"الأيدى القذرة" هو اسم مسرحية شهيرة لجان بول سارتر الفيلسوف الفرنسى الكبير ، تدور أحداثها فى فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية حول تكليف الحزب الشيوعى الفرنسى أحد كوادره باغتيال زعيم الحزب الاشتراكى الحليف الرئيسى للحزب الشيوعى لاتخاذه قرارًا لا يرضى عنه الرفاق فى الاتحاد السوفيتى . وبالفعل ينفذ الكادر مهمته ويقتل الزعيم الاشتراكى ويسجن ، ليفاجأ بعد خروجه من السجن ، أن الحزب الشيوعى قد قرر انتهاج السياسة نفسها التى انتهجها الزعيم الاشتراكى وقتلوه من أجلها ، لأن الرفاق السوفييت قد غيروا رأيهم وتغيرت مصالحهم . عن هؤلاء كتب سارتر روايته ، عن هذا الصنف من السياسيين المتخفى وراء أفكار مثالية ولكنهم ليسوا سوى أداة لتنفيذ مصالح دول أو قوى خارجية وسماهم الأيدى القذرة . *** اأما عن سبب الاستدلال برواية سارتر هنا فلقد جاء كمقدمة للتعليق على دعوة المهندس نجيب ساويرس عبر قناة سى بى سى نيوز الكندية للحكومات الغربية بالتدخل للضغط على الإدارة المصرية للحيلولة دون قيام نظام دينى . وكان بعض الأصدقاء قد أرسلوا لى فيديو لهذا اللقاء منذ عدة أيام ، ولكننى لم أتحمس لمشاهدته لشكى بأن هناك سوء فهم ما ، وتربص طائفى كريه بساويرس . ولكن مع زيادة الحملة ، قررت أن أشاهد الفيديو لأتأكد بنفسى ، وصدمت مثل الآخرين من فجاجة بعض ما ورد فيه والذى أنقل لكم نصه فيما يلى : م/نجيب : أنا أطالب الغرب بأن يلعب دورًا استباقيًا ولا يتركنا فى هذا الزخم وإلا سيتسرب تأثيره إليهم المذيع : ما طبيعة هذا الدور الاستباقى؟ ماذا عليهم أن يفعلوا ؟ م/نجيب : أن يذهبوا إلى الذين يحكمون البلاد الآن ليقولوا لهم لن نسمح بقيام نظام دينى ، لن نسمح بتعامل غير عادل مع الاقليات ، لن نسمح بمخالفة القانون والعدالة ، يجب أن تحقق بلادكم الولاء لمبادئ الأممالمتحدة ، مبادئ حقوق الانسان ، وأى حيدة عن هذا سيدفعنا للتدخل. المذيع : ماذا يقولون عندما تطلب منهم ذلك وأنا أعلم انك تخاطب الحكومات ، الحكومات الغربية. م/نجيب : لا يقولون أى شىء ولا يفعلون أى شىء. المذيع : كم من الوقت تبقى لدينا لكى نفعل شىء ؟ م/نجيب : لم يتبق الكثير من الوقت ، وقت قليل جدا ، أنا لا أقول لهم اذهبوا وهاتوا جيوشكم الآن وتدخلوا . أقول لهم كونوا مبادرين ، تحتاجوا أن تراقبوا الموقف وتحاولوا أن تساعدوا تلك البلاد فى أن تنهض بشكل ديمقراطى لا أن تتركوها تنجرف . المساواة وحرية التعبير والحق فى العمل طالما تتوفر الكفاءة بلا تمييز على أساس الدين ، نحن لا نطلب المعجزات . *** مشكلة الحديث بالطبع ليست فى رفضه القاطع لوجود نظام دينى فى مصر ، فهذا رأيه وبرنامجه الذى من حقه أن يناضل من أجله داخل مصر حزبيا وبرلمانيا وإعلاميا إلى آخر مدى ، والذى قد يكون محل اتفاق مع آخرين . ولكن سقطة الحديث تتمثل فى مطالبته الصريحة للحكومات الغربية بالتدخل الصريح والسافر والفورى فى الشئون المصرية بما يخالف أبسط مبادئ السيادة الوطنية . *** ولذا أرجو من أعضاء حزب المصريين الاحرار ومن أعضاء الكتلة المصرية ومن كل القوى الليبرالية التى تتخذ من ساويرس حليفًا لها ، بل أرجو من كل العاملين والموظفين فى شركات اوراسكوم ، بصفتهم جميعا مواطنون مصريون شرفاء أن يبادروا قبل غيرهم برفض هذه التصريحات وأن يؤكدوا رفض وإدانة أى تدخل أجنبى فى الشأن المصرى . ***** [email protected]