عزا خبراء مصريون الفوز الكبير الذى حققه الإسلاميون فى انتخابات الجولة الأولى، إلى اضطهاد مبارك لهم من جهة وإلى دعم الكنيسة للتيارات العلمانية والليبرالية من جهة أخرى، حيث أدلى الناخبون بأصواتهم لحزبى النور والحرية والعدالة تعاطفًا معهم وردًا على التصويت الطائفى للكنيسة لصالح التيارات المتصادمة مع الحالة الإسلامية عمومًا. وفى هذا الإطار، قال الخبير الإعلامى الدكتور حمزة سعد، أستاذ الإعلام السياسى بكلية الإعلام بجامعة القاهرة والأستاذ بقسم الإعلام والاتصال، فى جامعة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، إن "نتائج المرحلة الأولى لم تكن مفاجئة، كما يتصوّر البعض، وإنما هى نتيجة منطِقية لمن يقرأ المشهد السياسى المصرى بموضوعية فى السنوات الأخيرة، وذلك لأن الإخوان، الجماعة الأكثر تنظيمًا والأكثر اتصالًا بالجماهير والأكثر وجودًا على أرض الواقع، كما أن التيارات الأخرى لم تستعِد جيدًا للانتخابات وتحتاج إلى وقت ليْس بالقصير، لتكون قريبة من الجماهير، فضلًا عن أن استخدام البُعد الدِّينى جاء فى صالح الإسلاميين، عكْس القوى الليبرالية التى أُضيرت جراء ذلك". وقال سعد فى حديث خاص ل swissinfo.ch "بعد الدِّعاية التى قامت بها الكنيسة، فضَّل المسلمون أن يعطوا أصواتهم للأحزاب الإسلامية (النور والأصالة والحرية والعدالة) فى مقابل (الكتلة)، التى تؤيِّدها الكنيسة"، مشيرًا إلى أن "اضطهاد النظام السابق للإسلاميين، أحد أهم أسباب تعاطُف الشعب معهم، ومن ثمَّ زيادة شعبيتهم". وعن دلالات هذه النتائج، أوضح الدكتور حمزة سعد أن "ثورة 25 يناير، نقطة تحوّل جوهرية فى تاريخ مصر الحديث، وليس أدلّ على ذلك من اقتراب التيار الإسلامى من الوصول إلى زِمام الحُكم أو التحكُّم فى من سيأتى على رأس الحُكم، وهو التيار الذى حورب على مدار تاريخه، كما أن الإسلاميين (خصوصًا الإخوان)، ما زالوا الأقوى على الساحة، بفضل خِبرتهم الطويلة فى العمل السياسى والتى اكتسبوها منذ ثورة 1952". فى سياق متصل، بيَّن الباحث السياسى أحمد تهامى، الخبير بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن "تحالف (الكتلة المصرية)، التى تمثل الاتجاه الليبرالى الجديد، ويقوده حزب "المصريين الأحرار"، نجح فى إثبات وجوده كقوّة سياسية مهمّة، وتراوح بين المركز الثانى والثالث فى كثير من الأحيان. لكنه اعتمد فى قواعده الاجتماعية على تأييد الطبقات الميْسورة وشِبه الميسورة والأكثر ليبرالية وحداثة"، موضحًا أنه "لم ينجح فى الوصول إلى عُمق الواقع المصرى، إلا من خلال تأييد الكنيسة وحثِّها الأقباط على التصويت له، خوفًا من اتِّساع نفوذ الإسلاميين، ويقوم خطابه فى الأساس على التحذير من الخطر الإسلامى على هوية الدولة ومستقبلها". وفى إشارة إلى شباب الثورة، قال المحلل السياسى أحمد تهامى: "راهَنَت حركات الشباب على الخيار الثورى والاستمرار فى الميدان، وحاولت أن تشارك فى العملية الانتخابية من خلال تحالُف (الثورة مستمرَّة)، ولكن هذا التحالف الفضفاض، الذى يضُم قوى أيديولوجية مختلفة ولا يتمتع بدعم مادّى قوى، لم يحقِّق النجاح المتوقع، وأدّى التردّد والتأرجح بين الاستمرار فى الميدان أو اللجوء لصناديق الانتخابات، إلى كثير من الاضطراب فى المواقف، والتى أدّت إلى إعلان الناشطة أسماء محفوظ انسحابها من الانتخابات، ثم تراجُعها بعد ذلك". ويختتم تهامى بالقول، إنه "ربّما كان أفضل تمثيل للشباب، هو وضعهم على رأس بعض قوائم الانتخابات، خصوصًا (الكتلة المصرية)، وهو ما أدى إلى نجاح اثنين من ائتلاف شباب الثورة، هما زياد العليمى وباسم كامل، فى حين يخوض مصطفى النجار من حزب العدل، الإعادة فى مدينة نصر، ولم ينجح محمد الجبة على قوائم (الحرية والعدالة) فى دمياط، نظرًا لنجاح (النور) السلفى فى سحب الكثير من مقاعد (الحرية والعدالة)".