أُسس الوفد بقرار من سعد زغلول عام 1918 حينما شكل وفدًا مصريًا للسفر إلى لندن بقيادته وأطلق عليه "الوفد المصري"، ومحاولة منه لإثبات صفته التمثيلية قام بجمع توقيعات من أصحاب الشأن وأصبح الحزب حزبًا للأغلبية في ذلك الوقت. واستمر الوفد حزبا حاكما قبل قيام ثورة 23 يوليو 52 وبعدها تم حل جميع الأحزاب السياسية بما فيها الوفد، وتوقف نشاط الحزب فترة ثم عاد في عهد الرئيس محمد أنور السادات، والذى سمح بالتعددية الحزبية على يد فؤاد سراج الدين وحمل الحزب اسم الوفد الجديد. وبدأ عهد السادات متبنيًا فكرة السماح بالتعددية الحزبية خصوصا بعدما شهدت مصر تجربة الحزب الواحد، فشكل السادات حزب مصر العربي الاشتراكي ليصبح الحزب الحاكم وتوالى تأسيس الأحزاب الأخرى، وبذلك وجد فؤاد سراج الدين من ذلك فرصة لعودة الوفد لممارسة نشاطه. وأثار قرار سراج بعودة الوفد، استياء السادات وأجهزة الدولة الذين رفضوا عودة الحزب باعتباره جزءًا من النظام القديم، إلا أن الحزب حصل على موافقة لجنة الأحزاب لعودته لكنه استمر مضطهدًا من قبل الحكومة ومع استمرار الاضطهاد شعر قادة الحزب بضرورة تجميد عمله فترة، وعقب اغتيال السادات وتولي مبارك رئاسة مصر أطلق مبارك سراح المعتقلين السياسيين، وانتهز الوفد الفرصة وأعلن عودته. واعترضت هيئة قضايا الدولة على ذلك ورفعت دعوى تقضي بعدم جواز عودته، إلا أن المحكمة رفضت دعوى الحكومة وحكمت بعودته عام 1984، وانتخب نعمان جمعة رئيسا للحزب عقب وفاة فؤاد سراج الدين 9 أغسطس 2000، والذى استمر حتى إبريل 2006، وذلك عندما حدثت صراعات داخل الحزب وانقسم إلى جبهتين واحدة مؤيدة لنعمان جمعة والأخرى مؤيدة لمحمود أباظة. وانتهى الصراع بالتمرد على نعمان جمعة وانتخاب محمود أباظة رئيسًا له، وعقب ذلك اقتحام أنصار جمعة للحزب مطلقين النار، وتم إصابة 9 من الوفديين وصحفيين وعرف بحادث حريق الوفد إلى أن صدر قرار بفصل جمعة من عضوية الوفد. واستمرت رئاسة محمود أباظة لحزب الوفد 4 سنوات، وخلفه عبر الانتخابات، السيد البدوي، رئيس الحزب حتى الآن، كما شهد الحزب في عهده مساحة من الاستقرار النسبي للوفد وحالة من الخمول في الشارع المصري، تمثلت في قلة عدد النواب الذين نجحوا من حزب الوفد في انتخابات 2005. وتولى البدوي رئاسة حزب قبيل شهور من ثورة 25 يناير، وعقب الثورة تحالف مع الإخوان لخوض الانتخابات، إلا أنه انسحب قبل الانتخابات لخلافات على نسب المرشحين للبرلمان، وحصل حزب الوفد على 8% من مقاعد مجلس الشعب بعد الثورة، وقبيل 30 يونيو، انضم الحزب إلى جبهة الإنقاذ المعارضة للرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي سقط في 3 يوليو 2013. بينما يستعد الحزب لخوض الانتخابات البرلمانية، عبر قائمة في حب مصر، وبالتحالف على المقاعد الفردي مع أحزاب "المصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية والمحافظين والوعي"، وشهد الحزب العديد من الصراعات الداخلية التي كادت تطيح بتاريخه الطويل والمتمثلة في الأنباء بانتهاء الوديعة المالية للحزب وأزمة مالية تسمح بظهور أزمة خروج بهاء أبو شقة، سكرتير عام الحزب، من سفينة البدوي وتجعله يطالب إما بحل الأزمة أو تقديم الاستقالة، وأثار قرار السيد البدوي بتجميد عضوية 14 من الحزب استياء أعضائه ومطالباته في تقديم الاستقالة، ورغم محاولات الرئاسة في حل الأزمة إلا أن الأزمة مازالت قائمة. وهذا الأمر دفع الأعضاء المفصولين لإنشاء جبهة تيار إصلاح الوفد لتحدي البدوي والوقوف ضده، منتهزين البلاغات المقدمة ضده بشأن وجود شيكات بدون رصيد وأنباء عن أزمات بشأن فضائح جنسية من أعضاء داخل الحزب لإشاعة عدم قدرته على السيطرة للحزب والإساءة له وهذه الأزمات بالطبع ستضعف موقف الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة، حيث يكون مشغولاً بحل أزماته الداخلية عن الاهتمام بالتركيز في الانتخابات. وفي هذا السياق، أكد الدكتور عمرو ربيع، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن الوفد في الفترة الحالية شهد العديد من الأزمات التي كادت أن تنهى تاريخه والتي ستظل قائمة في حزب الوفد ما لم توجد ديمقراطية داخله وبين أعضائه, مضيفًا أن هذه الأزمة سوف تنتهي في حالة اتخاذ بعض الخطوات المتمثلة في إلغاء اللائحة الخاصة بالتعيين داخل الحزب, ووجود رقابة على الموازنة العامة للحزب, ولا يكون رئيس الحزب رجل أعمال. فيما قال فؤاد بدراوى، عضو «تيار الإصلاح» بحزب الوفد وسكرتير عام الحزب السابق، إن الوفد مر بأزمات كثيرة على مدار التاريخ بداية من حدوث انشقاق داخل الحزب في عهد مصطفى النحاس بعد وفاة سعد زغلول, وصولاً للأزمة الأخيرة بين السيد البدوي وجبهة الإصلاح داخل الحزب، ومع كل هذه الأزمات ظل الوفد صامدًا وشامخًا. وأشار بدراوى إلى أن حل هذه الأزمة في يد الطرف الآخر، وأن رئيس الحزب عرض عليهم الحوار والمناقشة من أجل حل هذه الأزمة ولكنه يستمر في المماطلة وافتعال الأزمات للهروب من المشاكل الراهنة.