نقيب الأطباء الأسبق ل"المصريون" - "الماء والهواء والغذاء" ثالوث يقتل الإنسان المصري - الأطباء تعاقدوا مع معامل التحاليل والأشعة والصيدليات على حساب المريض.. و46 جنيهًا لخريجى الطب لن تصلح حال الصحة - المستشفيات المصرية لا تحتاج سوى 3500 طبيب سنويًا.. وكليات الطب تقدم 15 ألفًا بدون تدريب حقيقي - الأغذية المصرية المعدلة وراثيًا ستصيب المصريين بالسرطان.. وطالبنا الحكومة بتأسيس هيئة للغذاء والدواء - 65% من الإنفاق الصحى من جيوب الشعب المصري.. وتدنى رواتب الأطباء والممرضين وغياب التدريب يجعلهم يخطئون - الصحة المصرية تعيش أسوأ أيامها.. و3% من الموازنة العامة لا تكفى ميزانية علاج 90 مليون مصري
أكد الدكتور حمدى السيد، نقيب الأطباء الأسبق، أن "الماء والهواء والغذاء" أضحى ثالوثا اتفق لقتل الإنسان المصري، وأن مياه النيل الممزوجة بكل أنواع الصرف الصحى والهواء الملوث بأدخنة المصانع والأغذية المعدلة وراثيا تصيب المصريين بالسرطان، مبينًا أنه طالب كثيرًا الحكومة المصرية ووزارة الصحة بأهمية تأسيس هيئة قومية ووطنية للغذاء والدواء.
وأوضح السيد فى حواره مع "المصريون" أن الصحة المصرية تعيش أسوأ أيامها، وأن الطبيب انشغل بالسمسرة فى آلام المرضى بالاتفاق مع المعامل والتحاليل والأشعة والصيدليات على حساب المريض نفسه، مشيرا إلى أن قطاع الصحة يعانى من أزمة ميزانية، وأن 3% من الموازنة العامة لا تكفى ميزانية علاج 90 مليون مصري. وقال نقيب الأطباء الأسبق، إن المستشفيات المصرية لا تحتاج سوى 3500 طبيب سنويًا، وإن كليات الطب تقدم للسوق المصرية 15 ألفًا بدون تدريب حقيقي، مؤكدًا فى الوقت نفسه أن تدنى رواتب الأطباء والممرضين وغياب التدريب يجعلهم يخطئون، وإن 46 جنيهًا لخريجى الطب لن تصلح حال الصحة. وإلى نص الحوار..
**بداية.. لا يمر يوم إلا ونسمع عن حالة الإهمال والتدنى الصحي.. فكيف ترى حال الصحة فى مصر اليوم؟ للأسف الصحة فى مصر فى أسوأ حالتها، فرغم حالة التقدم النوعى فى مستوى العلاج والوقاية، ولكن يجب أن نعترف أن الوضع الصحى فى مصر لا يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة، فرغم أن عدد الأطباء المصريين بالنسبة للسكان قريب من النسب الغربية، إلا أن الإنفاق الصحى متواضع، فبعض الدول تنفق 15% من الموازنة العامة للدولة على الصحة، أما الإنفاق فى مصر فلا يتعدى 3% فقط، وللأسف 65% من الإنفاق الصحى فى مصر يأتى من جيوب الناس، وفى الدول المتقدمة لا يزيد إنفاق المواطن على الصحة عن 30% فقط. ** الصحة ليست طبيبًا ومستشفى أجهزة فقط هل تعتقد أن العوامل المحيطة بالمواطن مصرى أدت إلى تدهور صحته؟ "الماء والهواء والغذاء".. ثلاثة عوامل شكلت ثالوثًا لقتل المواطن المصري، انظرى جيدًا إلى المرافق العامة، هناك مناطق كثيرة لا تصل لها المياه النظيفة، حتى نهر النيل الذى كنا نشرب منه يساء إليه إساءات بالغة، فأغلب المصارف الزراعية والصناعية والمنزلية والحيوانات النافقة تلقى فى مجراه، كما أن التلوث البيئى وتجمع الحشرات والميكروبات وتلوث الطعام والهواء والمياه، كل ذلك يؤثر على الصحة العامة ويوضع على فاتورة الصحة، فمسئول الصحة لا يحاسب على الأطباء والمستشفيات والدواء فقط، وإنما يحاسبونه على أشياء خارجة عن إرادته. ** هل تعتقد أن النظام التعليمى له دور فى تلك المأساة الصحية؟ بالطبع.. فالسيدات اللاتى يعتبرن عصب الصحة المصرية أكثر من 60% منهن يعانين الأمية ولا يعرفون القراءة أو الكتابة ومن الصعب التواصل معهم، كما أن 40% من الرجال لا يعرفون القراءة والكتابة، فعدم الثقافة والوعى وعدم وصول المعلومة الصحية للمواطن المصرى تؤثر فى حالته الصحية، فهذه مشكله تواجه مراكز الصحة. ** هذا لا يمنع أن حال المؤسسات العلاجية لا يرتقى لمستوى الأزمة؟ هذا صحيح.. فالمستشفيات الحكومية تعيش أسوأ حالتها، والأطباء إنتاجهم ضعيف لأسباب تتعلق بالإدارة وبضعف المرتبات أو بعدم التدريب بعد التخرج لكى يواجهوا المشاكل الصحية الموجودة، بالإضافة إلى قلة أعضاء التمريض المؤهل رغم وجود 18 جامعة حكومية و26 جامعة خاصة لا يوجد قسم للتمريض. ** ألا ترى أن البنية التحتية فى مصر فى حاجة إلى إعادة تأهيل؟ البنية التحتية من مستشفيات حكومية وخاصة وعيادات ووحدات صحية أعتقد أنها مقبولة لعلاج 49 مليون مريض مصري، وإن كان بعضها يحتاج إلى تطوير، وإضافة المئات من الأسرة، خاصة فى الرعاية المركزة وغيرها، وقد تمكنت تلك المستشفيات والإمكانيات من هزيمة الكثير من الأمراض المستوطنة كالبلهارسيا والملاريا والجدرى والحمى الصفراء، فالبنية التحتية فى قطاع الصحة جيدة، ولكن ينقصها الإنفاق، فمرتبات الممرضين والأطباء والعاملين بالصحة متواضعة جدًا. ** دللت على تطور الصحة بالقضاء على أمراض كثيرة ونسيت أن أمراضًا أخطر بدأت فى الظهور كالسرطان والفشل الكلوى والكبدى والسكرى وهى أمراض مزمنة وصلت إلى أرقام فلكية؟ لم نصل بعد إلى مرحلة الخطر فى أمراض السرطان، ويمكن مقاومته لوجود مسبباته فى البيئة، فالبلهارسيا كانت سببًا رئيسيًا لسرطانات المثانة والكبد، ولكن عندما خفضنا البلهارسيا إلى 5% انخفضت سرطانات المثانة، والحالات المصابة حديثا بسبب التدخين الذى يؤدى إلى مشاكل القلب والذبحات الصدرية والشرايين، بالإضافة إلى سرطان الرئة والحنجرة، فالتدخين هو القاتل الأول بأمراض القلب والسرطان، أيضًا الفيروسات الكبدية ففيروسى "بى وسي" يصيبا الكبد ويحطما خلاياه ثم يتليف فتنمو خلايا جديدة، وقد تكون الخلايا الجديدة خلايا متوحشة فتهاجم الكبد وتكون خلايا سرطانية، أما أنفلونزا الطيور فرغم أنه فيروس مستورد ولكنه تمكن من الاستيطان على الأراضى المصرية لسوء مواجهته فتحول إلى وباء. ** عدد كبير من الأطباء أكدوا أن الأطعمة التى يتناولها المصريون فيها سم قاتل وتصيب بالعشرات من الأمراض المزمنة....؟ مقاطعًا.. لقد بح صوتنا كثيرًا وطالبنا وزارة الصحة والزراعة بضرورة أن يكون هناك هيئة مراقبة للأغذية والدواء مثل النظامين الأمريكى والسعودي، للتأكد من سلامه الأغذية، فهناك المبيدات المسرطنة التى اقتحمت الأراضى المصرية، والبذور والتقاوى المهندسة وراثيًا التى تأتى 60% منها من إسرائيل، والكثير من الباحثين أكدوا أنها تؤدى إلى ظهور أنواع من البكتيريا والفيروسات والأمراض الجديدة التى لا نعلم عنها شيئًا، لأن الأطعمة المهندسة وراثيا تختلط مع الميكروبات الموجودة فى بطن الإنسان وتتبادل الجينات الوراثية. ** رغم أن الطبيب المصرى له تاريخ وشهرة عالمية إلا أن سمعته فى السنوات الأخيرة تراجعت.. كيف ترى ذلك؟
تلك هى الإشكالية الحقيقية، وحاولنا أن نواجهها فى السنوات الأخيرة، وأعتقد أن هذا الموقف يأتى لزيادة أعداد خريجى طلاب الطب، ففى الدول الغربية نادرا ما تجد كلية طب تقبل أكثر من 120 طالبًا فى الدفعة، وهذا العام كليات الطب فى مصر استقبلت 10 آلاف طالب فى الجامعات الحكومية، وألفى طالب فى جامعة الأزهر، بالإضافة إلى ألف طالب فى جامعات خاصة، أى حوالى 13 ألفًا فى 21 كلية طب، وهذا الكم الهائل يواجه مشكلة كبيرة فى التعليم والتدريب، فكيف يتعلم 200 طالب على مريض واحد، وكنا قد أجرينا دراسة شاملة ووجدنا أن المستشفيات المصرية لا تحتاج سوى 3500 طبيب سنويًا فقط. ** ورغم ذلك الكثير من المستشفيات لا تجد طبيبًا؟ تقصدين الوحدات الصحية والمستشفيات الريفية أو الإقليمية، فأكثر من 58% من خريجى الطب من البنات، والكثيرات منهن لا تقبل الذهاب إلى القرى والنجوع، كما أن رواتب الطبيب المنتدب فى أول حياته لا يتعدى 46 جنيهًا، فكيف سيوافق على الذهاب إلى هناك، وكثيرًا ما تقدمنا بطلبات رسمية لتحفيز خريجى الطب برواتب كبيرة نوعًا ما، حتى تكون كبدل للغربة كما يحدث فى بعثات إفريقيا الوسطى وغيرها ويتكالب عليها الأطباء. ** تحدثت عن أهمية التدريب بالنسبة للطبيب...؟ بالطبع.. وهى تساوى تطوير حالة الصحة فى مصر، فالطب يتقدم طوال الوقت، والأمراض يعاد تشكيلها من جديد، فهل خريج الطب سيعيش بما تعلمه فى الكلية، بالطبع لا، لذلك يجب أن يكون هناك تعليم وتدريب مستمر، وقد قدمنا بالفعل مشروع قانون بتدريب الأطباء كل خمس سنوات، ولكن القانون لم يخرج للنور. ** وماذا عن أخلاقيات المهنة؟ للأسف أخلاقيات المهنة تدهورت لضعف المرتبات والأجور، فلجأ الأطباء إلى التدليس والتعاقد مع معامل التحاليل والأشعة والصيدليات، فأصبح الطبيب سمسارًا فى آلام المرضي، وقد عدلنا قانون محاسبة الأطباء فى النقابة، ولكننا نطالب بهيئة مستقلة لمعاقبة الطبيب المخالف، لذلك قمت بتعديل قانون النقابة، فجعلت لجنة التحقيق مكونة من أربعة أحدهما نائب رئيس مجلس الدولة، وطبيبين أحدهما يمثل النقابة، وعضو يمثل المجتمع يرشحه وزير العدل، للحفاظ على حق المريض.