اقترب الإسلاميون في مصر من الفوز بأكبر كتلة في البرلمان الذي سيقوم بدور رئيسي في صياغة دستور جديد للبلاد بعد حكم شمولي دام عشرات السنين، وذلك وفقا للأجواء التي شهدها اليوم الأول من الجولة الثانية للانتخابات التشريعية التي تجرى على ثلاث مراحل. فمنذ صباح اليوم الخميس استأنفت اللجان الانتخابية في المحافظات التسع التي تجرى فيها عمليات الاقتراع للمرحلة الثانية وهي الجيزة وبنى سويف وسوهاج وأسوان والسويس والإسماعيلية والمنوفية والشرقية والبحيرة، والتي تستمر حتى الساعة السابعة مساءً. وعلى العكس فلم يكن إقبال المواطنين في ثاني أيام المرحلة الثانية على اللجان الفرعية للإدلاء بأصواتهم كيوم أمس الذي شهد حضورا كثيفا خاصة من قبل النساء التي امتدت طوابيرهن لعشرات أمتار في لجان عديدة خاصة في محافظة الجيزة. و لليوم الثاني شهد عدد من الدوائر بعض تجاوزات و انتهاكات من أبرزها اتهام القضاة بالتسويد والعنف في بعض اللجان وتبادل إطلاق أعيرة نارية وطرد بعض المراقبين، وذلك فقا ل السيد بكرى دردير، مدير منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان. كما تم إغلاق عدد كبير من اللجان الانتخابية في المحافظات التسع التي تجري فيها الانتخابات، أبوابها أمام الناخبين، وهو ما أثار اشتباكات بالألفاظ والأيدي بين الناخبين من جانب والقضاة المشرفون على الانتخابات وضباط الجيش والشرطة من جانب آخر، بالإضافة إلى استمرار كسر فترة الصمت الانتخابي وتورط مرشحي الأحزاب والمستقلين في الدعاية خارج وداخل اللجان. ويبدوا أن الأحزاب الإسلامية ستواصل نجاحها في الجولة الثانية من الانتخابات، ويواصل الليبراليون انتكاساتهم، خاصة أن المرحلة الثانية تجري في مناطق ريفية معروفة بتدينها الشديد. فالناس في هذه المناطق تسعى لأن يكون البديل المحتمل لنظام الرئيس السابق حسني مبارك هو الإسلاميون، الذين حصدوا أغلبية مقاعد الجولة الأولى، ويتوقع الكثيرون أن يواصلوا نجاحاتهم في الجولة الثانية والثالثة. أما الكتلة الليبرالية المصرية والتي حصدت 9% من المقاعد في الجولة الأولى، وتتطلع لزيادة حصتها وتعهدت بتعزيز وجودها قرب مراكز الاقتراع، فلن تستطيع فعل الكثير ولن تحصد المزيد من الأصوات. صحيفة "الحرية والعدالة" التابعة للحزب المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين من جانبها أكدت أنه وفقا لاستطلاعات أمس فإن حزب الحرية والعدالة تصدر المشهد أمس وكذلك حزب النور "السلفي" فيما كانت المفاجئة في ظهور "الوفد" خلال هذه المرحلة وتراجع الكتلة المصرية التي يسيطر عليها الليبراليون. تجدر الإشارة إلى أن عدد من يحق لهم التصويت في انتخابات المرحلة الثانية من الانتخابات 18 مليونا و82 ألفا و394 ناخبا، موزعين على 4589 مركزا انتخابيا، بإجمالي 10 آلاف و922 مقرا انتخابيا، وسيدلون بأصواتهم في 20 ألفا و19 لجنة فرعية، يشرف عليها 10 آلاف و922 قاضيا ، إضافة إلى ما يقرب من 2000 قاض (احتياطي) من أعضاء الهيئات القضائية . وتجرى انتخابات هذه المرحلة لاختيار 156 نائبا بعد قرار اللجنة العليا للانتخابات بتأجيل انتخابات القوائم في 3 دوائر للقوائم بالجيزة وسوهاج والمنوفية،حيث يتم اختيار 60 نائبا للمقاعد الفردية في 30 دائرة و96 نائبا للقوائم الحزبية في 12 دائرة انتخابية. وهذه الانتخابات البرلمانية، التي تجرى على مدى ستة أسابيع، هي أول انتخابات حرة بعد سلسلة من الانتخابات التي كان يجري تزويرها خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك والذي أطاحت به انتفاضة شعبية في فبراير بعد نحو 30 عاما من الحكم. وستكون المهمة الرئيسية لهذا البرلمان اختيار جمعية تأسيسية مؤلفة من 100 فرد لصياغة الدستور الجديد الذي سيحدد سلطات الرئيس وصلاحيات البرلمان في مصر ما بعد مبارك. وبالنسبة للمواطنين المصريين تتمثل أهمية الحدث في أنهم يشاركون في انتخابات نتيجتها ليست معدة سلفا قبل عملية الاقتراع كما كان الحال سابقا، حيث كان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في عهد مبارك يحقق انتصارا كاسحا في إطار انتخابات مليئة بالتجاوزات.