعلى للقضاء. الدكتور حسام عيسى، وزير التعليم العالى الأسبق، قال إن المنع والاستبعاد ليس قضية عدالة اجتماعية، وإنما قضية دستور للدولة ستطبق مواده أم هو حبر على ورق، وأن "المادة 53 من الدستور تجرم التميز، وبدون الدستور فهذا من حقوق الإنسان، وجزء من مبدأ المساواة أمام القانون" ووجه حديثه للمستبعدين: "إياكم أن تتنازلوا عن حقوقكم، أنتم مش طالبين حسنة.. يا نهار أسود.. إحنا هنرجع لدولة الطوائف". ظلمنا فتظلمنا فزاد ظلمنا "ظلمنا فتظلمنا فزاد ظلمنا" لسان حال 138 استبعدوا من النيابة بسبب عدم حصول والديهم علي مؤهل عال وتم تعيين أبناء القضاة بدلاً منهم ما تسبب في حالة من السخط في الأوساط السياسية فيما وصفوه بأنه عودة إلى "دولة العبيد والمماليك"، محذرين من أنها "قد تفجر شرارة لثورة جديدة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسى". إبراهيم الظهوري المتحدث الإعلامي باسم ال138 عضوًا تساءل خلال مؤتمر صحفي: "هل عدم حصول والد القاضي على مؤهل عالٍ سبب في تأثر حكمه القضائي؟ وهل أبناء الفلاحين والعمال لا يستحقون العمل في القضاء؟". وقال محمد هيكل لسانس حقوق بتقدير جيد جدًا دفعة 2011 وحاصل على ماجستير في القانون الجنائي وأحد المستبعدين، إن هذا القرار قد ظلم أكثر من 138 من وكلاء النيابة المعينين واستبدلهم ب تعيين 84 في منصب النيابة بعضهم من أسر المستشارين وبعضهم كانوا مستبعدين من قبل المستشار محمد ممتاز لأسباب تتعلق بكونهم متهمين في قضايا جنائية مؤكدًا أن أحد الذين تم تعيينهم كان متهمًا بأكثر من 86 قضية جنائية. هيثم الشواف، منسق "تحالف القوى الثورية"، وعضو "جبهة 30يونيو قال: "أنا خدعت ونادم على ثقتي في الرئيس عبد الفتاح السيسي فأنا أفاجئ بأخطاء كثيرة لا يمكن غفرانها وكان ختامها حرمان أبناء الأميين من التعيين في مناصب النيابة". وأضاف الشواف: "لن تنجح معنا حيلة الحنية فلسنا خدمًا ولن تعود دولة المماليك،دولة ونظام بهذا الغباء لن يصمد أكثر من ستة شهور" محذرًا السيسى من الاعتماد على الظهير الشعبى، حيث إنه لم يعرف شعبه على حقيقته فهو قد ينقلب عليه فى لحظة واحدة ففزاعة الإخوان والإرهاب التي يعمل عليها ستبوء بالفشل فهى فزاعة لا تستخدمها إلا البلاد المتخلفة لا شعب عريق كالشعب المصرى، فالرئيس المخلوع حسني مبارك استطاع أن يقضى على أسوأ من ذلك الإرهاب دون الضجة المفتعلة التي تحدث الآن". "كتر خيره إنه اتربى" "كتر خيره إنه اتربى" تصريح أدلى به وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر، عن عدم أحقية أبناء عمال النظافة في التعيين قضاة قائلاً: "القاضي له وضعه الاجتماعي الرفيع، ولا بد أن يستند إلى وسط محترم ماديًا ومعنويًا، وابن عامل النظافة له وظائفه المناسبة له، إن عامل النظافة مشكور لسعيه في تربية ابنه ومساندته حتى يحصل على شهادة رفيعة، ويمكنه أن يوظف ابنه في أي وظيفة أخرى محترمة، لكن ليس من بينها العمل في القضاء مؤكدًا أن القاضي لازم يكون من وسط مناسب وليس "تحت قوى"، نشأة ابن عامل النظافة في بيئة فقيرة لن تجعله مؤهلاً ليكون قاضيًا، وإذا أصبح قاضيًا فسيتعرض لأمراض نفسية تؤثر على عمله ولن يستمر في هذه المهنة". شحاتة المقدس نقيب الزبالين قال في تصريحات خاصة ل"المصريون": "أنا علشان رجل مؤدب ما ردتش على وزير العدل بأسلوبه"، مؤكدًا أنه ينتظر من وزارة العدل أن تظهر حسن نيتها تجاه المواطنين الغلابة ويتم تعيين أبنائهم في النيابة والقضاء مشيرًا إلي أن الرئيس السيسي صرح بأنه لن يتدخل في أحكام القضاء ولكن يجب عليه أن يتدخل في تعيينات القضاة حتى يضمن العدل متسائلا: "أين الرئيس من تصريحات وزير العدل".