من عالم التصوير الذي يرى كل شيء بعيون أخرى، إلى غياهب السجن وعتمة الوحدة والانعزال الإجباري، لم يكن يتصور يومًا أن حلمه قد يودي به إلى زنزانة يُنسى عادة من فيها، حتى رسائله من خلف القضبان شبيهة بتلفاز ينقل الصورة بالأبيض والأسود هكذا حال محمود أبو زيد الشهير ب«شوكان» الذي يعتبر اليوم، هو الأول لعامه الثالث في السجن. «المشاركة في المظاهرات، والتحريض على العنف، والإخلال بالسلم العام، والتظاهر، ومقاومة السلطات»، جزء بسيط من الاتهامات الموجهة ل«شوكان»، الذي ذهب لتغطية أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، والذي كان مصورًا آنذاك لصالح وكالة «ديموتكس» الفرنسية. بدايته كانت ببيع صورًا للوكالات والصحف، والتي جمع منها مبلغًا ليشتري كاميرا ويعمل كمصور مستقل، ويعتبر ابن أكاديمية أخبار اليوم، التي كانت أولى الشاهدين على احترافه للتصوير، حتى تدرب في جريدة الأهرام لمدة 6 أشهر، وتحت لقب «صحفي القطعة» كان يرسل أعماله للجرائد المحلية والدولية ووكالات، فهو الصحفي المستقل الحر منذ 2010. وتشهد مجلة «التايم» البريطانية، و«صن» و«بيلد» الألمانية، وأخيرًا وكالة «ديموتكس» للمصورين المستقلين والتي ناشدت السلطات المصرية للإفراج عنه وأرسلت الوكالة خطابًا إلى الجهات المسئولة تؤكد فيه أن شوكان كان يغطي الأحداث لصالح الوكالة وليس مشاركًا فيها، فتوقف حلمه عند باب السجن. وقال في آخر رسالة له من محبسه «اشتقت أن أمسك الكاميرا بيدي»، مضيفًا «اليوم أكمل 700 يوم فى مقابر طرة، وأعتقد أن هنا سيكون مثواي الأخير، أريد أن أبشركم أنى بدأت أعتاد على جسدي الشاحب وبدأت أعتاد المرض، ولا أعرف ما إذا كان ما أشعر به من آلام ناتجة عن الڤيروس اللعين أم الأنيميا». ووجه «شوكان» حديثه إلى النقيب يحيى قلاش، قائلاً: «إلى نقيب الصحفيين يحيى قلاش، هل لك أن تنتشل ما تبقى من روحي من هذه المقبرة؟ إلى الصحفيين المصريين هل لكم أن تنقذوني». ولم تكن تلك الرسالة الأولى له بل اعتاد شوكان أن يرسل عدة رسالة يبرز فيها مدى وحشته للعالم الخارجي والتصوير، فضلاً عن سرده عن حكايات عتمة السجن التي تلتف حوله. ورغم أن «شوكان» كان معه في نفس القضية الصحفي عبدالله الشامي، بل وفي نفس الزنزانة أيضًا لكن تم الإفراج عن الأخير وشوكان لم يتم التحقيق معه بعد. وأكد وكيل نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات، خالد البلشى، في مؤتمر صحفي له أمس، أنه سيتم تقديم بلاغ للنائب العام، باسم «شوكان»، للمطالبة بالإفراج عنه، خاصة بعد تجاوز مدة الحبس الاحتياطى المحددة فى القانون.